يُعد المهاجم الفرنسي كيليان مبابي أحد أفضل لاعبي كرة القدم في العالم. أداء ثابت ومساهمات غزيرة، محلياً ودولياً، كل ذلك جعل لاعب باريس سان جيرمان مرشحاً فوق العادة لحصد الكرة الذهبية.ومنذ انتقاله من موناكو إلى «بي أس جيه» موسم 2018-2019 مقابل 180 مليون يورو تبعاً لموقع «Transfermarkt»، لفت مبابي الأنظار بسرعته الفائقة وفعاليته غير العادية أمام المرمى.
تطوّر اللاعب بعدها ليصل إلى ما هو عليه الآن. ابن الـ25 عاماً لم يعد موهبة صاعدة. أصبح مع توالي السنوات وجهاً للكرة الفرنسية، ومطلباً لأكبر أندية كرة القدم في العالم.
لضمان استمراره بين أسوار «حديقة الأمراء»، حصل مبابي على حوافز تفوق استثنائية موهبته حتى. مع ذلك، لم تكن الأموال كافية للحفاظ على الجوهرة الفرنسية في باريس سان جيرمان، ولا حتى الصلاحيات التي امتلكها، والتي فاقت أحياناً صلاحيات المدير الرياضي للنادي الباريسي!
ببساطة، «ختمَ» مبابي كرة القدم في فرنسا على صعيد الإنجازات الفردية. أحلام دوري أبطال أوروبا «الوردية» لم تعد تحفّز الهدّاف التاريخي لباريس سان جيرمان على البقاء، إذ يرغب مبابي بالذهاب إلى وجهة أخرى تتوافق مع تطلعاته بتتويجٍ حقيقي.
وترٌ لعبَ عليه رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز لسنوات، ويبدو أن مساعيه جاءت بنتائجها أخيراً.
ستكون لرحيل مبابي المحتمل إلى ريال مدريد تبعات متباينة على الدورييْن الفرنسي والإسباني


سبق أن دخل مبابي في مفاوضاتٍ شبه متتالية مع ريال مدريد للانتقال عامي 2019 و2021، وحتى في 2022 حاوَل بيريز التعاقد معه، لكنّ مسعاه جوبه بالرفض. في عام 2023، ضجّ الوسط الرياضي بأخبار حسم الصفقة، ليكذّب مبابي الأخبار حينها عبر منصة «X».
وبعد محاولاتٍ متتالية، يبدو أن النتيجة سوف تأتي أخيراً بما يرضي «الميرنغي». بحسب الصحافي الإيطالي فابريزيو رومانو، المختص بأخبار انتقالات لاعبي كرة القدم، أبلغَ مبابي رئيس باريس سان جيرمان، ناصر الخليفي، بأنه سوف يغادر الفريق كصفقة مجانية مع نهاية الموسم. وأخبر مبابي النادي الفرنسي أن قراره نهائي، لذا سيقوم الطرفان بالتفاوض في الأشهر المقبلة لإغلاق ملف رحيله.
وأكّد رومانو على أن باريس سان جيرمان حضّرَ بالفعل الخطة البديلة لشكل الفريق بدون مبابي منذ كانون الثاني، حيث سيتم إبرام ثلاث صفقات كبيرة على الأقل في الصيف. لاعب «سوبر ستار» لاستبدال كيليان في المقدمة، ولاعب وسط مميز إضافةً إلى مدافع من الطراز الأول.
ولفتَ الصحافي الإيطالي «الموثوق» إلى أن «العلاقة بين بيريز ومبابي جيدة جداً»، خاصةً بعد أن اتصل اللاعب شخصياً برئيس ريال مدريد عام 2022 لإبلاغه بقرار رفضه عرض النادي الملكي ورغبته بالبقاء في باريس سان جيرمان، وهو ما قدّره بيريز.
تجدر الإشارة إلى أن الأجر المقدّم من ريال مدريد إلى مبابي هو أقل بكثير من الذي عرضه «الميرينغي» في صيف 2022. وفقاً لرومانو، يريد ريال مدريد من مبابي التوقيع وفقاً لشروط النادي بعد سنواتٍ من السعي غير الناجح. ريال مدريد «يعمل بثقة عالية لإتمام الصفقة، وقدّم بالفعل عقداً لمبابي».

أكثر من مجرد لاعب
ستكون لرحيل مبابي المحتمل إلى ريال مدريد تبعات متباينة على الدورييْن الفرنسي والإسباني. سبق أن انخفضت أسهم «ليغ 1» في «سوق» الكرة الأوروبية خلال السنوات الماضية، لدرجة أن تصنيفه شبه الثابت بين الخمسة الكبار تغيّر قبل أشهر إلى المركز السابع.
هي نتيجة واقعية للدوري المتخبّط منذ أزمة كورونا. للمفارقة، كان الدوري الفرنسي هو الوحيد بين الدوريات الأوروبية الكبرى الذي حسم البطولة حينها بدون استئناف جولات الموسم، وتُوّج المتصدر باريس سان جيرمان باللقب.
ومنذ ذلك الإجراء «العشوائي»، سقط الدوري الفرنسي في سلسلة أزمات، وركّزت فرقه تباعاً على بيع اللاعبين للدوري الإنكليزي تحديداً أملاً بتسوية الدفاتر المحاسبية. إجراءٌ تزامنَ مع اعتماد فرق «ليغ 1» مبدأ استعارة اللاعبين أو التركيز على استقدام الصفقات المجانية لتقليل النفقات.
بقاء لاعبي «النخبة» في الدوري الفرنسي كان بمثابة القشة التي تسند سفينة «ليغ 1» من الغرق أكثر. ومع رحيل مبابي المرتقب، من المرجّح أن يخسر الدوري الفرنسي مزيداً من أسهمه. مقابل ذلك، ستشكّل الصفقة المحتملة لريال مدريد قفزة نوعية، كما أنها سوف تضاهي حقبات «غالاكتيكوس». «الميرنغي» الذي عانى الأمرّين مالياً جراء كورونا، والذي قاد رئيسه مشروع دوري السوبر الأوروبي بهدف زيادة العائدات، سوف يثبت بتوقيعه مع مبابي مقدرته على استقدام النجوم. تباعاً، سوف ترفع صفقة مبابي من أسهم الدوري الإسباني، بعد خسارته الأسماء «الكبيرة» مع رحيل واجهتَي «لا ليغا» سابقاً، الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو.