لا يخفى أن العهد حقق إنجازاً أكبر مما أصابه أخيراً في كأس الاتحاد الآسيوي، وذلك عندما حمل اللقب في عام 2019. لكن بالنظر الى الظروف الحالية التي تعيشها كرة القدم اللبنانية على مختلف المستويات، قد يساوي بلوغ نهائي منطقة غرب آسيا في المسابقة عينها ذاك الإنجاز الضخم والوحيد للعبة على المستوى الدولي.أهمية ما حققه العهد لا تأتي لناحية الكلام التقليدي الذي دأبنا على ذكره، والذي ارتبط غالباً بالتذكير بالوضع العام للبلاد أو بأزمة الملاعب التي تعانيها اللعبة الشعبية، بل إن التأثيرات الإيجابية لما حققه بطل الدوري اللبناني تبدو كثيرة. فما حصل لا بدّ أن يكون له مفاعيل تفرز مرحلةً أفضل، إن كان بالنسبة الى اللاعبين أو الأندية أو المنتخبات، وكل ما له ارتباط مباشر بالكرة اللبنانية.

ارتفاع المعنويات العامة
في الآونة الأخيرة كثُر الكلام عن حالة قهرٍ ترافق اللعبة مع تراكم الخيبات التي اعتُبرت في مكانٍ ما منطقية بالنظر الى الصعوبات الاقتصادية التي ضربت البنية التحتية، ومعها كل شيء يرتبط بكرة القدم فحرمتها بالتالي من مواصلة السير في ركب التطوّر بعدما بلغت قبل 5 أعوام تقريباً حالة استقرار جاءت بعد سنواتٍ عدة من التراكمات المفيدة، وبينها كان المشوار اللافت لمنتخب لبنان في تصفيات كأس العالم 2014 حيث كان قريباً من تحقيق إنجازٍ تاريخي لولا أولئك الذين باعوا الوطن على غفلة.
من هنا، يأتي ما حققه العهد ببلوغه نهائي منطقته في كأس الاتحاد الآسيوي، لينعش كرة القدم عامةً، ويعطيها أملاً بالصمود حتى استقرار الأوضاع كافةً، أقلّه لتعود الأندية والمنتخبات لتلعب على أرضها وتستفيد من دعم جماهيرها.
هذا في الجانب المعنوي الذي يعدّ الى حدٍّ ما أقل أهمية من غيره، ولو أن إنجاز العهد لا بدّ أن يرفع من روح هذا الفريق الذي سجّل نتائج متفاوته في مشواره القاري، ولا بدّ أيضاً أن يحفظ ماء الوجه الفرق اللبنانية التي عانت على مستوى آسيا أخيراً، لا بل إن مجرد إطلاق الناشطين العهداويين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لقب «سيّد الكرة اللبنانية» على فريقهم، سيدفع الأندية الأخرى الى مضاعفة عملها في أول مناسبة خارجية مقبلة ستمثّل فيها لبنان من أجل عدم تخييب ظنّ جمهورها وعدم ظهورها بصورة ضعيفة أمام خصمها الأقوى على الساحة المحلية.
التأثيرات الإيجابية لإنجاز العهد تصيب كل اللاعبين والأندية وحتى المنتخب الوطني


جانب فنّي أهم
وهذه النقطة الأخيرة يمكن وضعها في خانة الجانب الفني الذي يعدّ الأهم، إذ إن التأثيرات والارتدادات الإيجابية تأخذ بعداً مهماً آخر، وهو يعدّ أولوية في الفترة الحالية، ويرتبط تحديداً باللاعبين، وخصوصاً الدوليين منهم الذين آمنوا دائماً بأنه يمكنهم فعل شيء أفضل ممّا فعلوه، وذلك انطلاقاً من ثقةٍ كبيرة بإمكاناتهم الفردية، وقد لمس كل المقرّبين منهم هذا الأمر خلال وجودهم مع منتخب لبنان في نهائيات كأس آسيا الأخيرة في قطر، حيث بدا كأنّ الخيبة أصابتهم، وقد شعر بعضهم كأنّها النهاية بعد رؤية مدى تطوّر المنتخبات الأخرى، ومنها تمثّل بلداناً مجاورة في غرب آسيا.
لذا، فإن هذا الإنجاز سيعيد الى اللاعبين أنفسهم الثقة بأنه في كلّ مرةٍ خرجوا فيها من لبنان يمكنهم العودة بنتائج لافتة، وهذا ينسحب بالدرجة الأولى على المنتخب الوطني الذي يكون العهد الأكثر تمثيلاً فيه عادةً، ويشارك معظم عناصره في كل الخطوط بشكلٍ أساسي، ما يعني أن ظهور اللاعبين على الساحة الدولية في المرة المقبلة سيختلف عمّا كان عليه في ظهورهم الأخير في البطولة القارية، إذ سيدخلون أي مباراةٍ بعقلية الفوز لا بعقليةٍ انهزامية ناتجة من خيباتٍ متراكمة.
أما التأثير الإيجابي الإضافي فهو يرتبط بجمهور اللعبة عامةً، الذي بحث غالباً عن إنجازٍ يتغنّى به ليعتبر أن معشوقته صاحبة إنجازات لا حاملة لقب الأكثر شعبية فقط، والقسم الذي لم ييأس أبداً، رغم الهزائم، يمكنه أن يحرج أولئك المنتقدين بأن كرة القدم قد تعاني لكنها لا تموت أبداً لأنه بالتخطيط الناجح والدقيق الذي قام به العهد، وبالإمكانات الفنيّة للاعبين الذين لو حصلوا دائماً على أقل قدرٍ ممكن من الدعم العام اللازم كالملاعب ورعاية الدولة، لكان بإمكان المستديرة الجماهيرية أن تكون واجهة الرياضة اللبنانية، تماماً كما كانت دائماً حتى تاريخ تركها ساحة الإنجازات الى كرة السلة التي عرفت كيفية الاستفادة من فورةٍ أمّنت لها قوةً مالية مترافقة مع مواهب استثنائية لتخطّ الانتصارات والبطولات.