في أقل من عامين، دفعَ ملّاك تشيلسي الجدد، متمثّلين بالأميركي تود بوهلي ومجموعة كليرليك كابيتال الاستثمارية، أكثر من مليار يورو خلال أسواق الانتقالات.إنفاقٌ ضخم كان كفيلاً، على الورق، بإنشاء فريق يفوق نجومية "غالاكتيكوس" ريال مدريد الأسطوري، غير أن رؤساء تشيلسي فضّلوا اتّباع نهج مغاير تماماً.
بولي وشركاؤه لم يرغبوا في استقدام النجوم. أرادوا صنعهم، عبر التوقيع مع لاعبين واعدين يخدمون تشيلسي مستقبلاً.
وبعد تخبّطٍ متراكم رفقة المديرين الفنيين السابقين، توماس توخيل وغراهام بوتر تباعاً، وصل تشيلسي إلى أول نهائي له منذ نهاية عهد المالك السابق رومان أبراموفيتش، لكنّ رياح "ويمبلي" لم تسِر بما تشتهيه سفينة المدرب الجديد ماوريسيو بوكيتينو، حيث خسر تشيلسي كأس الرابطة مساء الأحد لصالح ليفربول (1-0).
الهزيمة كانت قاسية بطبيعة الحال للمدرب، الملّاك، اللاعبين والجماهير. ضربة معنوية موجعة ترافقت مع حرمان تشيلسي أيضاً من مشاركة أوروبية، باعتبار أن بطل الكأس يشارك تلقائياً في دوري المؤتمر الأوروبي خلال الموسم المقبل. مع ذلك، "قد" يزيح الإقصاء عن كاهل النادي مساءلات محاسبية هو بغنى عنها.
يحتل تشيلسي المركز الحادي عشر في الدوري حتى الجولة 26 (لعب مباراة أقل)، من دون مشاركته بأي مسابقة أوروبية هذا الموسم. غيابٌ قد ينسحب إلى الموسم المقبل إذا لم يتسلّق النادي سلّم الترتيب.
في الوضع الراهن، يتعيّن على تشيلسي فقط الالتزام بقواعد الربح والاستدامة الخاصة بالدوري الإنكليزي الممتاز (PSR)، والتي تسمح بتسجيل خسائر في دفاتره المحاسبية تصل إلى 105 ملايين جنيه إسترليني على مدار فترة ثلاث سنوات.
وتبعاً للتدقيق المالي الأخير، تبيّن أن تشيلسي يراعي هذه القواعد ولو "بشقّ الأنفس". لكن في حال بلوغه أحد المقاعد الأوروبية، فإن المعادلة سوف تختلف تماماً بالنسبة إلى النادي اللندني.
بحسب "The Athletic"، من شأن عودة تشيلسي إلى منافسات الاتحاد الأوروبي في الموسم المقبل، أن تزيد حجم التحدي، كونها "تُعرّض حسابات النادي لضغوط جديدة كبيرة".
قد يزيح الإقصاء عن كاهل النادي مساءلات محاسبية هو بغنى عنها


لَفَتَ تقرير الموقع الرياضي إلى أنه يجب على جميع المشاركين في دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي أو دوري المؤتمر الأوروبي الالتزام بلوائح ترخيص الأندية والاستدامة المالية (FSR) التابعة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهي القواعد التي حلّت مكان اللعب المالي النظيف (FFP) في صيف عام 2022.
القواعد الجديدة أكثر تقييداً من المتطلبات الخاصة بالدوري الإنكليزي الممتاز. في إنكلترا، يُسمح للأندية بخسارة 105 ملايين جنيه إسترليني على مدى السنوات الثلاث الماضية، ولكن في حال مشاركتها بمسابقات "يويفا" عليها الالتزام بتدوين خسائر تصل إلى 68.5 مليون جنيه إسترليني كحد أقصى عن العامين الماضيين.
لكن هذا ليس هو التأثير المالي الوحيد للعودة إلى منافسات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، حيث إن مكافآت لاعبي تشيلسي المدوّنة في عقودهم (في حال التأهل الأوروبي) كانت ستزيد من الضغوط على الدفاتر المحاسبية للنادي.
والأهم من ذلك هو التأثير على التكلفة المطفئة لصفقات لاعبي تشيلسي التي بلغت 400 مليون جنيه إسترليني في صيف عام 2023. ففي ظل قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بتحديد سقف الإطفاء لمدة أقصاها خمس سنوات بغضّ النظر عن طول العقد، سوف يعاني تشيلسي الأمرّين.
في هذا الإطار، يوضح الخبير المالي لكرة القدم كيران ماغواير: "في حالة مويسيس كايسيدو (الذي وقّع عقداً مدته ثماني سنوات مع تشيلسي بعد انضمامه من برايتون)، فإن إطفاء رسوم نقله (100 مليون جنيه إسترليني) تبلغ 12.5 مليون جنيه إسترليني سنوياً تبعاً للوائح بريميرليغ"، ولكن وفقاً لقواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الجديدة، يجب أن تُوزَّع الـ100 مليون على خمس سنوات كحد أقصى. لذلك، سيبلغ الإطفاء السنوي 20 مليون جنيه إسترليني.
مشاركة تشيلسي المحتملة في إحدى مسابقات "يويفا" القارية تعني ضرورة توفيقه بين مجموعتين مختلفتين من اللوائح المالية. تباعاً، يجب على نادي "البلوز" خفض الحد الأقصى للمبلغ الذي يمكن أن يخسره بمقدار 36.5 مليون جنيه إسترليني (مقارنةً بالقوانين الإنكليزية)، مع زيادة التكلفة المطفئة لإنفاق الانتقالات في صيف 2023 بمقدار 21.5 مليون جنيه إسترليني تقريباً، ما يُعد ضغطاً مالياً كبيراً على دفاتر النادي المحاسبية، خاصةً أن عوائد "يوروبا ليغ" ودوري المؤتمرات (الأقرب إلى واقع تشيلسي) ليست محفّزة بقدر عوائد دوري الأبطال. تجدر الإشارة إلى أن الحلول تبقى موجودة رغم صعوبتها. ففي حال بلوغ تشيلسي إحدى المسابقات الأوروبية في الموسم المقبل، يمكن أن يتوصّل مع "يويفا" إلى اتفاق يقضي بتنفيذ حظر لمدة عام واحد من المنافسة الأوروبية، كما حصل مع ميلان الإيطالي قبل أربع سنوات ونصف سنة. إضافةً إلى ذلك، يمكن لتشيلسي بيع العديد من اللاعبين قبل انتهاء موسم 2023-2024 رسمياً في يونيو/حزيران، وهو نهجٌ يسير عليه "البلوز" سلفاً من خلال إعارة لاعبَيه أرماندو بروخا وإيان ماتسن إلى فولهام ودورتموند توالياً مع إدراج بنود للبيع، ما سيدرّ أرباحاً صافية في الدفاتر المحاسبية باعتبارهما ابنَي الأكاديمية (قد تطاول اللائحة كونور غالاغر في الصيف أيضاً).