ليست صدفة إطلاقاً انتصارات الأنصار هذه الأيام، فهو يتفنّن في تحقيقها، ويرسم خلالها أهدافاً، رسمت بدورها هالة البطل حوله، فالفريق الأخضر سجّل للمباراة الثالثة على التوالي 4 أهداف، وكان الضحية هذه المرّة فريق الصفاء الذي سقط أمامه بنتيجة (1-4)، في افتتاح الجولة الرابعة من سداسية الأوائل في الدوري اللبناني لكرة القدم، والتي لُعبت أمس الخميس. مجموعة عوامل وضعت الأنصار في الصدارة بشكلٍ مؤقت بانتظار قمّة المتصدّر السابق العهد ومطارده النجمة اليوم الجمعة الساعة 15.45 على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب في جونية، حيث قدّم الأنصاريون عرضاً قوياً أوفدوا من خلاله برسالةٍ واضحة إلى الغريم النجمة قبل «الدربي» المرتقب بينهما في الجولة المقبلة.

الثقة والحرية معاً
أبرز هذه العوامل هو الثقة التي يدخل بها هذا الفريق إلى أرض الملعب، والمترافقة مع «حرية في التعبير» أعطاها المدير الفني يوسف الجوهري للاعبيه لناحية عدم تكبيلهم بأدوارٍ محدّدة، مدركاً بكل تأكيد أن الإمكانات الفردية لرجاله يمكنها أن تصنع الفارق في مواجهة أي خصمٍ.
هي مسألة بدت واضحة خلال المباراة أمام الصفاء على سبيل المثال، إذ اعتمد الفريقان على الضغط العالي، فكان الفارق الحاسم هو قدرة الأنصار على الخروج من أي ضغطٍ بسبب حسن تصرّف لاعبيه بالكرة، بينما عانى خصمه في هذا الإطار، فأهدى الكثير من الكرات إلى الأنصاريين الذين كانوا الأكثر استحواذاً وخطورةً على المرمى.
أما العامل الثاني فهو الجرأة في الحالة الهجومية وحيازة «الزعيم» لاعبين يمكنهم القيام بدورٍ مزدوج أي الانغماس في الهجوم إلى جانب تأدية أدوارهم الدفاعية، والمثال الأبرز على هذا الأمر هو ما يقدّمه الثنائي المنسجم إلى أبعد الحدود نادر مطر وعلي طنيش «سيسي»، وخصوصاً الأخير الذي سجّل للمباراة الثالثة على التوالي بعدما وقّع على الهدف الثاني في مرمى الصفاء.
عوامل فردية وجماعية فنيّة خلقت الفارق بين الأنصار وخصومه


بالفعل، نجحت فكرة دمج مطر والسيسي مع حسن معتوق في مثلثٍ خلّاق وخطير في خط الوسط، وخصوصاً في ظل الحرية التي مُنحت للأخير من أجل التنقل بين طرفَي الملعب، وهو ما ضاعف الضغط على الأظهرة الذين يواجهون الأنصار، والذين يرهقهم أصلاً وجود العامل الحاسم الثالث وهو الموهوب محمد حبوس.
الفلسطيني الشاب عاد بقوة بعد فترةٍ مضطربة انتهت باتفاق مُرضٍ له ولإدارة ناديه، فأطل بنسخةٍ أفضل من تلك التي ظهر بها للمرة الأولى في الدوري اللبناني، فسجّل الهدف الأول وأضاف الثالث بشكلٍ رائع، معتمداً على سرعته، وقدراته المهارية في المواجهات الثنائية، وأيضاً حسّه التهديفي المرهف الذي مكّنه من تسجيل 5 أهداف حتى الآن.

اللعب للمجموعة حصراً
كل هذا التوازن الدفاعي - الهجومي التقى مع لعبٍ جماعي من قبل عناصر ناضجين يعرفون معنى وضع إمكاناتهم في خدمة المجموعة، تماماً كما فعل الهدّاف السنغالي الحاج مالك تال الذي اعتاد تلقّي الهدايا من زملائه وترجمتها إلى أهداف، لكنه هذه المرّة وفي ظل الرقابة اللصيقة المفروضة عليه لعب دور الممرّر أكثر من مرّة، فكانت كرته بكعب القدم إلى المصري - الفرنسي عبدالله ياسين تحفة فنية، وقد أنهاها الأخير بحرفنة في الشباك الصفاوية مسجّلاً الهدف الرابع الذي قضى على آمال فريقٍ سعى بكل ما امتلك من قوة إلى العودة في هذا اللقاء، وخصوصاً مع مطلع الشوط الثاني عندما سجّل هدفه الوحيد بواسطة محمد قدوح.
المهم أن الأنظار ستتركّز على الأنصار من الآن وصاعداً، فهو الفريق الذي ظهر الأكثر قوةً في هذه السداسية رغم عدم تصدّره لها قبل يوم أمس، إذ إن الفارق الذي قد يلعب لمصلحته في مواجهة خصومه الأساسيين هو نزعته الهجومية التي مكّنته من تسجيل 12 هدفاً في ثلاث مباريات. وهذا العدد من الأهداف سيمنحه بلا شك شجاعةً كبرى لعدم الانكفاء في مواجهة النجمة والعهد، ما يعني أن على الأخيرين الانجراف في الأسلوب عينه ومن دون تحفّظٍ مبالغ فيه من أجل هزّ المنظومة الأنصارية المتماسكة، والتي تملك عمقاً من خلال وجود بدلاء قادرين على المساعدة في ظروفٍ معيّنة.
لكنّ نقطةً وحيدة يجب على الأنصاريين التنبّه لها، وهي تتمثّل في غياب قلب الدفاع المالياني إيشاكا ديارا عن المباريات بسبب إصابةٍ في ربلة الساق، وهو الذي يملك خبرة خوض المباريات الكبرى، ويستطيع تأمين الحماية الهوائية للحارس المتألق نزيه أسعد الذي يمكن إدراجه ضمن العوامل التي جلبت النجاحات للأنصار في الفترة الأخيرة.
المحطة المقبلة «دربي» بيروت. هنا سيُعرف مدى قوة معدن الفريق الذي استحقّ كل الإشادات أخيراً.