منذ الأسبوع قبل الماضي وامتداداً إلى اليومين الماضيين، تمحور كل الحديث في كرة القدم الانكليزية حول المهاجمين وكيفية تأثيرهم إيجاباً أو سلباً في نتائج فرقهم.هذا الحديث انطلق تحديداً بعد مباراتين معيّنتين، أولاهما تلك التي جمعت بين مانشستر سيتي ولوتون في كأس إنكلترا وانتهت بفوزٍ ساحق لبطل الدوري الإنكليزي (6-2)؛ بينها خماسية للنجم النروجي إيرلينغ هالاند. أما ثانيتهما فكانت تلك التي جمعت بين ليفربول ونوتنغهام فورست في نهاية الأسبوع، وأسفرت عن تسجيل «الريدز» هدف الفوز الأكثر تأخّراً في تاريخه في «البريمييرليغ» وجاء في الدقيقة 98 و35 ثانية بفضل مهاجمه الأوروغوياني داروين نونييس.
ساهم «الوحش» هالاند بـ 67 هدفاً في 57 مباراة خاضها مع السيتي في الدوري (أ ف ب)

لكن ما القاسم المشترك الذي يجمع الاسمين المذكورين، ويربط أيضاً بينهما وبين مهاجمين آخرين كانوا في قلب الكلام أخيراً، وهم ثنائي تشيلسي رحيم سترلينغ والأوكراني ميخائيلو مودريك، البرازيليان غابريال جيسوس (آرسنال) وريتشارليسون (توتنهام هوتسبر)، السويدي ألكسندر أيساك (نيوكاسل يونايتد)، ومهاجم ليفربول الآخر الهولندي كودي غاكبو؟
الواقع أن ما يجمع هؤلاء هو العام الذي انتقلوا خلاله الى فرقهم الحالية وقضاؤهم معها أكثر من موسمٍ واحد، ما يعني أن تقييم إفادتهم لهذه الفرق أصبح أمراً منطقياً، ليظهر من خلال مساهماتهم التهديفية مدى استفادة هذه الفرق من استثمارها مبالغ كبيرة فيهم أو خسارتها لها جراء تخييبهم الآمال، وهو ما تكشفه عملية حسابية بسيطة تنطلق من المبلغ الذي دُفع من أجلهم وعدد مبارياتهم ودقائقهم، وطبعاً أهدافهم وتمريراتهم الحاسمة.

الأغلى هو الأسوأ
هم ببساطة أغلى 10 مهاجمين عرفهم الدوري الإنكليزي في عام 2022، وأغلاهم طبعاً كان أنطوني الذي دفع مانشستر يونايتد 95 مليون يورو من أجل استقدامه من أياكس أمستردام الهولندي، وهو لعب حتى الآن 46 مباراة في الدوري بمجموع دقائق بلغ 2762 دقيقة، مساهماً في 4 أهداف وتمريرتين حاسمتين فقط، ما يعني أن كل مساهمة تهديفية كلّفت اليونايتد 15.83 مليون يورو، وهو ما يعدّ كارثة واستثماراً فاشلاً الى أبعد تقدير.
هذه المسألة تبدو أقل خسارةً بالنسبة الى نونييس الذي احتاج الى وقتٍ للتأقلم مع أجواء الكرة الإنكليزية حتى أصبح وحشاً هجومياً في الآونة الأخيرة، مساهماً مثلاً بـ 9 أهداف في آخر 9 مباريات خاضها مع فريقه في المسابقات المختلفة. المهاجم الأوروغوياني الذي قيل إنه سيكون خليفة مواطنه لويس سواريز بالقميص الأحمر، كلّف ليفربول 85 مليون يورو للانتقال من بنفيكا البرتغالي، وهو خاض حتى اليوم 54 مباراة في الدوري، مساهماً بـ 19 هدفاً و10 تمريرات حاسمة، ما يعني أن كل مساهمة كلّفت نادي «الحمر» 3.04 ملايين يورو.
بدوره، كان زميله غاكبو القادم من بي أس في أيندهوفن الهولندي مقابل 42 مليون يورو حاضراً بشكلٍ لافت استناداً الى مركزه ودوره في استراتيجية المدرب الألماني يورغن كلوب، حيث لعب 46 مباراة سجّل خلالها 12 هدفاً ومرّر نصف هذا العدد، ما يوازي 2.33 مليون يورو لكل مساهمة تهديفية.
بلغت كلفة كل مساهمة تهديفية لأنطوني أكثر من 15 مليون يورو


ولا يخفى أن تشلسي هو من الخاسرين الكبار في هذا المجال، إذ إن مودريك الذي دفع فيه 70 مليون يورو لضمّه من شاختار دونيتسك الأوكراني، لعب 35 مباراة في الدوري بمجموع 1542 دقيقة، حيث لم يساهم سوى بـ 3 أهداف و5 تمريرات حاسمة، ما يعني أن كل دقيقة قضاها مودريك على أرض الملعب كلّفت النادي اللندني 45.922 ألف يورو، وكل مساهمة تهديفية كلّفته 8.75 ملايين يورو.
أما بالنسبة الى زميله رحيم سترلينغ، فهو يعدّ استثماراً أفضل بكثير، إذ دفع «البلوز» من أجله 56.2 مليون يورو، وقد شارك حتى الآن في 52 مباراة معه، مساهماً في 12 هدفاً و9 تمريرات حاسمة، كلّفت كلّ منها النادي حسابياً 2.68 مليون يورو.

الاستثمار الأفضل بأشواط
هناك في نيوكاسل، عمل النادي في عام 2022 على تعزيز هجومه بضم أيساك من بوروسيا دورتموند الألماني مقابل 70 مليون يورو، والمهاجم المحلي أنطوني غوردون من إفرتون لقاء 45.6 مليوناً، وهما تألقا في نهاية الأسبوع الماضي بتسجيلهما في مرمى وولفرهامبتون وندررز، وقد خاض الأول حتى الآن 41 مباراة في الدوري، مسجلاً 21 هدفاً، إضافة الى تمريرتين حاسمتين، ما يعني أن كل مساهمة تهديفية ثمنها حتى الآن 3.18 ملايين يورو. اما الثاني الذي خاض مباراتين أكثر، فقد وقّع على 10 أهداف و6 تمريرات حاسمة بمعدلٍ مالي قارب الأول بوصوله الى 3.18 ملايين يورو للمساهمة الواحدة.
رقمٌ أفضل بكثير مما تكبّده توتنهام لضمّ مهاجم إفرتون الآخر ريتشارليسون الذي دفع فيه 58 مليون يورو، ليخوض 49 مباراة في الدوري قبل ابتعاده أخيراً بسبب الإصابة، وقد سجّل خلالها 11 هدفاً ومرر 7 كرات حاسمة، لتضع العملية الحسابية مبلغاً يصل الى 3.22 ملايين يورو لكل مساهمةٍ قام بها.
وفي لندن، كان هناك برازيلي آخر انتقل الى فريقٍ جديد قبل عامين، وهو جيسوس المنضم الى أرسنال مقابل 52.2 مليون يورو. لاعب السيتي السابق عانى مع الإصابات، لكنه في كلّ مرةٍ حضر سجّل غالباً، وهو خاض حتى الآن 43 مباراة في الدولي ليوقّع على 15 هدفاً و10 تمريرات حاسمة، كانت كلفتها استناداً الى سعره 2.09 مليون يورو.
ويبقى الاستثمار الأفضل والأنجح بكل تأكيد مرتبطاً بالوحش الهجومي هالاند الذي دفع فيه السيتي 60 مليون يورو فقط لنقله من دورتموند، فأطلّ في 57 مباراة في الدوري، مساهماً في 67 هدفاً هي عبارة عن 54 هدفاً و13 تمريرة حاسمة، ما يعني أن كلفة المساهمة الواحدة لا تصل الى مليون يورو.