من شأن الفوز الكاسح لنتنياهو أن يعزّز وضعه، ويقوّي إصراره على مواجهة التهم المنسوبة إليه
وحقّق نتنياهو، في الانتخابات الداخلية التي شارك فيها ما يقرب من نصف أعضاء «الليكود»، فوزاً كبيراً على منافسه الوحيد، غدعون ساعر، بنسبة 72.5 بالمئة مقابل 27.5 بالمئة لساعر. وهو فارق كبير من شأنه تبديد رهانات كانت قائمة حتى الأمس القريب على إسقاط نتنياهو، وإن لاحقاً في حال فوزه بفارق ضئيل، الأمر الذي كان سيعبّد الطريق أمام إسقاطه في الانتخابات العامة الثالثة. وأعرب رئيس حزب «أزرق أبيض»، بني غانتس، عن خيبة أمله من النتائج، قائلاً إن «المتهم نتنياهو سيواصل قيادة حزبه ودولة إسرائيل في طريق الفساد». وأضاف أن «الليكود اختار قائداً قُدّمت في حقه ثلاث لوائح اتهام، ويرغب في تقويض سلطة القانون والحصول على حصانة شخصية، بدلاً من الانشغال بما يهمّ مواطني إسرائيل»، معتبراً بصورة غير مباشرة أن فرصة إسقاط نتنياهو باتت محصورة الآن بقرار الإسرائيليين أنفسهم، عبر تحقيق الفوز لـ«أزرق أبيض» في الانتخابات القريبة، «كي يتمكّن من إخراج إسرائيل من المأزق السياسي ومن طريق الفساد».
في المقابل، وإضافة إلى التهنئة التي تلقاها نتنياهو من أقطاب «الليكود»، ومن بينهم غدعون ساعر نفسه، رحّبت الكتلة اليمينية و«الحريدية» بإعادة انتخابه بفارق كبير، مع التشديد على أن معاني هذا الفوز تتجاوز «الليكود» نفسه، وتمتدّ إلى الصراع بين الكتلة اليمينية وكتلة الوسط - اليسار التي راهنت على نتيجة مغايرة. وهنّأ رئيس حزب «شاس»، الوزير أريه درعي، نتنياهو بحرارة، قائلاً: «كشريك في الطريق، أنا مسرور بالثقة الكبيرة التي مُنحت لك من جمهور كبير». كما أشار درعي إلى موعد الانتخابات الثالثة، مؤكداً في هذا السياق حتمية التآزر والوقوف جنباً إلى جنب مع نتنياهو في كتلة واحدة، معلناً «(أننا) سنحافظ على صلابة معسكر اليمين، وسنُشكّل حكومة يمينية قوية تحافظ على الطابع اليهودي للدولة». كذلك، هنّأ رئيس حزب «الاتحاد القومي اليميني» المتطرف، الوزير بتسلئيل سموتريتش، نتنياهو، «على العُرس الديمقراطي الكبير، الذي منح تفويضاً جديداً لقيادة إسرائيل». وأوحت تلك التعليقات بأن الأحزاب اليمينية والدينية كانت تنتظر النتيجة كما لو أنها - وهي كذلك - نتيجة انتخابات خاصة بها. وعليه، يمكن القول إن اليمين، برئاسة نتنياهو، انتصر على أحزاب الوسط واليسار، وعلى أولئك «المارقين» من الكتلة اليمينية، سواء داخل «الليكود» نفسه، أم الذين يُنظر إليهم على أنهم تخلّوا عن يمينيّتهم، وتحديداً حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة وزير الأمن السابق، أفيغدور ليبرمان.
ومن شأن الفوز الشبه الكاسح لنتنياهو أن يعزّز وضعه، ويقوّي إصراره على مواجهة التهم المنسوبة إليه، والامتناع عن الاستسلام أمام منافسيه، ذلك أن النتيجة أعادت إنتاج الأمل لدى الرجل في إمكانية كسب معركة البقاء، والفوز بالحصانة التي يعمل عليها ضمن تسوية ما تَنتج من انتخابات آذار المقبل. في الموازاة، أثبتت الانتخابات أن كلّ من ليس مُخلصاً لنتنياهو داخل «الليكود»، وهم للمفارقة كثر، ليس لديهم أيّ تأثير واسع يكون محلّاً للرهان على مسارات مضادّة لرئيس الحكومة.