في الشهر الأول من عام 2022، كشفت شركة «ستوك وايت إنفستمنتس» للتحقيقات، ومقرّها في المملكة المتحدة، أن أحد عملائها، ويدعى كريم، تعرّض للتعذيب أثناء احتجازه في كشمير. وبينما لا تُعدّ التقارير عن الاعتقالات التعسفية والتعذيب الذي يتعرّض له الكشميريون على يد الجيش الهندي غريبة، غير أن التحقيق مع كريم بدا غريباً، إذ لم يكن المحقّقون، وفق زعمه، من أصول هندية، بل من البيض الذين يتكلّمون الإنكليزية (الأميركية). ويبدو أنهم لم يُظهروا سوى القليل من الاهتمام في شأن أنشطة الشاب في كشمير أو مواقفه من القضايا الداخلية، بل أبدوا فضولاً لمعرفة آرائه حول السياسة العالمية، ولا سيما النضال الفلسطيني.ووفق شهادته الواردة في التقرير، يقول كريم: «أعتقد أنهم كانوا يحاولون معرفة ما إذا كنت أشارك في النضال في فلسطين وأفغانستان»، مضيفاً: «سألني أحد الضبّاط عن حماس، لكنني صُدمت لأنه لا علاقة لهم بكشمير. لقد أخبرتهم أن مشكلتي مع الاحتلال الهندي لكشمير، لكنهم كانوا يحاولون إجباري على القول إن لديّ أجندة عالمية». وبحسب كريم، أَخبره المحقّقون صراحةً أنهم من «الموساد»، وأنهم يجرون أبحاثاً في كشمير، فيما استمرّت جلسة استجوابه على مدى ثلاثة أيام تعرّض خلالها للتعذيب، في مطار «شيخ العلم الدولي» في سريناغار، قبل أن يتمّ نقله إلى موقع آخر، حيث سيبقى هناك لمدّة شهرين ونصف شهر.
تُعدّ تجربة كريم نتاج شراكة استراتيجية متطوّرة بين الهند وإسرائيل؛ إذ إن قمع الدولة في الأراضي التي تحتلّها الهند ليس مشروعاً هنديّاً حصريّاً، بل جزء من شبكة أوسع تربط الهند بإسرائيل ومشروعها الاستعماري.

تطوّر العلاقات الهندية - الإسرائيلية
على الرغم من أن الهند وإسرائيل أقامتا علاقات رسمية في عام 1992، إلّا أن العلاقة بينهما تسبق تأسيس كلّ منهما في عامَي 1947 و1948 على التوالي. وقد ارتبط كلا البلدَين ببعضهما البعض من خلال الإمبراطورية البريطانية، التي حكمت في الماضي فلسطين التاريخية، وغالبية جنوب آسيا. ومن الأمثلة الصارخة على هذا الإرث المشترك، الأنظمة القانونية. فعلى سبيل المثال، قامت كلّ من إسرائيل والهند بتكييف القوانين البريطانية في زمن الحرب، للسيطرة على ممتلكات اللاجئين من خلال تطبيق «قانون أملاك الغائبين» الإسرائيلي، ونظيره الهندي المماثل.
وفي أوائل القرن العشرين، ظَهر افتتان بالصهيونية بين الشخصيات القومية الهندوسية، مِن مِثل ف. د. سافاركار، وم. س. جولوالكار، اللذين اعتبرا أن المشروع الاستعماري الاستيطاني في فلسطين، مصدر إلهام لـ«أخاند بهارات»، وهي رؤيتهم لجنوب آسيا غير مقسّم (وبعض المناطق المحيطة به) تحت حُكم الهندوس. ولا يزال هذا التقارب مع الصهيونية موجوداً داخل أقوى المؤسّسات القومية الهندوسية، مِن مِثل حزب «بهاراتيا جاناتا» (الشعب) الهندي الحاكم بزعامة ناريندا مودي. ومن خلال هذه المؤسّسات المؤثّرة، تستمرّ الصهيونية في توجيه سياسة الهند الداخلية والخارجية، فضلاً عن الرأي العام في أجزاء كبيرة من الولايات التي تُعتبر معقلاً للحزب الحاكم. وبعيداً من الدوائر القومية الهندوسية، كان جواهر لال نهرو، أوّل رئيس وزراء علماني (مزعوم) للهند، يكنّ أيضاً إعجاباً بالحركة الصهيونية ومشروعها لبناء الدولة. ومع ذلك، اعتقد نهرو أن إقامة علاقات رسمية بين بلاده وإسرائيل من شأنها أن تعيق قدرته على كسْب الدعم الدولي لسياسات الهند في كشمير، وأن تقف في طريق طموحه للحصول على منصب قيادي في عالم ما بعد الاستعمار.
قبل إقامة العلاقات الرسمية في عام 1992، تطوّرت العلاقات الهندية - الإسرائيلية من خلال اتصالات القنوات الخلفية بين «الموساد» الإسرائيلي و«جناح الأبحاث والتحليل» الهندي (RAW)، وهو وكالة الاستخبارات الخارجية التي أنشأتها إنديرا غاندي في عام 1968. هذه العلاقات الدفاعية السرية، والتي تراوحت بين نقل التكنولوجيا والخبرة والزيارات الديبلوماسية السرية، تطوّرت لاحقاً لمواجهة علاقة باكستان الوثيقة مع الصين وكوريا الشمالية. شكّلت بداية التسعينيات لحظةً محورية في تاريخ العلاقات الهندية - الإسرائيلية، مع تحوّلها من علاقة متجذّرة في حسابات الدفاع الجيوسياسية، إلى علاقة ملهِمة في ترسيخ الممارسات الاستبدادية في الهند كما في الأراضي المحتلّة. وكان انهيار الاتحاد السوفياتي يعني أن الهند فقدت أكبر مورّد لها من الأسلحة. ومع تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية لتحرير اقتصادها، سعت نيودلهي إلى إقامة شراكة أوثق مع واشنطن. ومن الجدير ذكره أن هذه الفترة تزامنت أيضاً مع اندلاع التمرّد المسلّح في كشمير، في أواخر عام 1989، والذي حفّزته انتخابات يُزعم أنها زُوّرت لمصلحة «حزب المؤتمر الوطني» الموالي للهند.
في حزيران 1991، عندما تولّى ناراسيمها راو رئاسة الوزراء في الهند، في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء آنذاك، راجيف غاندي، على يد أحد أعضاء جبهة «نمور تحرير تاميل إيلام» قبل شهر واحد، اختطف مسلّحون كشميريون ثمانية سياح في سريناغار، سبعة منهم إسرائيليون. وفيما عمل الديبلوماسيون الهنود والإسرائيليون معاً لتأمين إطلاق سراحهم وإجلاء السيّاح الإسرائيليين المتبقّين، تزايدت الدعوات إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ومع صعود حزب «بهاراتيا جاناتا» المؤيّد لإسرائيل علناً، قرّرت حكومة راو مواصلة التطبيع مع إسرائيل. فبينما شدّدت الهند حصارها على كشمير، كانت إسرائيل تخوض معركة قمع المقاومة الفلسطينية عقب اندلاع الانتفاضة الأولى. وفي ظلّ تزايد التحدّيات التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية، شرعت الدولة في تنفيذ مشروعها الخاص للتحرير الاقتصادي. وينطوي جزء من هذه العملية على ما سمّاه الاقتصادي الإسرائيلي، شير هيفر، «خصخصة الأمن الإسرائيلي». وفي هذا الاقتصاد المتطوّر الموجّه نحو الأمن، انتقلت إسرائيل والهند إلى ما هو أبعد من العلاقة التي ترتكز على مسائل الدفاع، نحو شراكة تتمحور حول الاستعداد المستمرّ لمنع التهديدات بشكل استباقي، سواء كانت حقيقية أو متخيَّلة.

الهند، إسرائيل والحرب العالمية على الإرهاب
طوال فترة التسعينيات، بدأت صناعة الأمن الإسرائيلية بتأكيد أهميّة ما أشارت إليه الشركات الأمنية والحكومة غالباً باسم «التجربة الإسرائيلية». ويعرّف الأكاديمي الإسرائيلي، نيف غوردون، «التجربة الإسرائيلية» بأنها «نموذج رائج» يُستخدم لدى تسويق منتجات وخدمات الأمن الداخلي الإسرائيلي على مستوى العالم. كما أن هجوم الـ11 من أيلول، جعل قطاع الأمن الإسرائيلي مرغوباً أكثر بالنسبة إلى دول مثل الهند، التي سعت إلى الاستفادة سياسيّاً من «الحرب على الإرهاب» التي تقودها الولايات المتحدة، من خلال تصوير نفسها كقوة قوية ضدّ الإرهاب والتطرّف.
كتب الباحث الكشميري، محمد جنيد، أن «الجدال الفظّ» و«أحادي البعد» لـ«الحرب على الإرهاب» أعطى الدولة الهندية تفويضاً مطلقاً لسحق «حركة تقرير المصير في كشمير». وبحسب جنيد، سارع المعلّقون، الهنود والأجانب، إلى تحويل النضال من أجل تحرير كشمير، إلى جزء من الجهاد العالمي. ومن خلال استغلال خطاب الحرب على الإرهاب، ربط المسؤولون الهنود القمع الذي يمارسونه في كشمير، بالجهود التي تبذلها دول أخرى لقمع نضالات التحرير الوطني، مِن مِثل تلك الموجودة في فلسطين والشيشان. ولإضفاء مصداقية على هذا المنظور، نفّذ أفراد مرتبطون بمجموعتَي «عسكر طيبة» و«جيش محمد» المتمركزتَين في باكستان، بعد أشهر قليلة من أحداث 11 أيلول، هجوماً على مبنى البرلمان الهندي في نيودلهي، بدأت الحكومة الهندية في أعقابه بالعمل مع شركة المراقبة الإسرائيلية، «Nice Systems»، في شراكة رسّخت التحوّل في العلاقة الهندية - الإسرائيلية نحو التركيز على تهديدات الأمن الداخلي.
وتصاعد هذا الاتجاه بشكل حادّ في أعقاب أحداث تشرين الثاني 2008 - المعروفة لدى البعض باسم «11 أيلول الهندي» - في مومباي، حين هاجم عشرة رجال مرتبطين بمجموعة «عسكر طيبة» 12 موقعاً في المناطق الغنية من المدينة. وكان من بين من قضوا في الهجمات، تسعة إسرائيليين. واستجابةً لدعوات وسائل الإعلام الهندية إلى تبّني نهج «أكثر عسكرةً» للأمن، أرسلت حكومة ولاية ماهاراشترا غرب الهند، في تموز 2009، وفداً إلى إسرائيل للاستفادة ممّا يسمّى «التجربة الإسرائيلية». وكان التغيير الملموس الأول، إنشاء وحدات كوماندوس مدرّبة من قِبَل إسرائيل، ونشرها في مومباي. وفي ذلك الوقت، أعلن مفوض شرطة المدينة، دانوشكودي سيفاناندان، أن الهند تحتاج إلى نهج «أكثر عسكرة»، وينبغي لها أن تحاكي «غريزة القتل» الإسرائيلية وموقفها غير الاعتذاري في التعامل مع الانتقادات الخارجية.
في السنوات التي تلت الهجوم، تمّ تطبيق نظام المراقبة المركزي (CMS) في جميع أنحاء الهند. ولإنشاء هذا النظام - الذي سهّل المراقبة الجماعية لجميع الاتصالات الإلكترونية تقريباً - استعانت الهند بشركات أمنية إسرائيلية، مثل شركة «Verint Systems». يمثّل نظام إدارة المحتوى (CMS) تحوّلاً واضحاً في أولويات الأمن الهندي، من مراقبة المجرمين المدانين إلى مراقبة جميع الاتصالات الخاصة لتحديد التهديدات المحتملة. ويمكّن نظامَ المراقبة الجديد أن يعمل من دون استخدام أوامر المحكمة، إذ يسمح للدولة بالوصول إلى بيانات الاتصال الخاصّة بأيّ فرد تقريباً لديه إمكانية الوصول إلى الهاتف أو الاتصال بالإنترنت.

شراكة استراتيجية
على أن تبنّي الهند لهذا النهج «الصارم» في التعامل مع الأمن الداخلي، والمتأثّر بالانبهار العام والمؤسّساتي بالأساليب والتقنيات الإسرائيلية، يسبق وصول ناريندرا مودي وحكومته إلى السلطة؛ إذ إن استخدام الهند للتكنولوجيا الإسرائيلية، بدأ في ظلّ حكومة مانموهان سينغ الليبرالية المفترضة. لكن وصول حكومة حزب «بهاراتيا جاناتا»، في عام 2014، إلى السلطة، أرسى الأسس لرفع مستوى العلاقة الثنائية الهندية - الإسرائيلية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، وفق ما أعلنه البلدان في بيان مشترك أعقب زيارة مودي إلى إسرائيل في عام 2017، والتي وقّع خلالها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على اتفاقات عدة لتسهيل التعاون في مجالات تُراوح بين إدارة المياه والزراعة والابتكار التكنولوجي.
والواقع أن «العلاقة الأخوية» بين الزعيمَين، أسهمت في تحوّل إسرائيل إلى أحد شركاء الهند الأساسيين في حملة مودي الرائدة: «صُنع في الهند» - انطلقت في أيلول عام 2014 -، والتي تدعو الشركات الأجنبية إلى تصنيع السلع في الهند. وليس مستغرباً طبعاً أن تكون المنتجات الأمنية والدفاعية الإسرائيلية، من مثل الصواريخ والطائرات من دون طيار، من بين أهمّ السلع التي بدأ تصنيعها في الهند، إذ استفادت حفنة من التكتّلات الهندية الكبيرة، مِن مِثل مجموعة «أداني» (يرأسها ممّول مودي، غوتام أداني) من العقود الجديدة مع إسرائيل. ومن بين الشركاء المهمّين الآخرين في مجال التصنيع الدفاعي، كلّ من روسيا، التي شاركت في تصنيع صواريخ «براهموس» وغيرها من المنتجات الدفاعية، والولايات المتحدة من خلال مشاركة شركة «لوكهيد مارتن». وبعيداً من التكنولوجيا العسكرية، التزمت الشركات الإسرائيلية أيضاً بحملة «صُنع في الهند» في مجالات رئيسة أخرى، بما في ذلك الطاقة المتجدّدة. كما سعت إسرائيل إلى جذب الاستثمارات الهندية إلى اقتصادها. ففي كانون الثاني 2023، اشترت مجموعة «أداني» ميناء حيفا مقابل 1.2 مليار دولار.
وخلال هذه الفترة، أصبحت الهند أيضاً أكبر مشترٍ للتكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية في العالم. ووقّعت الدولتان صفقة دفاعية تبلغ قيمتها حوالى مليارَي دولار خلال رحلة مودي إلى إسرائيل في عام 2017. ولكن هذه الصفقة أصبحت مصدراً للتدقيق في عام 2021، عندما كشفت تقارير «The Wire» أنه، وفي فترة الفوز الانتخابي لحزب «بهاراتيا جاناتا» في عام 2019، من المحتمل أن يكون برنامج التجسس «بيغاسوس»، التابع لشركة «إن إس أو»، قد تمّ تثبيته على الهواتف المحمولة التابعة لزعيم المعارضة، راهول غاندي، فيما أفاد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» (كانون الثاني 2022) أن برنامج «بيغاسوس» شكّل جزءاً أساسيّاً من صفقة عام 2017. وبعيداً من استهداف مودي للمنافسين السياسيين لحزبه، يشير التسريب الذي كُشف عنه في عام 2021، «مشروع بيغاسوس»، إلى أنه تمّ «اختيار مئات الأفراد للمراقبة المحتملة» باستخدام البرنامج الإسرائيلي. ولإضفاء مزيد من الوزن على حجم المراقبة، يورد تقرير أصدره «المنتدى القانوني لكشمير»، في عام 2023، أسماء العديد من الشخصيات الكشميرية المهمّة المعروفة باستهدافها من قِبَل برنامج «بيغاسوس». وبفضل التكتيكات القمعية الإسرائيلية، نفّذ حزب «بهاراتيا جاناتا» مجموعة من التدابير والسياسات الأخرى لمواجهة المعارضة داخل البلاد.
ويخضع وادي كشمير لمراقبة مكثّفة منذ خروجه من التعتيم الإعلامي الذي دام سبعة أشهر، في عام 2020. وفرضت الحكومة الهندية التعتيم، في آب 2019، بعد إلغاء المادتَين 370 و35أ من الدستور الهندي، واللتين تضمنان إقامة دولة تتمتّع بحكم شبه ذاتي في كشمير، تحت الاتحاد الهندي. وتضمّن الإلغاء تقسيم ولاية جامو وكشمير السابقة، إلى إقليمَين اتحاديَّين، هما جامو وكشمير ولاداخ، ما دفع العديد من مجموعات الناشطين الكشميريين، وخاصة تلك الموجودة في المنفى، إلى اتهام الهند بفرض «النموذج الإسرائيلي» على كشمير، نتيجة للقوانين الجديدة التي فتحت المنطقة أمام الاستيطان الهندي في أعقاب الإلغاء. وما يضفي المصداقية على هذه الاتهامات، دعوة مسؤولين حكوميين هنود، مثل سانديب تشاكرافورتي، خلال فترة عمله كقنصل عام هندي في نيويورك، إلى محاكاة «النموذج الإسرائيلي» في كشمير. كان موقف إسرائيل من إلغاء الهند للمادتين 370 و35أ، والذي عبّر عنه سفيرها آنذاك لدى الهند، رون مالكا، عبارة عن خطاب مُعادٍ يدعم تصرّفات الهند. إذ قال مالكا: «كما نراها (أي مسألة الإلغاء)، فهي داخل الحدود الهندية، وهو أمر داخلي في الهند»، مشيراً إلى الهند باعتبارها «أكبر ديموقراطية في العالم».

كشمير وفلسطين، صراع مشترك
بالإضافة إلى سعي إسرائيل إلى قمع النشاط المؤيد لفلسطين في البلدان القريبة والبعيدة، فإن للهند أيضاً تاريخها الخاص في قمع النشاط المؤيّد لفلسطين والمناهض لإسرائيل في كشمير. وفي حين كانت قيادة «منظمة التحرير الفلسطينية»، وخاصة ياسر عرفات، تنظر إلى الهند تاريخياً باعتبارها داعماً لقضيّتها، فقد أدرك الكشميريون منذ فترة طويلة أوجه التشابه بين الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والاحتلال الهندي لأرضهم. وقد أدّت هذه النضالات المشتركة إلى تشكيل رابطة تضامن قوية بين الكشميريين والفلسطينيين، الذين حافظوا، على المستوى الشعبي، على موقف واضح لدعم تطلّعات النضال من أجل تحرير كشمير. وقد استخدمت الهند وأجهزتها الأمنية هذا التضامن بين الفلسطينيين والكشميريين كذريعة للتدخل الاستبدادي، واستهداف النشاط المؤيّد لفلسطين كما لو كان شكلاً من أشكال المعارضة المناهضة للهند. ففي عام 2014، على سبيل المثال، قتلت قوات الشرطة الهندية المراهق الكشميري سهيل أحمد خلال تظاهرة في كشمير ضدّ القصف الإسرائيلي لغزة. وفي أيار 2021، اعتقلت السلطات في كشمير 21 شخصاً لاحتجاجهم تضامناً مع الفلسطينيين. ومِثل استجواب كريم على أيدي عملاء «الموساد» الإسرائيلي، فإن أعمال المقاومة المشتركة المتزايدة مثل تلك التي يقوم بها الفلسطينيون والكشميريون في أوطانهم وفي المنفى، تعكس الطبيعة الحالية للعلاقة الهندية - الإسرائيلية. وتزيد تدفّقات الأسلحة ورأس المال والخطاب المشترك، من ترسيخ القمع المتزايد والاستبداد في كلّ منهما.

(عن موقع «مشروع الشرق الأوسط
للأبحاث والمعلومات»، بتصرّف)