طهران | يضيف اغتيال سيد رضي موسوي، أحد كبار مستشاري «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا، في ذروة الحرب على غزة، أبعاداً جديدة إلى المواجهة الدائرة رحاها بين إسرائيل ومحور المقاومة. وكان سيد رضي أحد أقدم وأرفع قيادات «الحرس» الموجودين في سوريا، وصِفته الرسمية، كما أُعلن، «مسؤول إسناد جبهة المقاومة». كذلك، كان يؤتى على ذكْره بأنه الذراع اليمنى للجنرال قاسم سليماني، القائد السابق لـ»قوة القدس»، وهو اضطّلع بدور مهمّ في ترسيخ موقع المقاومة في سوريا على مدى السنوات الأخيرة. وخلالها أيضاً، أصيب عدّة مرات بجروح، على إثر غارات إسرائيلية على مواقع للمقاومة في هذا البلد، لكنه استشهد، مساء الإثنين، خلال هجوم بـ»ثلاثة صواريخ» استهدَف مقرّ قوات المقاومة في منطقة «السيدة زينب» في دمشق.وعلى عادتها، لاذت إسرائيل بالصمت تجاه هذا الاغتيال، بيد أن كبار المسؤولين الإيرانيين وجّهوا أصابع الاتهام مباشرة إليها، إذ أكّد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أن «الكيان الصهيوني سيدفع الثمن»، فيما توعّد «الحرس الثوري»، «الكيان الصهيوني الغاصب والمتوحّش»، بأنه «سيدفع بلا ريب ثمن هذه الجريمة». ومن جهته، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إن «على تل أبيب أن تنتظر عدّاً عكسيّاً قاسياً». وبعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني، بإيعاز من الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب (كانون الثاني 2020)، يُعد اغتيال سيد رضي موسوي، الأول الذي يطاول كبار قياديّي «الحرس»، وهو يمثّل إجراءً سافراً وتصعيدياً من جانب إسرائيل ضدّ إيران، خصوصاً أنه يأتي وسط تواصل الحرب على غزة، التي أشعلت غير ساحة بين إسرائيل ومحور المقاومة.

انتقام إسرائيلي من إيران بعد «طوفان الأقصى»
ورأى الباحث المختصّ في الشأن الإسرائيلي في معهد بحوث «جريان» في طهران، منصور براتي، أن اغتيال سيد رضي يمثّل «انتقاماً إسرائيلياً من إيران على خلفية هجوم السابع من أكتوبر الذي شنّته حماس، وحظي بدعم من الجمهورية الإسلامية». ورفض، في حديث إلى «الأخبار»، فكرة أن تل أبيب تسعى إلى جرّ طهران لخوض الحرب معها بشكل مباشر، قائلاً إن «الإجراء الذي نفّذته إسرائيل يوم الإثنين في سوريا، يأتي في نطاق حملة جديدة من الاغتيالات وعمليات التخريب والإجراءات السرّية التي بدأتها ضدّ إيران بعد الضربة التي تلقّتها خلال عملية السابع من أكتوبر. ومن هذا المنظور، يمكن رؤية موطئ قدم إسرائيل في الهجوم السيبراني الأخير على منظومة محطّات الوقود في إيران، وكذلك الهجوم الذي طاول مقرّ قوات الشرطة في راسك في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران، والذي أسفر عن مقتل 12 شخصاً». وتابع براتي أن «إسرائيل كلّما تلقّت ضربة، شرعت في حملة من الاغتيالات والإجراءات الهادفة ضدّ الأطراف والأشخاص المؤثّرين في تنفيذ تلك الضربة؛ مثلما أن تل أبيب وبعد عامين من الإخفاق في حرب الـ33 يوماً عام 2006، اغتالت عماد مغنية، القيادي البارز في حزب الله. وبما أن إسرائيل تعتبر إيران داعماً لحماس، لذلك أصبحت في الظروف الحالية، خاصّة بعد الضربة التي تلقّتها في السابع من أكتوبر، بصدد الثأر من طهران».

صبر إيران الإستراتيجي
من ناحية أخرى، يذهب الصحافي والمحلّل السياسي في صحيفة «وطن أمروز»، محمد علي حسن نيا، إلى القول إن إيران ستظلّ تعتمد سياسة «الصبر الإستراتيجي»، لتجنّب الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. وقال حسن نيا، لـ»الأخبار»، إن «تل أبيب تسعى وراء هدفَين من خلال هذه الاغتيالات: أولاً أن تخرج من المأزق الإستراتيجي الذي وجدت نفسها فيه، وألّا تسمح لإيران ومجموعات المقاومة بمحاصرتها؛ وثانياً أن تدفع طهران إلى إنهاء صبرها الإستراتيجي». وقد زادت عملية «طوفان الأقصى» من حدّة هذه الإستراتيجية الإسرائيلية، وفق المحلّل، الذي أضاف أن «إسرائيل تنوي جرّ إيران إلى ساحة المعركة في غزة، وبالتالي دفع أميركا إلى خوض الاشتباكات العسكرية. لذلك، فإن أمام طهران إستراتيجيتين: الأولى، هي التزام الصبر الإستراتيجي والردّ على إسرائيل بواسطة باقي مجموعات المقاومة. وإن استمرّ هذا التكتيك، فيجب انتظار أن يردّ حزب الله خلال الأيام المقبلة، ردّاً قاسياً على إسرائيل انطلاقاً من شمال الأراضي المحتلّة. وهذا الإجراء مسبوق، إذ إن حزب الله استهدف مجموعة إسرائيلية بشدّة عقب اغتيال العميد الله دادي». وتابع حسن نيا: «الإستراتيجية الثانية هي أن تغيّر طهران نهجها وتشنّ هجوماً مباشراً على غرار ما فعلته عقب اغتيال الشهيد سليماني، إذ تقوم هذه المرّة مثلاً باستهداف إسرائيل بشكل مباشر بالصواريخ أو المُسيّرات. لكنّ طهران على ما يبدو ليست في الوقت الحالي في وارد تغيير إستراتيجيتها، أي بدء هجوم مباشر وحرب من العيار الثقيل مع إسرائيل أو أميركا، بل إنها ستردّ على تل أبيب من خلال وكلائها في العراق ولبنان واليمن».