رسّخ الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، موقعه كالمرشح المحتمل الأبرز لخوض السباق الرئاسي المقبل عن «الحزب الجمهوري»، بعدما حقق فوزاً كاسحاً في أول انتخابات تمهيدية للحزب، أجريت، الاثنين، في ولاية أيوا. ولم تنتظر أبرز وسائل الإعلام الأميركية صدور النتائج الرسمية، إذ أعلنت، منذ وقت باكر من بدء التصويت، أنّ ترامب، الذي حصد 51% من أصوات الناخبين، فاز على منافسَيه الرئيسيّين في الانتخابات الأخيرة، وهما: حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس (21.2%)، والسفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي (19.1%). وشهدت الانتخابات التمهيدية الأخيرة إنهاء رجل الأعمال، فيفيك راماسوامي، حملته الرئاسية، بعد حصوله على ما يقلّ قليلاً عن 8% من الأصوات، ليعلن، في خطاب ألقاه أمام أنصاره، أنّه سيدعم ترامب للانتخابات المقبلة.وفي حين أنّ عدد سكان أيوا لا يتخطّى الواحد في المئة من سكان الولايات المتحدة، إلّا أنّ هذه الولاية تحتل مكانة خاصّة على الساحة السياسية الأميركية، منذ أكثر من 50 عاماً، ولا سيما أنّها تتيح تقدير مسار السباقات التمهيدية في الولايات التالية. وإن دلّت الانتخابات الأخيرة على شيء، فهو أنّ الدعاوى القضائية العديدة بحق ترامب لم تثنِ الناخبين الجمهوريين عن التصويت له، وأنّ هؤلاء لا يزالون يرون فيه «المرشح الأمثل» القادر على هزيمة المرشح المحتمل عن الحزب الديموقراطي، جو بايدن، مستقبلاً. كما اتضح أنّ معظمهم لا يعارضون جملة التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها المرشح الجمهوري أخيراً، من مثل استخدامه عبارة «تسميم دماء البلاد»، في إشارة إلى المهاجرين الذين يعبرون الحدود الأميركية؛ إذ وافق 81% من الناخبين على هذا التصريح، في وقت تستعر فيه أزمة الهجرة عبر الحدود الأميركية - المكسيكية، وتشكل، جنباً إلى جنب، مع الوضع الاقتصادي المتردي، محور اهتمام الناخبين الداعمين لـ«الحزب الجمهوري»، بحسب نتائج استطلاع نشرتها شبكة «سي بي أس» الأحد.
من المرجّح أن ينسحب التقدم الكبير لترامب على سائر الولايات مستقبلاً


واللافت، أنّه في عام 2016، كان ترامب قد قوبل برفض من الناخبين في أيوا، الذين اختاروا التصويت لتيد كروز بدلاً منه. وعلى عكس الوضع السائد في معظم أنحاء البلاد، من المعروف أنّ المؤسسة الجمهورية في هذه الولاية لم تكن، في السابق، على وفاق أبداً مع ترامب. كما أنّ الأخير تمكن من تحقيق مثل هذا «الفوز السهل»، وبفارق لم يُسجل مثله منذ أكثر من ثلاثين سنة، على الرغم من إنفاق حملة ديسانتيس مبالغ طائلة على أيوا، وإعلان حاكمها وبعض رجال الدين البارزين فيها «تأييدهم» له.
وعلى الأرجح، سينسحب التقدم الكبير لترامب على سائر الولايات مستقبلاً، من بينها ولاية نيوهامبشير، التي تستضيف الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية في الـ 23 من الشهر الحالي، ومن بعدها ولاية كارولاينا الجنوبية. على أنّ ترامب لم يكن بحاجة فعلياً إلى الانتخابات الأخيرة لإثبات مدى الشعبية المتزايدة التي أصبح يتمتع بها في أوساط الجمهوريين، ولا سيما المحافظين منهم. فقد أظهرت استطلاعات الرأي، وآخرها تلك التي نشرتها شبكة «سي بي أس» الأميركية، أنّ نسبة التأييد لترامب بين الناخبين المشار إليهم، على امتداد البلاد، بلغت «أعلى مستوياتها» حتى الآن، وارتفعت من 58% في أيار، إلى 69% في الشهر الحالي، فيما تكشف الاستطلاعات نفسها أنّ شعبية الرئيس الديموقراطي الحالي هي في أدنى مستوياتها بين ناخبي حزبه.