وكانت تركيا دشّنت للمرّة الأولى في تاريخها «حاملة طائرات» للمسيّرات والمروحيات في نيسان الماضي، تحمل اسم «تي سي جي أناضول»، ويبلغ طولها 231 متراً، وعرضها 32 متراً، ويمكنها حمْل حوالى 27 ألف طن، أو 10 مروحيات و11 مسيّرة هجومية، وأن تخزّن في داخلها 19 مروحية أو 30 مسيّرة أو 94 مركبة عسكرية، من بينها 13 دبابة، مع طاقم يقدّر بـ1233 فرداً. وكما جاء تدشين الحاملة عشية الانتخابات الرئاسية والنيابية في أيار الماضي، فإن الإعلان عن بدء التجارب لطائرة «قاآن» يجيء أيضاً عشية الانتخابات البلدية بعد شهر من الآن، والتي يعوّل عليها إردوغان كثيراً لرسم ملامح المرحلة المقبلة من السياسات الداخلية ومن مستقبله الشخصي بعد أربع سنوات.
ستدخل طائرة «قاآن» الخدمة اعتباراً من عام 2028، لتحلّ محلّ طائرات «إف-16» الأميركية
وإذ يرى إردوغان أن الحاملة البحرية «تعزّز القيادة الإقليمية» لتركيا، فإنّ الطائرة الجديدة توفّر أيضاً المزيد من القوّة لبلاده. وفي هذا الإطار، تعمل أنقرة، منذ وصول «حزب العدالة والتنمية» إلى السلطة عام 2002، إلى توسيع رقعة نفوذها وتأثيرها في مناطق واسعة وبعيدة حتى من تركيا، إذ أقامت قواعد مختلفة في القوقاز وقطر وجيبوتي والصومال وليبيا والعراق واحتلّت مناطق من سوريا، فضلاً عن تدخّلها منذ عام 1974 في قبرص. وقبل أسبوع فقط، كانت تركيا والصومال تقفزان خطوة أخرى نوعية إلى الأمام عبر استكمال توقيع اتفاقية تعاون عسكري بينهما، تقوم بموجبها القوات البحرية التركية بتوفير الحماية للسواحل الصومالية لمدّة عشر سنوات. وقد وافق البرلمان الصومالي على إطار الاتفاقية في الـ8 من شباط الجاري، والبرلمان التركي في الـ17 منه. وتشمل الاتفاقية حماية القوات التركية لسواحل الصومال قبالة بحر العرب وخليج عدن من هجمات القراصنة وتهريب السلاح و«الحرب ضدّ الإرهاب»، فيما يمكن توسيع المهام أو تعديلها عند الضرورة. وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن تركيا تدرّب فرقاً صومالية في إطار بناء الجيش الصومالي، فيما تكتسب الاتفاقية أهميّة إضافية في ظلّ تحوّل البحر الأحمر إلى ساحة صراع بين صنعاء وكلّ من الغرب وإسرائيل ونشاط القراصنة الصوماليين في منطقة البحر الأحمر المواجهة للسواحل الصومالية. أيضاً، كان رئيس الصومال، حسن شيخ محمود، قال إنّ الاتفاقية ليست موجّهة ضدّ إثيوبيا ولا أيّ دولة أخرى، بل هدفها تمكين الصومال من أن تكون له القدرة بعد عشر سنوات على حماية سواحله. وهذه الإشارة إلى أديس أبابا مهمّة لجهة أن الأخيرة تدعم ما يسمى بجمهورية أرض الصومال الانفصالية والمطلّة أيضاً على البحر وما يعنيه وصول النفوذ الإثيوبي إلى البحر الأحمر وتأييد بريطانيا وبعض الدول الغربية لهذه الجمهورية غير المعترف بها، ما يفتح باب الصراع واسعاً بين تركيا التي ستدافع عن الصومال، والقوى الأخرى المؤيدة لإثيوبيا وأرض الصومال والعديد منها أعضاء في «الأطلسي» الذي تنتمي إليه تركيا أيضاً.