لماذا لا تزال الولايات المتّحدة متمسّكة بعدم إطلاقه بعـد 23 عاماً من السجن؟
نيويورك ــ نزار عبودوقال بولارد، الذي شحن إلى إسرائيل أطناناً من الوثائق السرية التي سهلت إطلاق الكثير من المعتقلين اليهود في الاتحاد السوفياتي وسمحت لهم بالهجرة إلى الدولة العبرية في الثمانينيات، إنه «يعاني من حرمان مالي تام، ومن أي اهتمام إسرائيلي بحالته». واشار إلى أن زوجته أسثر، المصابة بالسرطان، «مشرّدة وتعيش فقراً مدقعاً ولا تتلقّى أي دعم مالي».
وأضاف بولارد، في رسالة بعث بها إلى مكتب أولمرت أخيراً عبر محاميته نيتسانا دارشان لايتنر، أن «احتياجاته المادية الأساسية في السجن، مثل شراء بطاقات المكالمات الهاتفية، لا يستطيع دفعها إلا من الصدقات التي يتلقاها من بعض الأصدقاء». وأضاف، في الرسالة المؤرّخة في 25 آذار 2008، أنه لم يتلقَّ هو أو زوجته «سنتاً واحداً من إسرائيل» طوال 23 عاماً. وأضاف أن محاميته طلبت رسمياً في 29 تشرين الأول الماضي من مكتب المحاسبة الإسرائيلي تقديم جردة رسميّة بالمساعدة التي قدمتها إسرائيل له، لكن الطلب قوبل بـ«الكذب والتهرّب».
وشدّد بولارد على أن إسرائيل لا تملك دليلاً واحداً على أنها تساعده مالياً، أو حتى تبذل جهداً سياسيّاً للإفراج عنه. وقال إنه «لو كانت إسرائيل صادقة» لما انتظرت 23 سنة لكي تخرجه من سجن أهم حليف لديها، الولايات المتحدة. وأضاف: «حكومة إسرائيل ليست جادة في السعي لإطلاق سراحي، بل تأمل أن يحل الزمن مشكلة بولارد نهائياً»، في إشارة إلى وفاته.
وخاطب بولارد أولمرت قائلاً: «زوجتي وأنا بودنا أن نعلم الفائدة الشخصية التي تجنيها من الكذب بالحديث عن دعم يقتضي القانون من حكومة إسرائيل تقديمه، لكنها تحجبه عنا؟». وأضاف: «إذا أصررت، فإن الحكومة تخصص موارد لي ولزوجتي، لكننا لا نعرف من يتلقاها. هل يجري اختلاسها في مكتبك واستخدامها بشكل غير شرعي في مكان آخر؟ إننا نشتمّ رائحة كريهة للغاية». وهدد بولارد باتخاذ كل ما في وسعه من إجراءات لإظهار الحقيقة الرسمية التي «يعرفها كل إسرائيلي بشكل غير رسمي»، مشيراً إلى أن الدولة العبرية مدينة لـ«عميل خدمها بإخلاص، وقضى 23 عاماً من عمره في الأسر».
وجوناثان بولارد ليس مجرد جاسوس إسرائيلي عادي لكي يمكث في سجن أميركي 23 عاماً من دون أمل في الإفراج عنه حتى في الذكرى الستين لتأسيس الدولة العبرية. فلماذا تتردد إسرائيل في الطلب منه؟ ولماذا يصعب على الولايات المتحدة التنازل في هذا الشأن؟
تقول الروايات إن بولارد «سرق أسرار البحرية الأميركية وسربها إلى إسرائيل ومنها إلى الاتحاد السوفياتي في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي». لكن جواسيس إسرائيليين كثر فعلوا الشيء نفسه وباعوا أسراراً عسكرية حساسة للعدو الأكبر حالياً، الصين، ولم يواجهوا مصيراً مماثلاً لمصير بولارد. وانتهى الأمر بالتراجع والاعتذار عن الخطأ. فما هي خصوصية بولارد عن باقي الجواسيس؟
رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق، جورج تينيت، هدد بالاستقالة عندما أحسّ بأن الرئيس السابق بيل كلينتون مستعد لإبرام صفقة مع بنيامين نتنياهو في قمّة واي ريفر 1998. الصفقة كانت تقضي بالإفراج عن بولارد في مقابل الإفراج عن جميع السجناء الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية. الجميع بمن فيهم «من تلطخت أيديهم بالدم اليهودي».
وبحسب ما تسرب عام 2004، فإن بولارد لم يكتف ببيع الأسرار العسكرية، بل باع معها أسماء عشرات الرجال العملاء التابعين للـ«سي. آي. أيه» في موسكو الذين لاقوا مصيراً قاتماً على يد الاستخبارات السوفياتية. وكان موقف تينيت أنه لا يستطيع أن يواجه ضباط الوكالة إذا ما قبل بالإفراج عن بولارد، رغم تفهم الولايات المتحدة العميق لـ«الغاية النبيلة» من تجسس بولارد. وأعرب عن خشيته من تفسخ الوكالة نتيجة خطوة كتلك.
واشنطن غضّت الطرف حتى عن جريمة أكبر من التسبب بقتل رجال الاستخبارات، مثل إغراق نحو 35 عالماً وبحاراً كانوا على متن سفينة التجسس «ليبرتي» إبان حرب حزيران 1967. السفينة التي نجا قبطانها ليكشف أنه نادى الطائرات الإسرائيلية وقف الهجوم فتجاهلته. لكنها ليست قادرة على إخراج بولارد.
على أن أنصار بولارد يعيّرون الحكومة الإسرائيلية بأنها بتخليها عنه وعن أسراها في غزّة ولبنان، جلعاد شاليط ايهود غولدفاسر وايلداد ريغيف، تفقد سمعتها بوصفها «دولة حامية لليهود».


«الشاباك» يطلق موقعاً إلكترونياً بالإنكليزية والعربية
أطلق جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، أمس، صيغتين بالإنكليزية والعربية لموقعه على الإنترنت، في إطار سياسة «انفتاح» جديدة. وتهدف مواقع الإنترنت هذه إلى تزويد الجمهور معلومات عن تاريخ هذا الجهاز، إضافة إلى معلومات أخرى محدودة أكثر عن الأنشطة المناهضة لإسرائيل، حسبما أوضح مسؤول في الوكالة رفض الكشف عن هويته، مشيراً إلى أن على «الجهاز تحسين صورته ونوعية اتصالاته عن طريق الانفتاح على جمهور أكبر». وفي رسالة لتقديم الخدمة الجديدة بثت على الموقع بالإنكليزية، قال مدير «الشاباك»، يوفال ديسكين، «إن عدداً من أنشطة الشين بيت سرية بالتأكيد. لكننا نريد إعطاء لمحة عن أنشطته وقيمه وإرثه ومهامّه».
(ا ف ب)