رام الله ــ الأخبار
الميلاد في الأراضي الفلسطينية يختلف هذه المرة عن كل عام، في ظل الحصار الإسرائيلي والدولي، الذي حرم الفلسطينيين لقمة العيش، ويضاف إليه التوتر والاقتتال الداخليين، اللذين ساهما أيضاً في تقليص بهجة الأعياد.
وفي بيت لحم، مهد المسيح، توقّع سكان المدينة أن تسهّل قوات الاحتلال حياتهم ولو ليوم واحد، كي يتسنى لهم الاحتفال بعيد الميلاد هذا العام، إلا أن آمالهم تحطمت، عند تشديد الإجراءات الإسرائيلية حول المدينة المحاصرة من القوات الإسرائيلية وجدار الفصل العنصري. الدخول أو الخروج منها يحتاجان إلى ساعات، تطول او تقصر بحسب مزاج الجنود الإسرائيليين، الذين يحرسون المعبر.
وتكتسب مدينة بيت لحم، أو مدينة السلام، كما يسميها أهلها، أهمية عظيمة كونها مهد المسيح، ويحج إليها المسيحيون من بقاع الأرض كافة.
وفي المدينة ثلاث كنائس أساسية، كنيسة المهد وكنيسة القديسة كاترينا ودير القديس ثيوذوسيوس، وتقام الصلوات في الكنائس الثلاث خلال الاحتفالات السنوية.
ويعيش سكان المدينة هذا العام في ظل ظروف صعبة بسبب الجدار والحصار، والأحداث المؤسفة التي شهدها قطاع غزة، الأمر الذي ألقى بظلاله القاتمة على أجواء العيد.
وقدّر وزير السياحة الفلسطيني جودة مرقص ان يراوح عدد السياح لمدينة بيت لحم عشية أعياد الميلاد من 20 إلى 30 الف سائح.
ودعا رئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة العالم إلى التدخل لإنقاذ المدينة المحتلة من الموت. وقال «إن مدينة الميلاد تموت ببطء وإذا لم يتدخل العالم لإنقاذها فستموت كلياً».
وقالت السائحة الأميركية دانييلا دغلر (30عاماً)، بينما كانت تجول في محيط كنيسة المهد، إنها جاءت للاحتفال بعيد الميلاد. وتابعت «أنا حزينة جداً لأنني لا أرى في عيون الفلسطينيين فرحة العيد، وأنا مستاءة جداً من الجدار العازل، فهو عال وفاصل حقاً بين الدولتين، وأنا شخصياً لا أرى أنه سيوفر الأمان للإسرائيليين، على العكس فهو الذي سيزيد الحقد عليهم».
أم الياس (42 عاما)، مسيحية من بيت ساحور، قالت «أنا لا أتصور أن هذا العيد سيكون كباقي الأعياد وذلك لشح الأموال». وأضافت «إذا ما في مال باعتقادي ما في عيد».
وتساءلت ام الياس «كيف لنا ان نفرح اطفالنا بالعيد ونحن لا نستطيع شراء ملابس العيد او حلويات العيد؟» وتابعت «أصبح الأهل في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية يخافون العيد ويحسبون ألف حساب لمصاريفه».
الطفل عيسى جرايسة (11عاماً)، من البلدة نفسها، أبدى فرحاً بعيد الميلاد. وقال «نحن لا نريد أن يكون هناك قتل ودمار بين فتح وحماس».
وفي قطاع غزة (رويترز)، الذي يعيش مشاهد الاقتتال الداخلي، أُلغي الاستعراض السنوي وقداس منتصف الليل لعيد الميلاد. وللمرة الأولى، لم تزخرف زينة الميلاد شجرة الصنوبر الضخمة في الميدان الرئيسي للمدينة.
وتقول أم طارق الارثوذكسية «لا نشعر ببهجة عيد الميلاد»، وفقد أبناء ام طارق ثلاثة من زملائهم في المدرسة قتلهم مسلحون بالرصاص لأن والدهم ضابط بارز في الاستخبارات موال للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأضافت أن عيد الميلاد أفسد عليهم و«لا يزال أولادي في صدمة مما يحدث على الأرض بين الفلسطينيين. لم يكن الوضع على هذا النحو قط».
وتساءل مانويل مسلم، وهو قس كاثوليكي، «المناخ العام في غزة محزن. اعتدنا أن نرى الأطفال الفلسطينيين يُقتلون بالطلقات الإسرائيلية. الآن يُقتلون بطلقات فلسطينية. كيف يمكن أن نحتفل بعيد الميلاد في ظل هذه الظروف؟».
ويعيش مسيحيو غزة، وعددهم نحو ثلاثة آلاف، في سلام بين 1.4 مليون مسلم. لكن معظم مظاهر الاحتفالات بعيد الميلاد في غزة قُلصت للاحتجاج على الاقتتال بين حركتي «فتح» و«حماس».
ويقول مسيحيون إنهم يتمتعون بحرية دينية في ظل قيادة «حماس»، بالقدر نفسه الذي كان في ظل «فتح».