علي حيدر
اتسعت هوة الخلاف بين رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، الذي أعلن تأليف لجنة فحص حكومية حول العدوان على لبنان، وبين وزير الدفاع عمير بيرتس الذي أيّد، بفعل الضغوط الداخلية الحزبية، تأليف لجنة تحقيق رسمية (دولتية) للقيام بمهمة التحقيق، في وقت يبدو فيه أن الطوق بدأ يشتد حول رقبة رئيس الأركان الجنرال دان حالوتس. وكانت كتلة العمل في الكنيست قد «توصلت الى ضرورة تأليف لجنة رسمية فعلية لضمان أن يكون التحقيق منصفاً وشفافاً وحائزاً ثقة الرأي العام». وأيدت غالبية نواب حزب العمل الـ19، الحلفاء الرئيسيين لحزب كديما بزعامة أولمرت في الحكومة، تأليف هذه اللجنة.
وغيَّر بيرتس رأيه في الأيام الأخيرة إثر تعرضه لضغوط من داخل كتلته، بعدما عيّن لجنة خاصة للبحث في قصور الجيش برئاسة رئيس الأركان السابق أمنون شاحاك.
يُذكر أن المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، كان قد أقرّ بأن قرار الكتلة لا يجبر الوزراء من الكتلة نفسها على الالتزام بما تقرره أثناء جلسة الحكومة. ويتوقع ألا تلاقي فكرة لجنة التحقيق الرسمية التأييد الكافي لها في الحكومة، وخاصة أن أولمرت أمر بتأليف لجنة فحص داخلية. وأفاد بعض المقربين إلى بيرتس أن بين الاعتبارات التي أملت عليه هذا الموقف هو خشيته من أن يؤدي تعدد اللجان، في نهاية الأمر الى «إسقاط الملف على رأسه».
وكان وزير البنى التحتية بنيامين بن أليعيزر (العمل)، المعارض لتأليف لجنة تحقيق رسمية، قد اتهم بيرتس بـ«المراوغة» وأخذ عليه عدم إجراء مشاورات قبل اتخاذ قراره حول اللجنة.
في المقابل، أيّد رئيس كتلة العمل في الكنيست إفراييم سنيه التبدل في موقف بيرتس لكنه قال إن «قرار الكتلة ليس ملزماً لوزراء حزب العمل في الحكومة». أضاف سنيه إن «كتلة العمل لها سلطة فقط على الأصوات في البرلمان».
وشنّ مقربون من أولمرت حملة عنيفة على بيرتس جراء موقفه المؤيد للجنة الرسمية، حيث أفاد أحدهم صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن وزير الدفاع «يواصل التهرب من مسؤولياته كما يفعل منذ بدء المعارك في لبنان. تصرفه أخرق من الناحية السياسية». وأشار آخرون أيضاً الى أن بيرتس «يتعامل مثل سياسي أقدم على نهايته، وكأنه فاقد للسيطرة. وقراره هذا غير مفهوم لأنَّه الأول الذي طالب بلجنة تحقيق داخلية برئاسة أمنون ليبكين شاحاك. لكنّه يتصرف مثل إنسان يريد أن ينقذ نفسه». لكن مقربين آخرين من أولمرت رأوا أن «من حق وزير الدفاع أن يفعل ما يراه مناسباً. نحن لسنا سعداء بهذا القرار. ولكن من غير المتوقع أن يؤثر القرار في العلاقة بين الاثنين. الائتلاف لن يتفكك».
من جهة أخرى، تواصلت الضغوط على رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، دان حالوتس. والجديد في هذا الملف مطالبة الرئيس السابق لحزب العمل عمرام ميتسناع حالوتس بالاستقالة من منصبه. وقال ميتسناع «أعتقد بأنّ حالوتس إنسان محترم وصاحب تجربة. لكنّه لا يستطيع الاستمرار في منصب قائد الأركان»، مؤكّداً أنه لا يستطيع «تحسين موقفه هذا كما أنه لن يصمد أمام الضغوط الآتية من الأسفل».
وكان رئيس الأركان السابق للجيش، موشيه يعالون قد قال في مقابلة مع قناة «الحرة» الأميركية «على المسؤولين أن يتحملوا مسؤولية شخصية عن حرب لبنان الثانية»، مضيفاً إن «هناك فشلاً في إدارة الحرب. ويجب على عدد من المسؤولين أن يتحملوا المسؤولية الشخصية عن هذه الحرب وأن يستقيلوا. اذا لم يفعلوا فإنّ الديموقراطية هي التي ستحسم». وحول عدم معرفة الاستخبارات الإسرائيلية بنوعية الأسلحة التي يمتلكها حزب الله، قال يعالون «لم نفاجأ بشيء. كنا نعرف جيداً ماذا لدى حزب الله».
إلى ذلك، عقدت الحركة الكيبوتسية في إسرائيل اجتماعاً لها في مستوطنة عين شومر بمناسبة سقوط 17 جندياً من «أبنائها» في حرب لبنان. وأشار رئيس شعبة المهمات للحركة الكيبوتسية يوآل مرشك، الذي انضم الى الداعين إلى تأليف لجنة تحقيق رسمية، إلى أن «97 في المئة من أبنائنا يتجندون في الجيش، من ضمنهم 87 في المئة يتجندون للمهمات الميدانية، ونحن موجودون هناك لأن هذه دولتنا». ويرى مرشك أن التراجع في حافزية أبناء الكيبوتسات للخدمة في الجيش ينبع من احتلال المناطق. ويوضح أن «الاحتلال مفسد ولذلك علينا ألاّ نقبله، ولكن حلنا ليس التهرب من التجنيد بل العكس. نحن نريد أن يتجند أبناءنا، أن يتطوعوا لسلك الضباط ويكونوا من الذين يقفون على الحواجز».
في هذا السياق، أقام جنود احتياط اسرائيليون «مقبرة» وهمية خارج مكتب أولمرت للاحتجاج على تعامله خلال الحرب ضد حزب الله في لبنان. ووضع جنود الاحتياط 120 شاخصاً من الورق المقوى لجنود في قطعة أرض عشبية على شاكلة صفوف مثل شواهد القبور، أمام مكتب أولمرت في القدس المحتلة، بينها مجسمات للجنود الأسرى لدى حزب الله ولدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
وقال جيدي كالمان، أحد جنود الاحتياط «يبيّن هذا كارثة هذه الحرب والمأساة بالنسبة إلى الأسر». أضاف، وهو يشير الى الشخوص التي تستخدم عادة في تدريبات إطلاق النار، «إنها مسؤولية رئيس الأركان ووزير الدفاع ورئيس الوزراء. يجب أن يتحملوا المسؤولية عن الأشياء التي ورائي».