سارت الانتخابات منذ البداية بالأمر المباشر من الجهات «السيادية»
أما الحدث الثاني، فقد تمثّل بكلمة للسيسي بثها التلفزيون الرسمي عقب إعلان فوزه بولاية ثانية بنسبة 97.08%، أشاد فيها بـ«الاصطفاف الوطني» الذي شكّل مشهداً «مبهراً وباعثاً على الأمل». لكن اللافت أنّ الأبواق الإعلامية بدأت في اليومين الماضيين، التهديد بالمستقبل المظلم في عام 2022 مع نهاية ولاية السيسي الثانية، إذ لا يحق له بموجب الدستور الحالي الترشح مجدداً، علماً بأنّها المادة التي يرغب النظام في تعديلها ضمن جملة مواد توسّع من صلاحيات الرئيس وتُقلّص من صلاحيات الحكومة والبرلمان الذي يمكنه محاكمة الرئيس وعزله وفق إجراءات محددة لم تكن موجودة في أي من دساتير مصر السابقة.
هكذا، أُسدِل الستار على المسرحية الهزلية بأرقام لم تعرف التزوير المباشر، لكنها عرفت الحشد غير المسبوق الذي شاركت فيه الشركات الخاصة (بعضها خشيةً وبعضها رغبةً)، فيما سارت الانتخابات منذ بداياتها بالأمر المباشر من «الجهات السيادية». وبالرغم من أنّ «الأمر المباشر» لم يمنع هيئة الانتخابات من تقريب الاستحقاق إلى شهر آذار/ مارس بدلاً من أيار/ مايو، فإنّ نزاهة هذه الأخيرة كانت قد سقطت بدورها منذ اليوم الأول.
بقراءة أولية في نتائج الانتخابات (وفق ما ورد رسمياً)، فإنّ نسبة تصويت المصريين في الخارج تراجعت عن انتخابات 2014 بنسبة 50% تقريباً، فيما أوصل الحشد والترهيب، وخاصة لدى موظفي الحكومة، النسبة في الداخل إلى أكثر من 41% بقليل، منهم نحو 7% من الأصوات الباطلة. أما «مرشح اللحظات الأخيرة» موسى مصطفى موسى، فقد حصل على نسبة 2.92%!
في كلمته يوم أمس، اعتبر السيسي أنّ ذهاب المواطنين للانتخابات بمثابة «تجديد العهد على مسار وطني، انحاز أبناؤه له وقرروا الاستمرار فى خوض معركتَي البقاء والبناء». وهي معركة سيدخلها المواطنون بالفعل، ولكن سيكونون وحدهم في مواجهة غلاء الأسعار وتحريك أسعار المحروقات والسلع وزيادة الضرائب مع بداية العام الجديد تمهيداً لتسلّم الشريحة الثالثة من صندوق النقد الدولي. معركةٌ سيتواصل فيها نزف سعر الجنيه المصري أمام الدولار وتزداد القوة الشرائية للمصريين في التآكل.