سيحاول «التحالف» انتزاع مكاسب في عملية تنفيذ اتفاق الحديدة
ما حصل في السويد لم يكن مجرد إكرام أو ترضية للأمين العام للأمم المتحدة الذي استحصل على موافقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من خلال الاتصال الهاتفي بينهما عشية التوقيع على الاتفاق، بل هو يعكس بوضوح هشاشة منظومة العدوان بقيادة السعودية والإمارات، ويحمل دلالات عميقة كونه يأتي بعد فشل السياسات المتهوّرة التي أدارتها كل من الرياض وأبو ظبي في الإقليم. وانطلاقاً من ذلك، يمكن القول إن المعادلة الجديدة، أي سقوط زمن فرض الإرادات، لن تكون يتيمة، وسيتبعها طريق سياسي تفاوضي طويل وصعب، بهدف تثبيت تلك المعادلة، وهذا سيتطلّب نَفَساً طويلاً وحنكة سياسية.
ومن المفيد التذكير، هنا، بأن وفد الرياض حضر إلى السويد خالي الوفاض على المستوى السياسي، وحتى على المستوى الإداري، ولم يصطحب معه أي ملفات أو وثائق أو مستندات أو صور، وسعى إلى المماطلة وكسب الوقت إلى أن جاءه الاتصال من الرياض. وبعد الإعلان عن الاتفاق، انهال على الوفد سيل من الاتهامات بالتفريط والانحياز عن الاهداف المرسومة، وذلك من قِبَل منظومة الإعلام والشخصيات السياسية المموّلة من اللجنة السعودية الخاصة باليمن، وكذلك منظومة أبو ظبي على حد سواء، ما اضطر الوفد إلى الاعتراف بأن ما حصل يمثل رغبة سعودية ودولية لم يكن في مقدوره مواجهتها. وفي ما بعد، أطلق الوفد تفسيرات للاتفاق مغايرة للنصوص الواضحة، وهو سيحاول التذاكي في فرض تلك التفسيرات على القواعد الإجرائية والتطبيقية.
من جانبها، تصرّ صنعاء على المسار السياسي التفاوضي، بعدما رسمت خطة استراتيجية للتفاوض عبّر عنها زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في أكثر من مناسبة، بالتوازي مع استمرار الجاهزية العسكرية على الجبهات. وترى صنعاء أنها معنية أكثر من غيرها بالمرونة السياسية لرفع المعاناة ومعالجة القضايا الإنسانية جراء الحرب، وهي لهذه الغاية قدمت وستقدم التنازلات، مع الحرص على أن وفدها لن يعطي بالسياسة ما عجز العدوان عن انتزاعه بالوسائل العسكرية. وقد أبلغ وفد صنعاء سفراء دول مجلس الأمن في اليمن، الذين واكبوا المفاوضات، الجاهزية الكاملة للاتفاق على الملفات كافة، سواء في ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية، أم الترتيبات السياسية والأمنية وغيرها. وفي ردّه على ما قيل من أن وفد صنعاء تمتّع هذه المرة بالنضج السياسي، أجاب الوفد بأن هذه هي طروحاتنا منذ أربع سنوات، ولو غبتم أربع سنوات أخرى فستجدون الرد نفسه، ولن نغيّر أو نبدّل فيه شيئاً.