القاهرة | مع استمرار العدّ التنازلي في مصر لبدء العام المالي الجديد، والرغبة في الإسراع في إتمام صفقات بيع أصول الدولة، يبدو أن الحكومة المصرية ستضطرّ، في نهاية المطاف، إلى القبول باشتراطات دول الخليج، والموافقة على عمليات بيع بأسعار ونسب كانت ترفضها سابقاً، وذلك تحت وطأة اشتداد حاجتها إلى الأموال، وعدم وجود مصادر بديلة للتمويل، على رغم توقّع تدفّقات تمويلية عبر مصادر متعدّدة قبل نهاية العام الجاري. ويتمثّل أبرز تلك الاشتراطات، في تعزيز الوجود الخليجي في قناة السويس عبر المنطقة الاقتصادية في القناة، وهو ما دفع الحكومة المصرية إلى الموافقة على تأسيس شركة «قناة السويس القابضة للصناعات والخدمات البحرية والاستثمار»، والتي ستكون بوّابة لدخول المستثمرين، سواء عبر استثمارات جديدة أو بالاستحواذ على حصص من الشركات التابعة لها، وفي مقدّمتها «شركة الرباط والأنوار» و«الشركة البور سعيدية للأعمال الهندسية والإنشاءات البحرية». كذلك، تعتزم مصر طرح حصّة بنسبة 20% من أسهم «شركة بور سعيد لتداول الحاويات والبضائع» في البورصة، وهي الشركة التي تملك المنطقة الاقتصادية 39% من أسهمها، فيما يستهدف «جهاز قطر للاستثمار» و«مجموعة موانئ أبو ظبي الإماراتية» الاستحواذ على تلك الأسهم، بعدما قدّما عروضاً وجدتها الحكومة المصرية غير عادلة، بسبب الخلاف حول تقييم سعر صرف الجنيه.أيضاً، تتطلّع الإمارات والسعودية إلى الاستحواذ على عدّة شركات جرى تحديد غالبيتها بالفعل. وعلى رغم وصول المفاوضات في هذا الشأن إلى مراحل نهائية، إلّا أن عمليات البيع تبقى معطَّلة في انتظار موافقة المسؤولين المصريين المتمسّكين بعدم البيع بأسعار أقلّ من «التقييم العادل» ما لم تكن هناك حاجة ملحّة إلى ذلك، وهو ما جعل المسؤولين الخليجيين يعلّقون جزءاً من مفاوضاتهم بالفعل في الفترة الماضية. أمّا قطر، فلديها رغبة في الاستحواذ الكامل على «شركة فوادفون مصر للاتصالات»، والتي تمتلك «الشركة المصرية للاتصالات الحكومية» نحو نصف أسهمها، فيما النصف الآخر تمتلكه «شركة فوادكوم العالمية». ويسعى «صندوق قطر السيادي»، ابتداءً، إلى الاستحواذ على حصة «المصرية للاتصالات» البالغة 45%، في خطوة أولى ستعقبها مفاوضات الاستحواذ الكامل عبر شراء الحصّة المتبقّية، والمملوكة لـ«فوادكوم» التابعة لـ«فوادفون» العالمية في جنوب أفريقيا. ومع أن الحكومة المصرية كانت قد رفضت العرض القطري بشكل كامل، في ظلّ رغبتها في طرح 20 إلى 25% فقط من النسبة المملوكة لـ«المصرية للاتصالات»، إلّا أنها اضطرّت إلى القبول به عقب توقّف للمفاوضات لعدّة أشهر، لتكون هذه الصفقة، في حال تنفيذها في الأيام المقبلة، الأعلى في البورصة المصرية.
تتطلّع الإمارات والسعودية إلى الاستحواذ على عدّة شركات جرى تحديد غالبيتها بالفعل


وفي مقابل عمليات الابتزاز الخليجية، تبقى الفرصة الوحيدة المتاحة أمام الحكومة المصرية لتأجيل عمليات البيع أملاً في تحصيل سعر أفضل، هي بيع إحدى محطّات الكهرباء لشركة الاستثمار المباشر البريطانية «أكتيس» وشركة الطاقة الماليزية «إدرا باور»، في صفقة ستصل قيمتها إلى نحو مليارَي دولار، متضمِّنةً الأقساط المتبقّية على المحطة لمصلحة شركة «سيمنز» الألمانية المنفّذة للمشروع، علماً أن هذا الأخير لا يعمل بكامل طاقته بسبب انتفاء الحاجة إليه في الوقت الحالي. لكن عملية البيع تلك لا تتطلّب موافقة الحكومة المصرية فحسب، وإنّما أيضاً «بنك التنمية الألماني» ومموّلي المشروع الذين قدّموا قروضاً بقيمة 4.1 مليارات يورو من أجل بناء ثلاث محطّات للكهرباء، واشترطوا عدم بيعها إلّا بعد سداد القرض بالكامل أو الحصول على موافقة الجهات المموّلة، وهي موافقة بدأت الحكومة تسعى إليها بالفعل بالتنسيق مع الجانب الألماني. وستجني الحكومة المصرية نحو مليارَي دولار من خلال صفقة بيع شركة الكهرباء إذا ما تمّت بسرعة كما ترغب القاهرة، بالإضافة إلى بعض الصفقات الصغيرة الأخرى من مثل استحواذ السعودية على 70% من «شركة النصر للزجاج والبلور»، والذي جرى تعليقه منذ فترة بسبب خلاف حول سعر التقييم العادل.