وتبدو الشروط التركية بمثابة ردّ على ما تصرّ عليه الحكومة السورية في سياق مسار التطبيع، وعلى رأسه وضع جدول زمني للانسحاب التركي من سوريا، وضرب الجماعات الإرهابية في مناطق وجود الجيش التركي. إلّا أن هذه الشروط تَظهر غير واقعية، لجهة أنها تتجاوز مبدأ الانسحاب أوّلاً، لتقفز إلى التعاون في مكافحة «الإرهاب» الكردي تحديداً، من دون الإشارة إلى مكافحة الجماعات «الإرهابية» في مناطق إدلب وغرب سوريا. وفي السياق، وصفت وكالة «هوار» الكردية لقاءات «أستانا» بـ«المسرحية»، رافضةً اتهام الأكراد بـ«الانفصالية» في وقت تقوم فيه تركيا بتتريك المناطق الموجودة فيها وتغيير بنيتها السكانية.
يأتي تسريب الشروط التركية في وقت يُسجَّل فيه تصعيد ميداني في الميدان السوري
كذلك، قال القيادي في حزب «الاتحاد الديموقراطي السوري»، صالح مسلم، إن «إردوغان، منذ ثماني سنوات، لم يتوقّف عن ضربنا كلّما سنحت له الفرصة»، فيما رأى ضياء أولوصوي في صحيفة «يني أوزغور بوليتيكا» المؤيدة لـ«حزب العمال الكردستاني»، أن سكوت الولايات المتحدة على الهجمات التركية على الأكراد في القامشلي وقتل مسؤوليهم، وعدم إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات التركية، وتصويب «إعلان أستانا» على الحكم الذاتي الكردي، هو بمثابة إعطاء ضوء أخضر لتركيا لمواصلة هجماتها. من جهة أخرى، يرتبط الطابع التعجيزي للمطالب التركية بحديث أنقرة المتجدّد، خلال اجتماعات «أستانا»، عن «تغيير الدستور في سوريا من أجل التقدّم في العملية السياسية، ومن ثمّ إجراء انتخابات يشارك فيها السوريون في كلّ أنحاء العالم، وتتشّكل في ضوئها حكومة سورية ذات شرعية»، على اعتبار أن هذه الأخيرة شأن داخلي سوري بامتياز، فضلاً عن أن تطبيقها سيحتاج إلى وقت طويل، وخصوصاً أن تجربة «اللجنة الدستورية» حتى الآن لا تزال مجرد فقاعات هوائية.
ويأتي تسريب الشروط التركية في وقت يُسجَّل فيه تصعيد ميداني في الميدان السوري؛ إذ نقلت وكالة «إخلاص» التركية أن الطائرات الروسية قصفت، السبت الماضي، أهدافاً في شمال اللاذقية وجسر الشغور ومحيط إدلب، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً وجرح ثلاثين آخرين، بينما قالت وزارة الدفاع السورية إن القوات السورية والطائرات الروسية استهدفت مقارّ لـ«هيئة تحرير الشام» في منطقة إدلب وجسر الشغور، وقتلت العديد من قيادات «الهيئة» ردّاً على تمادي الأخيرة في التعدّي على القوات السورية. ولا يبدو التصعيد الحاصل في إدلب ومحيطها، ولا القصف التركي بالمدافع والمسيّرات لمواقع وأهداف كردية في غربي الفرات وشرقيه، نتيجةً لما آلت إليه لقاءات «أستانا»، والتي لا تزال مخرجات نسختها الأخيرة غير واضحة تماماً.