بغداد | ثلاثون يوماً أمام الأحزاب والكيانات السياسية العراقية، للتسجيل لدى «المفوضية العليا للانتخابات»، من أجل خوض انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في نهاية العام الحالي. وبلغ عدد الأحزاب المسجّلة والمجازة من قِبل دائرة شؤون الأحزاب 269، بينما ما زالت إجراءات تسجيل نحو 77 حزباً قيد الدراسة. وتستمرّ مهلة التسجيل التي افتتحتها المفوضية في الأول من تموز الجاري حتى الثلاثين منه، فيما حدد البرلمان العراقي يوم 18 كانون الأول المقبل موعداً نهائياً لإجراء الانتخابات. وحدّدت المفوضية شروطاً لتسجيل الأحزاب، من خلال تقديم قائمة لا تقلّ عن 500 داعم، إضافة إلى فرض مبالغ مالية لمشاركة التحالفات تصل إلى 10 ملايين دينار. أما للحزب فستكون 5 ملايين دينار، وللمرشح المنفرد مليون دينار عراقي.ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجالس المحافظات 28 مليون ناخب، بعد إضافة مواليد 2004 و 2005، بينما لا يتجاوز عدد المحدّثين بياناتهم بايومترياً 18 مليوناً فقط، ما يعني أن أكثر من 10 ملايين ناخب يمكن أن يُحرموا من التصويت في الانتخابات المقبلة ما لم يحدّثوا بياناتهم وفق القانون الانتخابي الحالي. وبعد التعديل الثالث لقانون الانتخابات لعام 2018، فإن البطاقة البايومترية أصبحت هي الأساس في الانتخابات المحلية المقبلة، فضلاً عن احتساب الأصوات بالطريقتين اليدوية والإلكترونية. وكان حل مجلس النواب الاتحادي مجالس المحافظات، استجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في تشرين الأول عام 2019، بسبب التشكيك في عمل تلك المجالس واتهامها بهدر المال العام، وتفشي الفساد المالي والإداري.
وفي هذا الإطار، يقول مدير قسم تسجيل الأحزاب في مفوضية الانتخابات، رياض كاظم، لـ «الأخبار»، إن «التحالفات بدأت تسجّل وتدقّق معلوماتها لدينا، استعداداً للانتخابات المقبلة»، ويقسم الأحزاب إلى نوعين: الأحزاب القديمة التي لديها رغبة كبيرة في المشاركة، وكذلك الأحزاب الجديدة المسماة بالتحالفات الجديدة والتي تجري عليها تعليمات وإجراءات التحالفات السابقة من دفع رسوم وشروط وتدقيق للمعلومات. ويبيّن أن عدد الأحزاب الرسمية يبلغ 269 حزباً مسجلاً في دائرة الأحزاب. بينما الأحزاب قيد التسجيل يبلغ عددها 77 حزباً، سوف يصبح بإمكانها التحالف مع أي جهة عند اكتمال الإجراءات.
10 ملايين ناخب يمكن أن يُحرموا من التصويت ما لم يحدّثوا بياناتهم بايومترياً


ويلفت مسؤول في «المفوضية العليا»، اشترط عدم ذكر اسمه، بدوره، إلى أن «الأحزاب الكبيرة (القوى السياسية الكلاسيكية) هي المسيطرة على العملية الانتخابية، وهنالك تدخل واستحواذ واضحان منها لفرض سير الانتخابات وفق رغبتها». ويضيف المسؤول، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «خلال الفترة السابقة، كانت هناك ضغوط أبدتها قوى سياسية لتغيير أعضاء في المفوضية، ومنهم رئيس مجلس المفوضين القاضي جليل عدنان، الذي قدم استقالته بعدما ضايقته الأحزاب بأساليب متعددة، فضلاً عن أن الحكومة السابقة كانت أيضاً تضغط عليه خلال انتخابات عام 2021 البرلمانية». ويشير إلى «مسألة تحايل الأحزاب خلال مرحلة التسجيل بالقول إنها تعتمد على شركات ورجال أعمال في الدعم المالي، بينما ترجع هذه الأموال إلى المال السياسي الفاسد أو أموال مسروقة من خزينة الدولة لدعم مشروعها أو دعايتها السياسية».
من جهته، يؤكد مسؤول الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، أن الإجراءات الإدارية والفنية والمالية والأمنية جاهزة، قائلاً إن «كل مكاتبنا في المحافظات جهّزت لجانها للعمل في مختلف الاختصاصات والمهام المنوطة بها»، ويلفت إلى أن «المفوضية تسلّمت الدفعة المالية الأولى، وهذه الدفعة بإمكانها تسيير عملها». وبشأن التحالفات، يُفيد «الأخبار» بأن التحالفات الموجودة حالياً مكوّنة من 41 تحالفاً، و«من المفترض أن تحدّث هذه التحالفات بياناتها، لأن بعض الأحزاب قد تنسحب منها، وبعض الأحزاب قد تنتمي إليها، ودائرة الأحزاب تعتمد على آخر القوائم المقدمة». ويوضح أن «التحالفات التي تشكّلت حديثاً والتي تريد المشاركة في الانتخابات، عليها أن تخضع لمجموعة شروط، ومنها اسم التحالف الذي يجب ألا يكون متشابهاً مع أسماء التحالفات الأخرى، واختيار رئيس التحالف وأيضاً دفع الرسوم».
أما السياسي العراقي، عمار العزاوي، فيتوقع أنه «في ظلّ صيغة القانون الجديد (سانت ليغو المعدل على اسم انتخابي 1.7)، فالمنافسة ستكون بين الكتل الكبيرة والتحالفات الكبيرة، ما يعني أن الكتل الصغيرة لن تستطيع أن تنافس الكتل الكبيرة. لذلك يجب على الجميع أن يُعدّ العدة، وخصوصاً أن بعض الكتل بدأت تستعدّ منذ الآن بمرشحيها وإعطاء برامج لمرشحيها والانتشار في المناطق». ويوضح أن «القانون الجديد جعل من المحافظة دائرة واحدة، وهذا جعل المنافسة قوية بين المرشحين وبين من يريد أن يفوز ويحصل على أعلى الأصوات على مستوى المحافظة».
وفي السياق نفسه، يشير مصطفى مشعان، وهو ممثل عن حزب «الاتجاه الوطني» (أحد الأحزاب الناشئة)، إلى «أننا لم نكن سابقاً نملك إجازة، لكننا قرّرنا أن تكون هذه مشاركتنا الأولى في انتخابات مجالس المحافظات». ويدافع عن مشاركة حزبه في الانتخابات بالقول إنها «جاءت ضمن إطار التغيير بعد سيطرة الأحزاب الكبيرة في السلطة وهيمنتها على الشارع والدولة». ويرى مشعان أن «فرصة الأحزاب الصغيرة ضعيفة، لكننا سنطرح برنامجنا وعملنا سيكون واضحاً». ولا يستبعد فكرة التحالفات مع أحزاب كبيرة، ولكن حسب رؤية الحزب وبرنامجه ومقبوليّته في الشارع، وكذلك أن يكون التحالف مع أشخاص «لهم سجل أبيض وليس أسود».