غزة | مع اندحار الاحتلال عن مخيم جنين، تنظر الفصائل الفلسطينية إلى صمود مقاتليها في المخيم، على أنه انتصار جديد في وجه آلة الاحتلال العتيّة، الأمر الذي يفرض عليها تعزيز قوّة عناصرها هناك، وترميم قدراتهم العسكرية، والانطلاق نحو مرحلة جديدة تُفشل أيّ مخطّط إضافي يمكن أن يضعه الاحتلال لاجتثاث المقاومة في جنين. وبحسب ما علمته "الأخبار"، من مصادر في حركتَي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، فإن ثمّة توجّهاً لدى الفصائل في قطاع غزة وفي الخارج لترميم قوة الكتائب العسكرية العاملة في جنين، والاستمرار في تطوير قدراتها استعداداً لاحتمال تكرّر العدوان الأخير. ووفق المعلومات، بدأت المقاومة التحضّر لسيناريوات قد يلجأ إليها الاحتلال بعد هزيمته في المخيم، أبرزها تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في المكان نفسه خلال الفترة القريبة، وهو ما قد يحتّم عليها الدخول بقوتها العسكرية لإفشال هذه العملية. كما تستعدّ لسيناريو توتير الاحتلال الأوضاع مع غزة، أو تفعيل سياسة الاغتيالات كما حدث في أيار الماضي، وتحديداً ضدّ العناصر الذين لهم علاقة بالمقاومة في الضفة الغربية المحتلة. وعلى مدار ساعات المعركة الأحدث، لم تنقطع الاتصالات بين المقاتلين والمجموعات العسكرية في مخيم جنين وبين قيادة المقاومة، فيما أدى صمود المقاتلين في المخيم، بحسب المصادر، إلى تأخير تدخّل المقاومة في القطاع، إلى أن انسحب الاحتلال من جنين من دون أن يحقّق أهدافه. وفي الإطار نفسه، أكد القيادي في "الجهاد"، داوود شهاب، أن "قرار دخول غزة في المواجهة قد اتُّخذ، وتمّ ترك التنفيذ للحظة المناسبة"، مبيّناً أن "صمود المقاومة في جنين واستخدامها تكتيكات أمنية وميدانية، كانا العامل الرئيس في تحقيق الانتصار على الاحتلال من دون الحاجة إلى تدخل القطاع"، مضيفاً أن "إثبات المقاومين قدرتهم الكبيرة على مواجهة العدو، واستدراجهم إيّاه، ونصبهم الكمائن له، واستهدافهم إيّاه بالعبوات الناسفة، كلّ ذلك دفعه إلى الانسحاب من دون تحقيق أهدافه". وكانت تواصلت الاتصالات، خلال العملية العسكرية، بين أطراف "الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة" في غزة، للتباحث في آلية مساندة المقاومة في مخيم جنين، وسط اتفاق على عدم السماح للاحتلال بسحقها، والتدخل في الوقت المناسب الذي ترى فيه المقاومة أن الأوضاع تنزلق بشكل خطير، عبر ردّ قوي. كذلك، نقلت المقاومة عدّة رسائل ساخنة إلى الاحتلال عبر الوسطاء، أكدت فيها أن استطالة العملية ستؤدي إلى تفجير الأوضاع ودخول القطاع بثقله في المواجهة العسكرية، وهو ما لعب دوراً بالفعل في استعجال حكومة العدو إعطاء الأوامر بالانسحاب من المخيم.
على مدار ساعات المعركة الأحدث، لم تنقطع الاتصالات بين المقاتلين والمجموعات العسكرية في مخيم جنين وبين قيادة المقاومة


وفي أعقاب الانسحاب، شنّ جيش الاحتلال غارات جوية على أهداف في قطاع غزة صباح الأربعاء، ردّاً على إطلاق صواريخ من القطاع باتجاه مستوطنات "الغلاف"، وفق ما أفاد به الجيش الإسرائيلي، الذي أعلن بالتزامن أن العملية العسكرية في جنين انتهت رسمياً. وقال الجيش في بيان: "تمّ رصد إطلاق 5 قذائف صاروخية من قطاع غزة، تصدّت القبة الحديدية لها. وردّاً على الصواريخ التي أطلقت في وقت سابق فجر الأربعاء، شنّ سلاح الطيران في الجيش غارات على القطاع"، فيما أشارت مصادر أمنية فلسطينية إلى أن الاحتلال استهدف موقعاً عسكرياً تابعاً لحركة "حماس" في شمال غزة، من دون أن يتسبّب ذلك بوقوع إصابات. وحملت صواريخ المقاومة رسائل إلى العدو بأنه لا يمكنه ردع غزة أو تحييد المقاومة فيها عمّا يجري في الضفة الغربية، وأن تكرار ما جرى في جنين سيؤدي إلى دخول القطاع في المواجهة حتماً.