«بإمكان الدولة تدبّر أمرها من دون عدّة طيارين، لكنها لن تتدبّر أمرها من دون حكومة»؛ ما سبق قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في جلسة مغلقة، طبقاً لما ذكره الصحافي، عَميت سيغال، في مقالته الأسبوعية في صحيفة «يديعوت أحرونوت». وبحسب سيغال، فإن «نتنياهو مستعد هذه المرّة نفسياً، إذا ما أقدم الجنود والضباط على رفض جماعي للخدمة»، في إشارة إلى تجميد رئيس الوزراء لخطّة «الانقلاب القضائي»، بعد تصاعد تظاهرات «يوم مقاومة الديكتاتورية» في نهاية آذار الماضي، وإعلان طيّاري الاحتياط توقّفهم عن الخدمة آنذاك. ويعكس هذا الموقف رغبة نتنياهو في الاستمرار في خطّته من دون أيّة نيّة لتعديلها أو تجميدها، وخصوصاً أنه اعتبر، في الجلسة المغلقة نفسها، أن «ثمّة معنى واحداً لوقف التشريعات، وهو أنه لن تكون هناك جدوى من وجود سلطة تنفيذية، لأنها لن تتمكّن من فعل شيء (من دون التشريعات)».ما نقله سيغال عن نتنياهو تقاطع أيضاً مع ما نقلته صحيفة «هآرتس» عن قياديين في «الليكود»، قدّروا أن نتنياهو عازم على تمرير التشريع المرتبط بـ«إلغاء ذريعة عدم المعقولية» قبيل انتهاء الدورة الصيفية لـ«الكنيست» في 29 تموز الجاري، وذلك حتى لو تصاعدت الاحتجاجات المتوقّعة يوم الإثنين المقبل، وكان هناك رفض واسع في صفوف الاحتياط لأداء الخدمة العسكرية - لا يتجاوز حجم ما سُجّل قبل أربعة أشهر -. مع هذا، رأى هؤلاء القياديون أنه «من السابق لأوانه استشراف كيف ستبدو الدولة في الأيام القريبة، وكيفيّة تأثر نتنياهو بحالتها»، مبيّنين، هنا، أن ثمّة «خطّاً أحمر»، لم يحدّدوا ماهيته، قد يدفع تجاوزه رئيس الوزراء إلى التراجع. على أن الخطّ المشار إليه، لا يبدو أن الأمور قد بلغته بعد، بدليل أنه بعد مصادقة «الكنيست» بالقراءة الأولى على «إلغاء ذريعة عدم المعقولية»، أبلغ رئيس لجنة القانون والدستور، سيمحا روتمان، أعضاء اللجنة، أوّل من أمس، بأنه سيعقد غداً (الأحد) المداولات الأخيرة قبل تعميم صيغة القانون، ومن ثمّ البدء باستقبال التحفّظات عليها. وبحسب «القناة الـ12» الإسرائيلية، فإن التصويت على التحفظات سيبدأ الإثنين المقبل، وسيمتدّ ليومين، قبل أن تصادق اللجنة على الصيغة النهائية الأربعاء، ما يعني أن التصويت في الهيئة العامة بالقراءتين الثانية والثالثة سيكون في بداية الأسبوع الأخير من الشهر الحالي.
على المقلب المضادّ، وعلى رغم أن استطلاعات رأي أظهرت معارضة واسعة في صفوف الإسرائيليين لإغلاق الطرقات والشوارع الرئيسة، أعلن قادة الحركة الاحتجاجية أن الإثنين المقبل سيكون «يوم مقاومة قومي»، ستتخلّله أنشطة تشويش وتعطيل واسعة في جميع المناطق، داعين الإسرائيليين إلى «الخروج بأعداد كبيرة من أجل وقف التشريع الذي سيؤدي إلى انقسام الجيش وسحق الاقتصاد وشرخ عميق في المجتمع». كما طالب هؤلاء رئيس «الهستدروت»، أرنون بار ديفيد، ورؤساء الشركات الكبيرة والمؤثرة في جميع قطاعات الاقتصاد بـ«إعلان الإضراب العام والانضمام إلى يوم المقاومة»، علماً أن إضراب «الهستدروت» (اتحاد النقابات العماليّة الإسرائيلية) يُعدّ واحدة من أوراق الضغط المهمة. وكان قادة الاحتجاجات أصدروا بياناً حذروا فيه من أن «نتنياهو وحكومة الخراب يسوقان إسرائيل نحو الهاوية»، مشيرين إلى أن «الأثمان الباهظة في مجالات الأمن والاقتصاد والعلاقات الدولية والشرخ المتفاقم في الأمة، واضحة بالفعل». مشدّدين على أنه «حان الوقت لتكثيف المقاومة حتى لا ينهار البيت». وهدّدت نقابة الأطباء الإسرائيلية، بدورها، بالإضراب العام، مخوّلةً مجلسها القيادي «اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، بما في ذلك التنظيمية»، لوقف التشريعات.
أقدم نشطاء اليمين، ليل الخميس - الجمعة، على إغلاق مداخل «كيبوتسات» في الشمال


في خضمّ ذلك، لا يبدو أن هاجس «الحرب الأهلية» غادر المنظومة الأمنية الإسرائيلية؛ إذ طبقاً لما نقله المتخصص في شؤون الشرطة في صحيفة «إسرائيل اليوم»، إيتسك سبان، فإن كبار ضباط الشرطة عبّروا عن تخوفهم من اندلاع «حرب أهلية» في الشوارع، وذلك استناداً إلى معلومات استخبارية، مفادها بأن «تصاعد الاحتجاجات يمكن أن يؤدي إلى احتكاك جسدي بين معارضي الخطة وأنصارها»، وهو ما يستعدّ له الجهاز بإعداد «فرق استجابة» للفصل بين المعسكرين. وبحسب سبان، فإن الشرطة تتابع عن كثب منشورات نشطاء اليمين على الشبكات الاجتماعية؛ حيث يتحضر هؤلاء للنزول إلى الميدان، وإغلاق مداخل «الكيبوتسات» كرد فعل على العوائق التي سيضعها معارضو الحكومة في الشوارع الرئيسة. ومن هنا، يقدّر ضابط كبير في الشرطة أن الأمور «ستزداد سوءاً وعنفاً»، مؤكداً «(أننا) لن نسمح بإغلاق الكيبوتسات. لقد بدأنا بالفعل بإعداد قوائم بالكيبوتسات التي ينوون إغلاقها وجهزنا فرق استجابة ستنشط بناء على عدد الأشخاص في كل منطقة»، مضيفاً أنه في «حال حدثت بالفعل حالات عنف فسنفصل بين النشطاء من الجانبين».
وأقدم نشطاء اليمين، بالفعل، ليل الخميس - الجمعة، على إغلاق مداخل «كيبوتسات» في الشمال بينها «شفييم»، «إمير»، و«كفار جلعادي»، مانعين قاطنيها من الخروج، معلنين، في رسائلهم الإلكترونية، أن «سكان الكيبوتسات يشكلون 80% من الاحتجاجات. إنهم عنصريون، فاشيون، فاسدون. إنهم رأس الأفعى!»، وأضافوا أن «هذه هي الطريقة التي سنتعامل بها مع الذين يعتقدون أنه مسموح لهم بالصراخ والإزعاج... يجب أن يدفع هؤلاء ثمناً باهظاً، وليحارب كل واحد منا بما يستطيع». كذلك، أعلن الناشط اليميني البارز بيرل. هـ. كرومبي، وهو أيضاً مستشار استراتيجي، أن «أنصار اليمين ينوون اتخاذ سلسلة من الخطوات»، مضيفاً، في حديث إلى «إسرائيل اليوم»، أن «الأسبوع المقبل سيشهد سلسلة من الأحداث التي ستكون بمثابة build-up للتظاهرة الكبيرة في كابلان في الـ23 من الشهر الحالي، والتي تسبق بيوم واحد التصويت النهائي (على إلغاء ذريعة عدم المعقولية)»، متابعاً أن «اليساريين لسبب ما يعتبرون وزراءنا نقطة ضعف، ولذلك سنصل إلى الوزراء ونقويهم، ولن نكتفي بذلك، بل سنصل إلى قادة الاحتجاج في منازلهم في الخامسة صباحاً لإيقاظهم كما يفعلون مع أنصار الإصلاح القضائي من اليمين». أمّا المتحدث باسم حركة «إم ترتسو» (إذا أردتم) اليمينية العنصرية، متان آشر، فقال إن «الهدف من هذه الأنشطة، المطالَبة بإنفاذ متساوٍ للقانون على النشطاء اليمينيين واليساريين»، لافتاً إلى أن «الأخيرين يستهينون بجميع قرارات المحكمة العليا في ما يتعلّق بالتظاهر أمام منازل الشخصيات العامة اليمينية».