القاهرة | بعد تجميد استمرّ على مدى أسابيع، عاد طرفا النزاع في السودان لاستئناف المفاوضات في مدينة جدة السعودية، في خطوة أولى نحو تحقيق وقف حقيقي لإطلاق النار، وهدنة تضمن إعادة صياغة الوضع ميدانياً بما يضمن الاعتراف بشرعية المجلس العسكري الحاكم وقوات «الدعم السريع» وتأثيرها، في إطار يتضمّن مسارات تجري صياغة آلية معالجتها في الوقت الحالي عبر الأطراف الفاعلة بالملفّ، سواء دول الجوار السوداني تحت المظلّة الأفريقية، أو السعودية والولايات المتحدة اللتين تنسّقان مع الدول الأفريقية لممارسة مزيد من الضغوط على الأطراف السودانية.وارتبط سبب العودة السريعة للمفاوضات، بعد التصعيد الميداني في الأيام الماضية، بشكل واضح، بالضغوط والتهديدات الممارَسة على طرفَي النزاع، بالملاحقة أمام «المحكمة الجنائية الدولية»، وفرْض عزلة على العسكريين ستدفع إلى ملاحقتهم قضائياً وعدم قدرتهم على الخروج من البلاد مستقبلاً، في حين لعبت التحرّكات المصرية - الإثيوبية، في الأيام الماضية، دوراً بارزاً في إحداث خرق مهمّ. وفي الوقت الذي عاد فيه وفدا طرفَي النزاع إلى مدينة جدة السعودية من أجل استكمال المباحثات التي عُلّقت في الأسابيع الماضية، بات واضحاً أن التحرّكات الأفريقية المستجيبة بشكل جزئي لمطالب طرفَي النزاع ستؤتي ثمارها بأسرع ممّا كان متوقّعاً، خاصّة بعدما أبدى رئيس «مجلس السيادة»، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، استعداده، في بيان رسمي، لوقف إطلاق النار في حال توافر بعض الشروط.
وفي هذا الوقت أيضاً، نجحت مصر في إقناع كينيا بالصمت على تصريحات البرهان الرافضة لرئاسة الرئيس الكيني، وليام روتو، للجنة الرباعية المنبثقة من «رابطة دول شرق أفريقيا»، «إيغاد»، بعد مناقشات مطوّلة جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى نظيره الكيني، قبيل انعقاد قمة منتصف العام التنسيقية لـ«الاتحاد الأفريقي». ووفق مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن فكرة التدخّل العسكري عبر قوات عسكرية أفريقية من خلال «إيغاد» لم تَعُد مطروحة، بعد اعتبار البرهان أنها قوات معادية في حال دخولها الأراضي السودانية. وأضافت المصادر أن ما يجري الترتيب له حالياً، هو الاتفاق على آليات محدَّدة لإدخال المساعدات الإنسانية، وتأمين وصولها إلى المستحقّين والمواطنين المحاصَرين، بالإضافة إلى تسهيل عمليات خروج المواطنين من منازلهم بعد التقارير التي تحدّثت عن وجود آلاف الأُسر العالقة وغير القادرة على الخروج من قلْب الاشتباكات في الخرطوم، وهي تقارير يجري التعامل معها بجدّية شديدة. ويجري الترتيب لإرسال مساعدات مباشرة إلى المستشفيات في الخرطوم، مع التأكيد على تحديد مسؤوليات توفير وتأمين الطاقة والمياه، سواء من قوات «الدعم السريع» أو الجيش السوداني للمستشفيات، بحسب مواقع تواجدها.
تهدف التحرّكات المصرية - الإثيوبية بمشاركة عدّة دول أفريقية، من بينها كينيا، إلى تحقيق وقف سريع لإطلاق النار


وتهدف التحرّكات المصرية - الإثيوبية بمشاركة عدّة دول أفريقية، من بينها كينيا في المقام الأول، إلى تحقيق وقف سريع لإطلاق النار، وهو ما تجري صياغة بنوده بالتنسيق مع السعودية والولايات المتحدة خاصة، مع التشديد على أن استهداف المدنيين أمر لا يمكن السماح به تحت أيّ ظرف، بعد وقوع عدّة حوادث خلال الأيام الماضية.
وزادت التحرّكات الأفريقية بعدما أرسلت واشنطن رسالة مفادها أن توقيع عقوبات على العسكريين من طرفَي النزاع سيؤدّي إلى استحالة قبول استمرار الوساطة، وهو أمر سيدفع نحو ملاحقة العسكريين السودانيين، ودعوة دول الجوار إلى إيقاف التعاون معهم، فيما أصبح واضحاً أن هذه الضغوط قد تؤتي ثمارها قريباً.