الحسكة | تتواصل مؤشّرات التصعيد الميداني بين القوات الروسية والأميركية في سوريا، في ظلّ عجز واشنطن حتى الآن عن حشد أيّ قوات برّية تمكّنها من شنّ هجمات واسعة على مناطق سيطرة الجيش السوري غربي الفرات أو في محيط التنف، ما يدفعها إلى التركيز على اتّخاذ المزيد من الإجراءات الدفاعية، تحسّباً لأيّ تصعيد ميداني ضدّها. واستكملت القوات الأميركية سلسلة تدريباتها التي بدأتها نهاية الأسبوع الفائت، في قاعدتَي العمر وكونوكو في ريف دير الزور، لتنفّذ يومَي الأحد والإثنين تدريبات في قاعدة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، وسط تقديرات بأن تمتدّ هذه التحرّكات إلى قواعد تل بيدر وخراب الجير ورميلان في ريف الحسكة الشمالي. كما وصلت، أمس، تعزيزات جديدة إلى «كونوكو»، تضمّنت أسلحة ومعدّات، بالإضافة إلى مزيد من كاميرات المراقبة الحرارية، ومنظومة صواريخ «هيمارس»، وعدد من بالونات المراقبة، لتعزيز عمليات الرصد في القاعدة ومحيطها. وتؤشّر طبيعة التعزيزات التي عملت الولايات المتحدة على استقدامها في الشهر الأخير، إلى أن غالبيتها ذات طابع دفاعي، ما يجعل إمكانية شنّ هجوم على مناطق سيطرة الجيش السوري، أمراً مستبعداً أقلّه في الوقت الحالي. والظاهر أن واشنطن تخشى من تصعيد ميداني ضدّ قواعدها القريبة من خطوط التماس مع الجيش السوري، سواء في ريفَي دير الزور الشمالي والشرقي، أو في التنف. ولذلك، أقنعت «قسد» بأن هذه المناطق مهدَّدة بعمل عسكري، وهو ما اضطرّ الأخيرة إلى إرسال تعزيزات دفاعية إلى خطوط التماس مع مناطق سيطرة الجيش. وفي المقابل، لم يشهد الجزء الخاضع لسيطرة الأخير استقدام أيّ تعزيزات عسكرية ضخمة توحي بوجود نيّة شنّ عملية عسكرية في اتجاه مناطق «قسد»، سواء في دير الزور أو التنف، مع الاكتفاء أيضاً باتّخاذ إجراءات احترازية دفاعية.

الخيارات الأميركية محدودة
يستلزم الحديث عن أيِّ عملية عسكرية، تجهيز عدد كافٍ من القوات البرّية، يكون قادراً على بدء الهجوم، إلى جانب قوات أخرى تتولّى التثبيت على الأرض خلف القوات المتقدّمة. إلّا أنه بالنظر إلى الواقع الحالي لتوزّع سيطرة الأميركيين في سوريا، يتبيّن أنهم لا يمتلكون أيّ قوات كافية لهكذا عمل، إذ إن عديد «جيش سوريا الحرة» في التنف، والذي تمّت إعادة هيكلته، لا يزيد على 300 عنصر، فيما تُسجَّل انقسامات في صفوفه بين تيارَين، أحدهما يؤيّد القائد الجديد للفصيل، فريد القاسم، وآخر يرغب في عودة القائد السابق، مهند الطلاع. أمّا في منطقة شرق الفرات، فقد أعلنت «قسد»، رسمياً، عبر مركزها الإعلامي، أن «المعلومات المتداولة حول تحرّكات لقواتنا في دير الزور مغلوطة»، موضحةً أن «القوات قامت بإجراءات غير طارئة في إطار العمليات العسكرية الروتينية ضدّ خلايا داعش». كما أن مصادر «الأخبار» أكّدت أن «قسد أبلغت رسمياً التحالف الدولي بعدم قدرتها على المشاركة في أيّ هجوم على مناطق سيطرة الجيش السوري في دير الزور والتنف، مع استعدادها لصدّ أيّ هجمات ضدّ مناطق سيطرتها»، معلّلةً موقفها بـ«الحاجة إلى التحالف الميداني مع الجيش السوري والروس للاستمرار في حماية الشريط الحدودي الشمالي، من أيّ هجمات تركية جديدة».
تتوقّع المصادر أن «تشهد المنطقة ضبطاً للنفس، وعدم حصول أيّ تصعيد ميداني»


كما أكدت المصادر أن «موقف الصناديد يتوافق مع موقف قسد برفض المشاركة في أيّ عملية عسكرية خارج إطار مكافحة الإرهاب وتنظيم داعش الإرهابي»، مضيفةً أن «وصول الصناديد إلى دير الزور يأتي في إطار تحرّكات اعتيادية لهذه القوات، وليس موجّهاً ضدّ أيّ قوة أخرى غير خلايا تنظيم داعش، وهو ما يدركه التحالف أيضاً». كذلك، فإن إمكانية اعتماد الأميركيين على «مجلس دير الزور العسكري» لشنّ هجماته مستبعَدة أيضاً، في ظلّ تصعيد يواجهه «المجلس» على خلفية رفع رايات «داعش» في مناطق انتشاره في ريف دير الزور الشرقي خلال تظاهرات في المنطقة، ما استدعى تدخّلاً من «التحالف» و«قسد»، لاستبدال حواجزه بحواجز من «الأسايش» و«الأمن العام».

التصعيد جوّاً
في ظلّ محدودية القدرة على شنّ هجوم برّي، تحدّثت تسريبات وسائل الإعلام الأميركية عن دفع واشنطن بـ2500 عسكري من «الفرقة الجبلية العاشرة» في الجيش الأميركي في اتّجاه سوريا والعراق، مع إرسال طائرات «إف 16» إلى الخليج العربي، ليبرز احتمال شنّ هجمات جوّية محدودة، في حال حصول أيّ تصعيد روسي - سوري ضدّ القوات الأميركية في سوريا. وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر ميدانية أن «القوات التي يتمّ الحديث عنها، يأتي استقدامها في إطار مناوبات ميدانية اعتيادية تجريها الولايات المتحدة كلّ ستّة أشهر، وهي ستحلّ محلّ القوات الحالية، من دون أيّ زيادة في عدد العناصر»، مستدركةً بأن «التوقّعات تشير إلى تعزيز قاعدة التنف بعدد تقديري يراوح بين 50 و100 عنصر على أبعد تقدير». كما تتوقّع المصادر أن «تشهد المنطقة ضبطاً للنفس، وعدم حصول أيّ تصعيد ميداني كبير، مع اللجوء إلى المفاوضات لاعتماد إجراءات جديدة لآلية عدم الاصطدام العسكري بين الجانبين في سوريا».