وفي هذا السياق، كشفت مصادر سورية معارضة مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، أن مسؤولين بريطانيين عقدوا قبل أيام اجتماعاً مع عدد من المنظمات التي تنشط في الشمال الغربي من سوريا، لمناقشة «سبل جديدة لإدخال المساعدات في حال عدم التوصل إلى اتفاق في أروقة مجلس الأمن، بينها زيادة حجم المشروعات التي تنفذها هذه المنظمات، لتشمل تقديم مساعدات محددة، بالإضافة إلى تقديم الدعم لمشاريع محلية تحت بند "دعم المشاريع الصغيرة"». ورأت المصادر أن هذا البند «لن يغطي أي نسبة تُذكر من الاحتياجات الحقيقية المطلوبة»، مضيفةً أن «ثمة مشكلة تتعلق بالموقف التركي الذي لا يزال حتى الآن ملتزماً بالقرارات الأممية، ورافضاً لأي محاولات لتمرير مساعدات خارج نطاق الأمم المتحدة». والجدير ذكره، هنا، أن أنقرة، المنخرطة في مسار «أستانا» الروسي، ترى أن استمرار الوضع القائم سيزيد من حجم الضغوط عليها، ويعيق عمليات عودة اللاجئين، بالإضافة إلى أنه يضاعف من حجم التهديدات قرب حدودها الجنوبية التي تحتشد فيها مئات المخيمات العشوائية.
عقد مسؤولون بريطانيون اجتماعاً مع عدد من المنظمات لمناقشة «سبل جديدة» لإدخال المساعدات
ويترافق الكباش السياسي في أروقة مجلس الأمن، مع مساعٍ روسية لخرق حالة «الستاتيكو» القائمة، عبر دعم المحاولات الأردنية واللبنانية المستمرة لحل مشكلة اللاجئين، وبدء تنظيم رحلات عودة طوعية للاجئين. وفي هذا الإطار، أعلنت دمشق استعدادها لاستقبال أعداد محددة من اللاجئين في دور إيواء قيد التجهيز، على أن تكون هذه الخطوة مبدئية تتبعها خطوات تتعلق بتأهيل البنى التحتية في المدن التي يقطنونها ليتم استقبال دفعات جديدة. وعلى الرغم من الإعلان المتكرر من بيروت وعمّان عن عدم تمكنهما من الاستمرار في الوضع القائم، خصوصاً مع عجز المنظمات الأممية عن جمع التمويل اللازم لمساعدة اللاجئين، لا يزال هذا الأمر يُقابل بعرقلة أميركية ـــ أوروبية.
ميدانياً، يستمرّ التصعيد العسكري في ظل مواصلة الولايات المتحدة تحصين مواقعها في الشمال الشرقي من البلاد، وفي منطقة التنف، تحسّباً لارتفاع مستوى الضغوط الميدانية المتوقّعة نتيجة التقارب السوري ــــ التركي، بدعم إيراني وروسي. ويُضاف إلى ذلك، ارتفاع مستوى الاحتكاكات الجوية بين القوات الروسية والأميركية، والتي وصلت إلى حدّ إلقاء مقاتلة روسية بوالين حرارية على مسيرة أميركية اخترقت الأجواء. وأعلن نائب رئيس «المركز الروسي للمصالحة»، أوليغ غورينوف، أن «مقاتلات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، خرقت الأجواء السورية في منطقة التنف 12 مرة خلال يوم الثلاثاء»، محدّداً أنها «أربعة أزواج من مقاتلات التحالف الدولي من طراز (F-16) وزوج من مقاتلات (رافال) وزوج من مقاتلات (تايفون)». ومن شأن هذه الاحتكاكات، في حال استمرارها، أن تضع اتفاقية «عدم التصادم» الموقّعة بين البلدين عام 2015، أمام احتمالات انهيارها، مع ما قد ينجم عن ذلك من صدام جوي ينذر بمزيد من التصعيد الميداني.
في ظل هذه الأجواء، جاءت زيارة مبعوث الرئيس الروسي الخاص لسوريا، ألكسندر لافرنتييف، الذي التقى الرئيس السوري، بشار الأسد، لتعزيز مستوى التنسيق بين البلدين، وفق بيان رسمي سوري. واللافت في البيان، تأكيده مناقشة ثلاثة ملفات محددة إلى جانب ملفات أخرى، وهي: المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وعودة اللاجئين السوريين، والانسحاب التركي من سوريا، وهو الشرط الذي تصر دمشق على أن يكون المحصّلة النهائية للتطبيع مع تركيا، على أن يتم وفق جدول زمني محدد مرتبط بإجراءات على الأرض. وفي الوقت نفسه، تبرز المساعي الروسية ـــ الإيرانية لعقد لقاء على مستوى وزراء الخارجية لدول الرباعية (روسيا وإيران وتركيا وسوريا)، لمناقشة خريطة الطريق التي قدّمتها روسيا للتطبيع بين البلدين، وما تم التوصل إليه خلال النقاشات القائمة حالياً، من دون أن يتم تحديد موعد دقيق لهذا الاجتماع.