الخرطوم | تتضاءل فرص الوصول إلى حلّ سلمي للحرب الدائرة في السودان، ولا سيما في عاصمته الخرطوم، مع ارتفاع وتيرة القتال وحدّته بين الجيش وقوات "الدعم السريع". ويبدو من جرّاء التطوّرات، أن الحرب لن تتوقّف إلّا بعد خلوّ العاصمة من جميع سكانها، سواء بسبب التهجير القسري الذي تمارسه "الدعم"، أو على خلفية الهروب من القصف الذي ينفّذه الجيش. وتشهد أحياء مدن العاصمة الثلاث، منذ أكثر من أسبوع، قتالاً شرساً، وقصفاً متبادَلاً بين طرفَي الصراع، ما أدّى إلى سقوط عددٍ من الضحايا المدنيّين، في أم بدة في أم درمان، والكلاكلة جنوب الخرطوم، إلى جانب حي الخوجلاب الواقع شمال الخرطوم بحري. وبينما كثّف الجيش عمليّاته البرّية وقصفه المدفعي وبالطيران والمسيّرات، واصلت "الدعم السريع" تنقّلها بين المناطق التي تسيطر عليها، مع تصدّيها للقصف المدفعي المتواصل، خاصة في مناطق شرق النيل، وجنوب الخرطوم، حيث بدأت تمارس أشكالاً جديدة من الاعتداءات على المواطنين، بعدما أجبرت عدداً ممَّن تبقّى منهم، على مغادرة منازلهم وأحيائهم تحت تهديد السلاح. وحدث ذلك في أحياء الصحافة، وجبرة، والكلاكلة القبة، ما حدا بمحلّلين إلى وصف الحرب بأنها ليست مجرّد قتال بين طرفَين، إنّما عمليّة تهجير ممنهجة تقوم بها "الدعم"، في مقابل عجز الجيش الواضح عن حماية مواطنيه.وعلى رغم استمرار القتال، تواصل بعض القوى السياسية جهودها للبحث في حلول سلمية لإيقاف الحرب، حيث عقد تحالف "قوى الحرية والتغيير" اجتماعاً في القاهرة، دعا في ختامه إلى تشكيل جبهة مدنية موحّدة من أجل وقف الحرب، معلناً عن "مشروع خارطة طريق لحلّ الأزمة السودانية". وتأتي أهمية الحراك السياسي لـ"الحرية والتغيير"، باعتبار الأخير كان جزءاً من السلطة التي تشاركها مع عبد الفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، قبل أن يطيحا به خارج السلطة في 25 تشرين الأول 2021. ويَتّهم الجيش وقطاع عريض من أنصار النظام السابق، هذا التحالف بالولاء لقوات "الدعم"، على رغم نفيها ما تقدَّم.
ومع إكمال شهرها الرابع، يسود اعتقاد واسع بأن الحرب تتواصل بلا نهاية وبلا أهداف؛ فالجيش أوضح أنه يواجه صعوبة حقيقية في حسْم المعركة لمصلحته، بينما لا تمتلك قوات "الدعم" خططاً وأهدافاً واضحة للتعامل مع الوضع القائم، حيث ظلّ تركيز أفرادها على الاعتداء على المواطنين واحتلال منازلهم ونهبها، ما أكسبهم عداء جميع السودانيين وسخطهم. وفيما يغيب قائدا الطرفَين، البرهان وحميدتي، عن المعارك وسَيْرها، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة في هذه الحرب التي وصفها قائد الجيش، لدى اندلاعها، بـ"العبثية"، ليتيقّن الجميع، بعد مرور أكثر من أربعة أشهر، بأن وصْفه لم يكن دقيقاً، فهي لم تكن عبثية فحسب، بل كارثية ومأسوية، دفع ثمنها موتاً وتهجيراً وإصابات، المواطنون.