صنعاء | بعد أسبوعين من تأجيلها لأسباب غير معروفة، أعلنت السعودية، مساء أول من أمس، تقديم 1.2 مليار دولار كمنحة مالية لدعم موازنة الحكومة اليمنية الموالية لها في عدن. وبحسب مصادر حكومية في عدن تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنّ «المنحة المعلنة مشروطة بإصلاحات اقتصادية تعجيزية سبق لحكومة معين عبد الملك أن فشلت في تنفيذها». وبيّنت المصادر أن «المنحة هي تحت تصرّف برنامج إعادة الإعمار السعودي الذي يرأسه السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، فيما لم يتمّ تحويل سوى 200 مليون دولار منها إلى حساب البنك المركزي اليمني في عدن في «البنك الأهلي السعودي»، مضيفةً أن «عملية السحب ستجري على دفعات وفقاً لتقدّم برنامج الإصلاحات التي طلبها برنامج إعادة الإعمارالتابع للسعودية».وخلافاً للبروتوكولات الخاصة بالمنح والودائع، جرى التوقيع على اتفاق المنحة في مقرّ «برنامج إعادة الاعمار» في الرياض، بغياب أيّ ممثّلين عن «مؤسّسة النقد العربي» (البنك المركزي السعودي)، وبحضور وزير المالية في حكومة عبد الملك ومحافظ «مركزي عدن». وتعهّدت الحكومة، بموجب الاتفاق، بتنفيذ إصلاحات تتعلّق بتحرير سعر الكهرباء في عدن والمحافظات الجنوبية، ورفع تعرفتها من 10 ريالات إلى 100 ريال للكيلواط / ساعة، كما ورفع أسعار المشتقات النفطية، ومراجعة النفقات الحكومية، ووقف اللجوء إلى مصادر تضخّمية لتمويل العجز، واحترام استقلالية «المركزي»، فضلاً عن إعادة ربط القنوات الإيرادية بين فروع البنك في المحافظات الجنوبية والمركز الرئيس في عدن.
وخلافاً لما أعلن عنه الجانب السعودي، نقل مراسل وكالة «أسيوشيتد برس» في اليمن، عن مصدر اقتصادي مطلع في حكومة عدن، أن المبلغ المقدَّم للأخيرة هو عبارة عن قرض وليس وديعة أو منحة. وكان السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، أبدى، في تعليقه على توقيع الاتفاق، «تفاؤلاً بالآثار الإيجابية للمنحة»، وقال إن «الدعم السعودي للحكومة اليمنية سيسهم في دعم استقرار الريال اليمني، وتمكين البنك المركزي من توفير العملة الصعبة للواردات الغذائية الأساسية، وتوفير المشتقات النفطية لتشغيل محطات الكهرباء وتعزيز الأمن، وإيقاف فرص العودة إلى النزاع بين الأطراف اليمنية وتشجيعها على الجلوس على طاولة الحوار، والتوصّل إلى حلّ سياسي شامل».
المنحة المعلنة مشروطة بإصلاحات اقتصادية سبق لحكومة عدن أن فشلت في تنفيذها


وبتوجيهات من آل جابر، كان وصل فريق هندسي وفني، الأحد، إلى عدن، للاطلاع على الاحتياجات المستعجلة التي ستتمّ تلبيتها من قِبل «برنامج إعادة الإعمار» بتمويل من المنحة الجديدة. ومع ذلك، قلّل اقتصاديون من أهمية هذه الأخيرة، مشيرين إلى أن شأنها شأن المنح التي سبق أن قدّمتها المملكة عبر «إعادة الإعمار»، والتي كانت عبارة عن تمويلات لمشاريع ينفّذها البرنامج، فيما استفادة حكومة عدن منها ستقتصر على استخدام تلك الأموال كغطاء لفاتورة الإيرادات، كما كان يحدث أثناء صرف الرياض مرتّبات الجماعات الموالية لها بالعملة الصعبة. ورأى هؤلاء في الخطوة السعودية «حلّاً مؤقّتاً» لانهيار سعر صرف العملة المحلية، والناتج من تراجع احتياطات البنك المركزي في عدن من العملات الصعبة، معتبرين أنه لن يكون لها أثر إيجابي كبير، مضيفين أنها ستعمل على ترحيل الخلاف الدائر بين الأطراف اليمنيين حول صرف مرتبات الموظفين وفقاً لكشوفات عام 2014، ولن تنهي حالة وقف صادرات النفط، لعدم توصّل الأطراف إلى اتفاق يُعيد إنتاج وتصدير أهمّ الصادرات الوطنية.
وفي الآثار الأوّلية، لم يسهم إعلان المنحة، التي تعدّ الثانية في أقلّ من عام، في تحسّن سعر صرف العملة المتداول بها في مناطق سيطرة الحكومة الموالية لـ«التحالف». وخلافاً للتوقعات، فإن البنوك وشركات الصرافة تداولت، الثلاثاء، الريال اليمني عند سعر صرف 1390 ريالاً للدولار الواحد، بانخفاض من 1426 ريالاً للدولار. وفي المقابل، انخفض سعر صرف الريال السعودي من 372 ريالاً إلى 364 ريالاً. وأرجع عاملون في السوق المصرفي في عدن، التحسّن الطفيف الذي طرأ على سعر صرف العملة المحلية، إلى ارتفاع بيع العملات الأجنبية من قبل المواطنين تحسّباً لانخفاض موازٍ في أسعارها في أعقاب إعلان المنحة السعودية.
يُذكر أن دول «التحالف» منحت حكومة عدن، في كانون الأول من العام الماضي، مليار دولار كوديعة مالية مشروطة عبر «صندوق النقد العربي السعودي». إلّا أنه نظراً إلى فشل تلك الحكومة في تنفيذ التزاماتها وفق الاتفاق الموقع مع الصندوق، تعثّرت عملية السحب من الوديعة في المرحلة الأولى. ووفقاً لأكثر من مصدر، فإن هذه العملية لا تزال متعثّرة حتى الآن؛ إذ يرفض «النقد العربي» منح الحكومة حق سحب المزيد بعدما استحصلت على دفعة أولى قيمتها 250 مليون دولار مطلع العام الجاري.