القاهرة | شارك محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبد الله، في اجتماع رفيع المستوى، حضره أيضاً بقيّة المسؤولين عن السياسات النقدية والاقتصادية، من أجل التشاور حول الوضع المالي الحالي وكيفية التحرك إزاءه خلال الفترة المقبلة. وجاء الاجتماع قبل أيام من صدور قرار مرتقب بتجديد الثقة في عبد الله، الذي تنتهي فترة تعيينه في الـسابع عشر من آب الجاري، بعدما كُلّف بالمنصب قائماً بالأعمال من قِبل الرئيس عبد الفتاح السيسي لمدّة عام. وفي انتظار صدور القرار من القيادة السياسية رسمياً، يناقش عبد الله مع قيادات الدولة آلية توفير الدولار بشكل سريع، تمهيداً لتحريك جديد ومرتقب في سعر صرف الجنيه، إلى جانب آلية التفاوض مع «صندوق النقد الدولي» لاستكمال مراجعة البرنامج الاقتصادي المتَّفق عليه معه. وفي حين لم تُجر الحكومة والصندوق المراجعة الأولى التي كانت مقرّرة في آذار الماضي، فإن الاتجاه الآن هو لدمجها مع المراجعة الثانية المقرَّرة في أيلول المقبل.ووفق مصادر «الأخبار»، فإن البنك المركزي يرغب راهناً في توفير سيولة بالدولار، تُمكّنه من إدارة تحريك لسعر الصرف يكون قيد السيطرة، خاصة في ظلّ الضغوط الكبيرة المرتقبة على الجنيه بمجرّد الإعلان عن تحرير السعر. وكشفت المصادر أن البنك لا يريد أن تكون قيمة انخفاض العملة أكثر من 10%، في وقت يستعدّ فيه لضخّ مليارات الدولارات لإنهاء أزمة الواردات المعطَّلة في الموانئ، والتي تنتظر توفير العملة الصعبة من أجل إدخالها إلى البلاد. وكان خالف «المركزي» التوقّعات، الأسبوع الماضي، برفع الفائدة بنسبة 1%، عكس آراء المحلّلين الذين توقّعوا تثبيت الفائدة من أجل دعم الاحتياطات النقدية، في حين طرحت البنوك شهادات ادّخار بالدولار بفائدة تُراوح بين 6 و7 و9٪ سنوياً، بحسب طبيعة صرف العائد وعملة الصرف، مقابل تراوح الآجال بين عام وثلاثة أعوام. وساهم هذا القرار، إلى جانب عودة سياسة التشديد النقدي، في قفز السندات المصرية المقوَّمة بالدولار بأكبر قدر بين الأسواق الناشئة، بحسب ما ذكرت وكالة «بلومبيرغ»، بينما باتت مؤشّرات سعر صرف الجنيه في العقود الآجلة بحدود 34 جنيهاً، بعدما سجّلت في وقت سابق 45 جنيهاً لكلّ دولار في ذروة تفاقم الوضع الاقتصادي خلال نيسان الماضي.
وفيما يُبقي البنك المركزي على هدفه المتمثّل في وقوف نسب التضخم في عام 2024، عند 7% مع زيادة أو نقصان بحوالي 2%، يبدو تحقّق هذا الهدف شبه مستحيل في ظلّ استمرار معدّلات التضخم الحالية بما يتجاوز 35%، وتواصل انكماش النشاط الاقتصادي. وعلى هذه الخلفية، تعمل الحكومة على توفير سيولة بالدولار من مصادر عدّة، منها طرح حصص أقلية مملوكة لجهات وبنوك حكومية للبيع، على المستثمرين الخليجيين على وجه الخصوص، أملاً في حلّ جزء رئيس من المشكلة المرتبطة بضخّ الاستثمارات الخليجية، والعائدة إلى الخلاف حول سعر الصرف الذي ستقيَّم به الأصول. وأوضحت مصادر «الأخبار» أن النقاشات الجارية حالياً تدور حول حصص الأقلية التي ستُطرح والتي سيتمّ اختيارها بعناية فائقة وستُقدّر بالدولار، وبالتالي ستُسدَّد قيمتها بالدولار على الفور، وهو ما سيساعد في إنعاش خزانة الدولة، ولا سيما أن هناك صناديق استثمار خليجية تضع أعينها بالفعل على جهات محدّدة، وستدخل في التفاوض عبر «مؤسسة التمويل الدولية».
كذلك، تعوّل الحكومة على استئناف برنامج الطروحات الحكومية بعد تسوية الخلافات حول سعر التقييم مع الشركاء الخليجيين، في حين اتّخذت خطوة جدية نحو تعزيز الموارد الآتية بالدولار من قناة السويس، عبر المواقفة على تأسيس «المنطقة الاقتصادية للاستثمار»، لتكون بمثابة الذراع الاستثمارية للقناة، والتي ستُلقى عليها مسؤولية التخطيط الاستراتيجي لإدارة استثمارات الهيئة الحالية والمستقبلية، وسيجري من خلالها تشغيل المرافق الأساسية داخل المنطقة الاقتصادية، بنظام الشراكة مع القطاع الخاص بشقَّيه المحلي والدولي. وعلى الرغم من الجدل الذي أحاط بإطلاق هذه الذراع، إلّا أن الرهان كبير من جانب الحكومة على إمكانية مساهمتها في زيادة العملة الصعبة الواردة من «السويس؛، خاصة مع وجود فرص استثمارية معروضة بالفعل من الإمارات على وجه التحديد، وكانت تنتظر فقط الآلية القانونية للضخّ.