الخرطوم | تصاعدت حدّة المواجهات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في إقليم دارفور غربي السودان، أكثر الأقاليم تأثّراً بالحروب الأهلية والنزاعات القبَلية وجرائم النهب المسلّح، متركّزة في الأيام الماضية في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، ومخلّفةً عشرات القتلى والجرحى وآلاف المشرّدين. ومنذ انطلاق الحرب في نيسان الماضي، وصلت نيران المعارك، تدريجياً، إلى 5 ولايات في الإقليم، من بينها جنوب دارفور، لكن أكثرها حدّة وقعت في ولاية غرب دارفور في شهر حزيران الفائت، حيث صُنّفت الجرائم التي وقعت في هذه الولاية كجرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، وسعّرت مخاوف من انتقالها إلى الجنوب، وخصوصاً مع اشتداد المواجهات داخل نيالا التي يتقاسم طرفا القتال السيطرة عليها. وبينما يفيد مسؤول محلّي فضّل عدم كشف اسمه، «الأخبار»، بمقتل حوالي 30 شخصاً وإصابة أكثر من 100 بعضهم إصاباتهم جسيمة في المدينة، تقول نجلاء آدم، وهي من سكّان نيالا، في حديث إلى «الأخبار» عبر الهاتف، إن «السكّان يعيشون ظروفاً صعبة مع اشتداد القصف المدفعي في الأيام الماضية»، مضيفةً أنهم «ينزحون بأعداد كبيرة من الأحياء الواقعة في شمال المدينة والتي دخلتها قوات الدعم السريع».وتركّزت الاشتباكات في الأيام الماضية في الأحياء المتاخمة للقيادة العسكرية. وفي هذا الإطار، يعتبر المتحدّث الرسمي باسم الجيش، العقيد نبيل عبد الله، «ما يحصل في نيالا محاولات فاشلة من قوات الدعم السريع لاقتحام مقرّ قيادة الجيش في المدينة»، مضيفاً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن تلك القوات «فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها، وعمدت بعد ذلك إلى استهداف الأحياء السكنية بقذائف الهاون». ويتّهم عبد الله «الدعم» بأن «هدفها هو تهجير المواطنين توطئةً للاستيلاء على منازلهم ونهب ممتلكاتهم»، عادّاً «أسوأ ما في الأمر هو حالة التقييد الشديد لحركة سكان المدينة، مع إصرار المتمردين على مواصلة حربهم الفاشلة التي أنهكت المواطنين وعطّلت مصالحهم وعرّضتهم هم وممتلكاتهم للخطر والسرقة والنهب ومختلف أنواع الانتهاكات وجرائم الحرب». لكن «الدعم» تنفي تورّطها في أيّ انتهاكات في إقليم دارفور، وتتّهم من تسمّيهم الميليشيات المساندة لقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، بتأجيج الصراع في الإقليم.
لا تعدّ الاشتباكات بين الجيش و«الدعم» وحدها التي تكشف انهيار الأمن في دارفور


ولا تعدّ الاشتباكات بين الجيش و«الدعم» وحدها التي تكشف انهيار الأمن في دارفور؛ فيوم السبت الماضي، لقي 9 مواطنين مصرعهم إثر نزاع بين قبائل عربية وقبيلة غير عربية في منطقة كبكابية التي تبعد 140 كيلومتراً غرب مدينة الفاشر، حاضرة شمال دارفور. وأتى هذا بعدما لقي أكثر من 5 آلاف حتفهم، وأصيب نحو 10 آلاف بجروح في اشتباكات قبلية في مدينة الجنينة غرب دارفور، في شهر حزيران الماضي، إضافة إلى تدمير عدد من أحياء المدينة ونزوح الآلاف.
وفي هذا السياق، يحذر الصحافي عبد الحميد السني من أن «الأوضاع في الإقليم، المضطرب أصلاً، ماضية في الانزلاق نحو الهاوية إذا لم تستدرك الأطراف المتقاتلة الأوضاع الكارثية، وتجنح إلى السلم من أجل إنقاذ الآلاف من السكان». ويلفت السني، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «السلاح ينتشر في دارفور بكثافة، فيما تتعدّد الميليشيات والحركات المسلّحة في الإقليم المحادِد لدول غير مستقرّة أمنياً، مثل ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، كما تنتشر عصابات النهب المسلّح، وتزداد الحساسيات القبَلية»، معتبراً أن «هذه العوامل مجتمعةً تغذّي فرضية الفوضى الشاملة، وهو أمر بالتأكيد ستكون له عواقب وخيمة تعيد انتهاكات حرب دارفور التي وصلت إلى حدود جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية وإبادة جماعية، ما استدعى تدخّل المحكمة الجنائية الدولية في عام 2008».