مقالات مرتبطة
تعتقد أوساط المقاومة أن أيّ ثمن يُدفع في سبيل المحافظة على سير قطارها في الضفة هو ثمن مستحَقّ ومقبول
في أوساط المقاومة، تسود قناعة بأن الأسير «الضفاوي» المحرَّر، طارق عز الدين، الذي اغتيل في بداية معركة «ثأر الأحرار»، برفقة كلٍّ من خليل البهتيني وجهاد غنام، كان كلمة السرّ، وأن استمرار العمل المقاوم في الضفة لا بدّ من أن ترافقه خسارات وأثمان مماثلة قد يدفعها من يقومون بدور الشهيد عز الدين نفسه في «القسام» انطلاقاً من غزة. ولمّا كان العمل في بيئة شديدة التعقيد ومتعدّدة الثقافات والتركيب الأمني، مثل قرى الضفة ومدنها، بحاجة إلى من يعرف «شِعابها» جيداً، ولمّا كان أيضاً أكثر «أهل مكة» هم من الأسرى المحرَّرين في صفقة «وفاء الأحرار» (2011)، المبعدين من الضفة إلى القطاع، فإن التهديدات الإسرائيلية تكتسب أبعاداً أكثر جدّية، محيلةً مباشرةً إلى سيناريوَين اثنين:
الأول: تصفية مجموعة جديدة من قادة «سرايا القدس»، وحصر المعركة للمرة الرابعة مع «الجهاد».
الثاني: اغتيال قائد من «كتائب القسام»، ذي صلة مباشرة بالتخطيط لعمليات الضفة.
في كلا الاحتمالين، يحضر في العقل الإسرائيلي تساؤل مهمّ عن طبيعة الردّ على أيّ عملية اغتيال من غزة، وما إذا كان بوسع جيش الاحتلال أن يستفرد مجدّداً بـ«الجهاد»، فيما تُواصل «حماس» الاحتفاظ بدورها المؤازر معنوياً أو لوجستياً. الأكيد أن تَكرّر هذا السيناريو هو ما يتمنّاه الإسرائيليون، لكن الأكيد أيضاً أن إمرار مخطّط كهذا دونه رغبة السواد «الحمساوي» الأعظم في الدخول في معركة كبرى، لوضع حدّ أمام استسهال الإسرائيلي استباحة المقاومة في القطاع، وإغلاق ملفّ الاغتيالات بشكل ناجز. مع ذلك، يَجدر التنبيه، هنا، إلى أن إحدى نتائج عدم دخول «القسام» المباشر على خطّ الردّ على عمليّتَي اغتيال قادة «السرايا»، كان الاستثمار في بناء خلايا المقاومة «القسامية» في الضفة، والتي تركت بصمات واضحة خلال الأشهر الأخيرة، في مقابل المحافظة على مجموعة من المكتسبات المعيشية في القطاع، والتي لا بدّ منها لتعزيز الحاضنة الشعبية للمقاومة، ومعالجة آثار ثمانية عشر عاماً من الحصار، تخلّلتها 4 حروب وأكثر من ثلاثين معركة ما بين الحروب.
إزاء ما تَقدّم، وبالنظر إلى أن جيش الاحتلال معنيّ بالمحافظة على واقع الهدوء الميداني في غزة، المستمرّ منذ انتهاء معركة «سيف القدس» في 2021، والذي سمح في سبيل إدامته لنحو 20 ألف عامل «غزّاوي» بالعمل في الداخل المحتلّ، وقبِل استمرار المنحة القطرية على مضض، فإن المرجّح هو تنفيذ عملية اغتيال أمنية، وليست عسكرية، على شاكلة اغتيال أحد القادة «الضفاوييين» المبعدين إلى القطاع على يد مجموعة من العملاء في عام 2017. وفي المقابل، تعتقد أوساط المقاومة أن أيّ ثمن يُدفع في سبيل المحافظة على سير قطارها في الضفة، سواء في غزة أو في الخارج، هو ثمن مستحَقّ ومقبول، ولن يقود بأيّ شكل من الأشكال إلى الرجوع خطوة واحدة إلى الوراء.