الخرطوم | خرج قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، للمرّة الأولى منذ اندلاع الحرب في السودان، من مقرّ القيادة العامّة التي يمكث فيها منذ منتصف نيسان الماضي، في خطوةٍ تباينت حولها الروايات والتفسيرات. وظهر البرهان، يوم الخميس الماضي، وسط مقاتلي الجيش في منطقة وادي سيدنا العسكرية في أم درمان غرب العاصمة، وفي سلاح المدفعية في مدينة عطبرة شمال البلاد، وفي مدينة بورتسودان (شرق)، أمس، فيما يُتوقّع أن يتبع ذلك جولة خارجية سيقوم بها رئيس "مجلس السيادة". ولازم الغموض الطريقة التي اتّبعها الأخير في الخروج من مقرّ القيادة العامّة، إذ أشار البعض إلى أنه استخدم طائرة عسكرية، وما يمكن أن يعنيه ذلك من سيطرة ميدانية للجيش، فيما تحدّث آخرون عن أن خروجه حصل بسريّة تامّة، وبحماية أميركية - سعودية.وتعليقاً على خروج البرهان من الخرطوم، قال الناطق الرسمي باسم القوات المسلّحة السودانية، نبيل عبدالله، في تصريح إلى "الأخبار"، إنه جرى "في إطار تفقُّده أوضاع المدن السودانية"، من دون أن يخوض في تفاصيل إضافية. ورأى الصحافي وليد النور، أن "خروج البرهان من مقرّ القيادة العامّة، وأيّاً كانت الطريقة التي اتّبعها، يؤشّر إلى أمرَين: الأول، إنهاء الحرب الطويلة عبر التفاوض أو الوساطة؛ والثاني، بداية جديدة لمنبر جدة التفاوضي". وأضاف النور، في حديث إلى "الأخبار"، أنه "في حال وجود أيّ اتفاق بين البرهان وقوات الدعم السريع، فإن نتائجه ستَظهر خلال الأيام المقبلة. أمّا في حال عدم وجود اتفاق، فستزداد المعارك في ظلّ غياب أيّ حراك سياسي من جانب القوى السياسية لإيجاد حلّ". وفي هذا الإطار، قال مصدر ميداني، لـ"الأخبار"، إن "اشتباكات بالأسلحة الثقيلة وقعت في ولاية الخرطوم، أمس، وشملت سلاح المدرعات في حيّ الشجرة، وغالبية أحياء أم درمان القديمة، وأحياء التكامل والوحدة في شرق النيل، إلى جانب مدينة بحري شمال العاصمة، والحارتين 102 و103 في أم درمان (غرب)".
خروج البرهان لتفقُّد جنوده، يحمل رسائل إيجابية للقوات المسلّحة ومؤشرات تدلّ على امتلاك الجيش زمام المبادرة


من جهته، علّق عضو المكتب التنفيذي لـ"قوى الحرية والتغيير"، عروة الصادق، قائلاً إن "خروج البرهان من مقرّ القيادة إلى الفروع والأسلحة في المناطق الطرفية خارج مدينة الخرطوم، مثل معسكرات جبل سركاب في كرري في أم درمان غرب العاصمة، ومقرّ المدفعية في مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل، يشير إلى استراتيجية الجيش نحو قيادة أكثر تحكُّماً بالميدان، وتكوين قيادة للعمليات المحلّية في الولايات المختلفة، وتعزيز الحضور العسكري على الأرض من مستويات قيادية". وأوضح الصادق أن" الخطوة تعكس مستوى الاهتمام ودرجة الطوارئ وتطوّرات الميدان في الصراع الدائر في السودان".
بدوره، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة "أفريقيا العالمية"، محمد خليفة الصديق، أن "خروج البرهان لتفقُّد جنوده، يحمل رسائل إيجابية للقوات المسلّحة ومؤشرات تدلّ على امتلاك الجيش زمام المبادرة وقدرته على التحرّك خارج القيادة العامّة". وأضاف الصديق أن" الزيارات فيها نصر معنوي كبير للجيش وهزيمة معنوية للدعم السريع، وفيها تأكيد أن قيادة الجيش قادرة على التحرّك بحرّية، وهي تظهر في أوقات ومناطق مختلفة".
في غضون ذلك، نفى مصدر عسكري رفيع في الجيش، لـ"الأخبار"، وجود أيّ مشاورات يجريها البرهان حول تشكيل حكومة برئاسة وزير المالية، جبريل إبراهيم.