الحسكة | فشلت «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) في إحراز تقدّم كبير خلال معاركها مع مقاتلي العشائر في ريف دير الزور الشرقي. وأتى هذا على رغم استقدامها تعزيزات عسكرية كبيرة مدعّمة بأسلحة ثقيلة وراجمات صواريخ ومدافع إلى مناطق المعارك، بهدف استعادة السيطرة على الخطّ الشرقي لريف دير الزور، والممتدّ من الشحيل وذيبان، مروراً بالطيانة والشعفة، وصولاً إلى الباغوز على الحدود العراقية، والتي سيطر عليها مقاتلو العشائر منذ نحو أسبوع. ودارت اشتباكات عنيفة ليل الإثنين - الثلاثاء، امتدّت حتى الفجر، وسط استماتة من عناصر «قسد» لإحراز تقدّم في معقل مقاتلي العشائر في بلدة ذيبان، التي يقود المعارك من داخلها شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل. إلّا أن محاولات «قسد» اقتحام البلدة باءت بالفشل، في ظلّ وصول تعزيزات إلى العشائر من قرى وبلدات الخطّ الشرقي القريب من الحدود العراقية. ومع ذلك، فهي نجحت في اختراق قرية الحوايج واقتحامها، في محاولة لمحاصرة ذيبان من ثلاث جهات. كما دارت اشتباكات عنيفة بين الجانبين في قرى الكبر والهرموشية في ريف دير الزور الغربي، وصولاً إلى بلدة الحصان في الريف الشمالي، في محاولة من أبناء العشائر تخفيف الضغط على جبهة ذيبان. والظاهر أن «قسد» تريد السيطرة على ذيبان تحديداً، لوجود مضافة الشيخ الهفل داخلها، ولقناعتها بأن سقوط البلدة سيعني انهياراً سريعاً لبقية قرى الريف الشرقي وبلداته. ولذلك، فهي استقدمت تعزيزات عسكرية غير مسبوقة إلى المنطقة، توازياً مع إغلاقها الطريق من مدخل مدينة الحسكة الجنوبي (البانوراما) وصولاً إلى المعامل وبلدة البصيرة على امتداد يُجاوز 130 كيلومتراً، لمنع وصول أيّ تعزيزات إلى مقاتلي العشائر من محافظات الحسكة والرقة. وأصدرت «قسد» بياناً رسمياً أكدت فيه «السيطرة على بلدة الحوايج، مع استمرار التقدّم في اتّجاه بلدة ذيبان»، بعد السيطرة على البصيرة والشحيل، مضيفةً أنه «تمّ اعتقال عدد من عناصر الدفاع الوطني الذين تسلّلوا إلى المنطقة»، معتبرةً أن «القوات لا تقاتل أبناء العشائر، إنّما مجرمين وإرهابيين».
خطاب «قسد» العدائي يدفع مقاتلي العشائر إلى التجمّع بأعداد أكبر لصدّ هجماتها


وفي المقابل، تُفيد مصادر عشائرية، «الأخبار»، بأنه «على رغم عدم وجود توازن في ميزان القوة بين مقاتلي العشائر ومسلحي قسد، إلّا أنه تمّ صدّ ثلاث محاولات عنيفة لاقتحام بلدة ذيبان، والاستيلاء على أربع مصفحات، وتدمير خامسة»، مشيرة إلى أن «الضغط الناري الكبير الذي تعمّدت قسد استخدامه في معارك فجر الثلاثاء، أدى إلى دخول قواتها إلى بلدة الحوايج»، نافيةً «سيطرة قسد على بلدة الشحيل، على رغم تمركز قواتها في مدخل البلدة». وتلفت المصادر إلى أن «جبهة ذيبان تشهد وصول تعزيزات متواصلة من قرى الريف الشرقي، مع الإصرار على الصمود وعدم تسليم البلدة»، معتبرة أن «خطاب قسد العدائي ضدّ أبناء العشائر، واتّهامها إياهم بالإرهاب واللصوصية، والإساءة في بياناتها إلى شيخ مشايخ العكيدات، تدفع المقاتلين إلى التجمع بأعداد أكبر لصدّ هجماتها».
وكان كشف شيخ شمل العكيدات، مصعب الهفل، المقيم في دولة قطر، أنه اجتمع في «السفارة الأميركية في الدوحة مع ممثلين عن وزارة الدفاع الأميركية ورئيس القسم السياسي في السفارة، لبحث الاشتباكات في دير الزور، وإيصال مطالب العشائر، والعمل على تهدئة الوضع». لكن الهفل أشار إلى أن «اجتماع (العُمر) الذي أعلنت عنه السفارة الأميركية في دمشق، لم تَحضره العكيدات، إنما حضره شيوخ محسوبون على قسد». ونفى «وجود أيّ علاقة للحكومة السورية أو إيران أو تركيا بالحراك العشائري القائم في دير الزور»، مؤكداً أن «العشائر لن تتخلّى عن كرامتها، ولا تخشى تهديدات أحد». بدوره، طالب الشيخ إبراهيم الهفل، في تصريحات إعلامية، «التحالف الدولي بأداء مهامه وتحقيق الاستقرار في دير الزور، من خلال سحب كوادر قسد من المنطقة بقرار رسمي وعلني»، لافتاً إلى أنه «لم تُطرح علينا أيّ مفاوضات، وهذا دليل على أن القوة هي اللغة الوحيدة التي تنتهجها قسد في التعامل مع أطياف المجتمع المدني». وأوضح أن «تحرك العشائر لم يكن من أجل أبو خولة، وإنما من أجل استعادة حقوق أهالي المحافظة التي سلبتها قسد»، مضيفاً أن «الحراك ليس موجّهاً ضدّ أو مع مصلحة أيّ شخص، لكنه انتفاضة عشائرية للدفاع عن حقوق أبناء المنطقة».