غزة | في خضمّ تهديدات قادة الاحتلال المتكرّرة بتدفيع الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة، في قطاع غزة، ثمن تصاعد عمليات المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، ووسط التحليق المكثّف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية، انطلقت، أمس، النسخة الرابعة من مناورة «الركن الشديد»، بمشاركة 12 ذراعاً عسكريةً تابعةً للفصائل. في تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً، أُطلقت العشرات من الرشقات الصاروخية تجاه البحر، إيذاناً ببدء المناورة، فيما حضرت في الميدان تشكيلات المقاومة كافةً، البرية والبحرية، المدفعية وضد الدروع، توازياً مع تحليق مسيّرة «أبابيل» في السماء طوال مدة التدريبات. خلال خمس ساعات من النشاطات العسكرية، حاكى المقاومون العديد من العمليات ضد أهداف مفترضة. في موقع «الحشاشين» أقصى غرب مدينة رفح، نفذت وحدات الاقتحام والصاعقة غارات على مستوطنات متخيّلة، فيما بدت لافتة كتابة بعض الشعارات الداعمة لكتائب المقاومة في الضفة، على جدران المواقع المفترضة. كما استعرض المقاومون تكتيكات الهجوم والسيطرة، في طريقة أظهرت تنسيقاً عالي المستوى بين مختلف التخصصات العسكرية: الاقتحام والاتصالات، القنص، والتغطية النارية، والاندفاع السريع إلى ميدان الخصم. كذلك، شاركت الكلاب البوليسية المدرّبة في عمليات السيطرة على الجنود وتثبيتهم، والتي انتهت بتطهير المواقع المتخيّلة وأسر المزيد من الجنود.
وفي عرض البحر، ظهرت وحدات «الضفادع البشرية» وهي تستخدم القوارب المطاطية في الإبرار على أهداف العدو. وفي منطقة مرتفعة من الموقع، اجتمع قادة «الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة»، في غرفة تحاكي غرف التحكم والسيطرة، حيث بدا العشرات من القادة العسكريين وهم محاطون بالشاشات الكبيرة، التي تحوي خرائط تفصيلية لمواقع العدو، ومزوّدة بكلّ المستلزمات اللوجستية، من الهواتف الأرضية، وأجهزة التوجيه والمراقبة. وشارك في المناورة 12 جناحاً عسكرياً هي: «كتائب القسام»، «سرايا القدس»، «كتائب الشهيد أبو علي مصطفى»، «ألوية الناصر صلاح الدين»، «كتائب المقاومة الوطنية»، «كتائب شهداء الأقصى - لواء العامودي»، «جيش العاصفة»، «مجموعات الشهيد أيمن جودة»، «كتائب الشهيد عبد القادر الحسيني»، «كتائب المجاهدين»، «كتائب الأنصار»، و«كتائب الشهيد جهاد جبريل». يذكر أن فصائل المقاومة أجرت مناورة «الركن الشديد 1» في كانون الأول 2020، بينما أجرت «الركن الشديد 2» في كانون الأول 2021، و«الركن الشديد 3» في كانون الأول 2022.
المقاومة تعدّ نفسها، من خلال المناورة، لتنفيس أيّ مفاجآت يعدّها العدوّ، في أيّ مواجهة مقبلة


وعن الرسائل التي أرادت أن توصلها المقاومة، قال أيمن نوفل، وهو عضو المجلس العسكري لـ«كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، إن «الركن الشديد» تؤكد للعدو والعالم بأسره، أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لنيل الحرية». وأضاف في تصريح له تزامن مع انطلاق المناورة: «إن هذه المناورات تأتي في يوم المقاومة واندحار المحتل عن أرض غزة، وهدفها مراجعة ومتابعة استخلاص العبر من التجارب السابقة التي تجريها المقاومة على مدار أعوام». وأشار نوفل إلى أن «مناورات الركن الشديد تتميز بأنها مناورات قيادة وسيطرة، يتمّ فيها العمل على تجاوز المعضلات الميدانية عبر التركيز على وحدة الهدف ووحدة القيادة والسيطرة». بدوره، وفي تصريح لافت، أكد القائد العام لـ«كتائب القسام»، محمد الضيف، في الذكرى السنوية الـ 18 لتحرير القطاع، أن «اندحار الاحتلال عن غزة، يؤسّس لاندحاره عن الضفة ويبشّر بتحرير يافا وحيفا والقدس وبقية الوطن».
إزاء ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي، إسماعيل محمد، أن الرسالة الأبرز التي أرادت المقاومة أن توصلها بصرامة، هي أن «الفصائل في غزة ماضية في دعم الضفة والاستثمار في بناء خلاياها المتصاعدة، وأن الأذرع العسكرية مستعدة لدفع ثمن ذلك، إن فكر الاحتلال في تفعيل سياسة الاغتيالات، ومستعدّة للردّ عليه أيضاً». ويلفت محمد، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أنه «كان من اللافت أن المقاومة ركّزت على جزئية تعزيز غرف القيادة والسيطرة، التي يضعها جيش الاحتلال في مقدمة الأهداف التي يجب تدميرها في أيّ معركة، لتسهيل تحقيق نصر سريع وحازم. اليوم أرادت المقاومة أن تؤكد أنها تقرأ السلوك الإسرائيلي جيداً، وتعدّ نفسها لتنفيس أيّ مفاجآت يعدّها العدوّ، في أيّ مواجهة مقبلة».