مقالات مرتبطة
-
المقاومة تحذّر من «حرب دينية» رجب المدهون
وتمثّل عودة التفجيرات إلى الداخل المحتلّ، على غرار ما كان سائداً إبّان الانتفاضة الثانية، السيناريو الأكثر رعباً بالنسبة إلى إسرائيل. ولعلّ عملية "مجدو" التي وقعت قبل أشهر، واستشهد منفّذها، كانت مؤشّراً خطيراً إلى التطوّر في إمكانات المقاومة، سواء في لبنان أو في دول الطوق. وبدا لافتاً خلال هذه المدّة، تكثيف عمليات تهريب العبوات الناسفة إلى الضفة الغربية، حيث أعلن جيش الاحتلال، في أكثر من مناسبة، العثور على عبوات ناسفة متطوّرة، بعضها "إيراني"، كانت في طريقها إلى المقاومين في الضفة، وكان من شأنها أن تُحدث فَرقاً في استهداف آليات الاحتلال، وتحويلها الى توابيت حديدية. ولكنّ المقاومة في الضفة، وعلى رغم تعذّر الإمكانات، استطاعت تطوير صناعة العبوات الناسفة؛ ولعلّ ما جرى في جنين ومن ثمّ في نابلس من إعطاب لآليات الجيش الإسرائيلي وإصابة جنوده، رسم تقديرات لدى الاحتلال حول ذلك. ونقل موقع "واللا" العبري عن مسؤول كبير في شرطة الاحتلال، قوله إن "هناك تحسُّناً في قدْرة تنظيمات المقاومة على تنفيذ الهجمات"، مضيفاً: "رصدنا تزايداً في محاولات تنفيذ هجمات، والأمر لا يتعلّق فقط بعمليّات طعن، ولا مجرّد إطلاق نار من سيارة عابرة - لقد عدنا إلى العبوات الناسفة، وعدنا إلى خطط لتنفيذ هجمات واسعة النطاق، وهذا أمر مقلق للغاية".
وعاشت إسرائيل كابوساً مرعباً، منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، وخلال انتفاضة الأقصى، جرّاء العمليات الاستشهادية، والعبوات الناسفة، والأحزمة المتفجّرة، والسيارات المفخّخة في الداخل المحتلّ، والتي شكّلت أهمّ أساليب المقاومة الفلسطينية آنذاك، للردّ على مجازر الاحتلال.
لا تزال الإنذارات المتعلّقة باحتمالية وقوع عمليات فدائية خلال الأعياد (اليهودية)، مرتفعة جداً لدى المؤسّسة الأمنية
وفي هذا الوقت، لا تزال الإنذارات والتحذيرات المتعلّقة باحتمالية وقوع عمليات فدائية خلال الأعياد (اليهودية)، مرتفعة جداً لدى المؤسّسة الأمنية، حيث أكّد مصدر وجود أكثر من 60 إنذاراً جديّاً بعمليات، وسط استمرار فرض إغلاق شامل على الضفة الغربية المحتلّة والمعابر مع قطاع غزة. وجاءت عملية تل أبيب في ذروة الاستنفار الأمني والعسكري، تزامناً مع الأعياد اليهودية، حيث نشر الاحتلال أكثر من خمسة آلاف شرطي في مراكز التسوّق والترفيه، مع التركيز على مدينتَي القدس وتل أبيب، فيما دعت شرطة الاحتلال، المستوطنين، إلى حمل السلاح، وتجنيد عدد من سرايا الاحتياط التابعة لحرس الحدود كجزء من تعزيز القوات في المدن. وإذ لا يزال التصعيد في الضفة مستمرّاً، وحالة التأهب كذلك، فإن ما سيجري في القدس والمسجد الأقصى، خلال الأيام القليلة المقبلة، سيحدّد الى حدٍّ ما المسارات التي قد تمضي إليها الأوضاع وحالة الاشتباك، خاصّة في ظلّ معطيات تشير إلى أن المقاومة في الضفة في حالة تطوّر مستمرّ، فيما التظاهرات على حدود غزة وعودة فعاليات الإرباك تتصاعد يوماً بعد آخر.
ومع كلّ تصعيد في القدس، تعود الذاكرة إلى معركة "سيف القدس" (حارس الأسوار) التي خاضتها المقاومة في عام 2021، ردّاً على اعتداءات الاحتلال، والتي شكّلت محطّة فارقة ونقلة نوعية في المواجهات بينها وبين الاحتلال، تبلورت على إثرها معادلة "وحدة الساحات". وتلوّح إسرائيل، في الوقت الراهن، بشنّ عمليّة "حارس الأسوار 2"، في الوقت الذي تحاول فيه استخلاص دروس العملية الأولى، وسط خشية من اندلاع ما تصفه بـ"السيناريو المتطرّف" الذي يتمثّل في اندلاع احتجاجات عنيفة، وإطلاق النار في مدن الداخل المحتلّ، في ضوء انتشار الأسلحة في أيدي الفلسطينيين، بصورة تفوق ما جرى في عام 2021. ونُقل عن الضابط إيلي كوهين، مسؤول الطوارئ في قسم الاحتياط والمتطوّعين في الحرس القومي، قوله إن "السيناريو الذي تعمل القوات وفقه، هو حالة من الاضطراب المتعدّد المشاهد، وعدد كبير من مراكز الاضطراب داخل فلسطين".