غزة | تزامناً مع المخاطر التي يستشعرها الفلسطينيون نتيجة المخطّطات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، هدّدت فصائل المقاومة بردٍّ قاسٍ في حال ذهب المتطرّفون إلى حدّ إتمام طقوس دينية داخل الحرم، لأن خطوات كهذه من شأنها أن "تفتح حرباً دينية في المنطقة"، فيما هدّد الجانب الإسرائيلي أيضاً بردٍّ قويّ في حال صعّدت المقاومة من خطواتها خلال فترة الأعياد اليهودية، التي بدأت السبت. وعلمت "الأخبار" من مصادر فصائلية أن حركتَي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" حذّرتا الاحتلال من مغبّة تغيير الوضع القائم في الأقصى، وتحويله من كونه مكان عبادة للمسلمين فقط، إلى مكان مشترك مع اليهود.واقتحم مئات المستوطنين في ثاني أيام عيد رأس السنة العبرية، أمس، الأقصى، وارتدى بعضهم ما يُعرف بزيّ "التوبة التوراتي"، فيما عمدت شرطة الاحتلال، وفق "دائرة الأوقاف الإسلامية" في القدس، إلى تفريغ ساحات المسجد من المصلّين لتأمين الاقتحام، بعدما ضيّقت أصلاً على دخولهم ابتداءً من مساء السبت. وحوّلت شرطة الاحتلال، المدينة المقدّسة وبلدتها القديمة، إلى ثكنة عسكرية، حيث نَشرت الآلاف من عناصرها ووحداتها الخاصّة، ونصبت الحواجز في الشوارع والطرق، خشيةً من تصاعد التوتّر، ووقوع عمليّات.
في غضون ذلك، علمت "الأخبار" أن حكومة الاحتلال نقلت إلى الفصائل الفلسطينية، عبر الوسطاء، تحذيرات من أنها ستردّ بشكل قويّ في حال كان هناك تصعيد في الضفة والقدس المحتلّتَين خلال فترة الأعياد. ووفق موقع "حدشوت" العبري، "تُقدّر المنظومة الأمنية الإسرائيلية بأن حركة الجهاد الإسلامي ستُطلق الصواريخ وستحاول تنفيذ عمليات قوميّة رداً على اقتحام الحرم القدسي من قِبَل اليهود".
وفي هذا الوقت، أفادت "دائرة الأوقاف" بأن المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى على شكل مجموعات، ضمّت كل واحدة منها 40 مستوطناً قاموا بجولات استفزازية في ساحات الحرم، وتلقّوا شروحات عن "الهيكل" المزعوم، وأدّوا شعائر تلمودية في الجهة الشرقية من الساحات وقبالة قبة الصخرة، قبل أن يغادروا المكان من جهة باب السلسلة. وجاء ذلك في ظلّ التحضيرات التي بدأتها "منظّمات الهيكل"، وتواصُل الحشد لتنظيم اقتحامات كبيرة للمسجد الأقصى خلال الأعياد اليهودية، في أيلول الجاري وتشرين الأول المقبل. وجدّدت هذه المنظّمات دعوتها إلى المستوطنين، عبر نشرها إعلاناً بأن المسجد الأقصى سيكون مفتوحاً أمامهم في الفترة الصباحية ما بين الساعة 7:00 والساعة 11:30، وفي فترة ما بعد الظهر ما بين 13:30 و14:00. وتعليقاً على ذلك، دعا نشطاء مقدسيون ومرابطون مبعدون عن الأقصى، إلى الحشد وشدّ الرحال إلى المسجد، والتصدّي لاقتحامات المستوطنين خلال الأعياد اليهودية.
اقتحم مئات المستوطنين، في ثاني أيام عيد رأس السنة العبرية، المسجد الأقصى، بعضهم يرتدي ما يُعرف بزيّ «التوبة التوراتي»


وفي قطاع غزة، تجمّع مئات الفلسطينيين للردّ على جريمة الاحتلال، فيما قام الأخير بإطلاق قنابل الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاطي. ومن جهتها، حذّرت الفصائل الفلسطينية، أمس، من تداعيات خطيرة في حال استمرار اقتحام الأقصى، مشدّدة على أنها لن تسمح بالتغوّل عليه. وقالت حركة "حماس"، على لسان الناطق باسمها في القدس، محمد حمادة، إنها لن تترك المسجد الأقصى وحيداً، في ظل تعرّضه للاقتحام على أيدي عصابات المستوطنين، وإن "الاحتلال لا يمكن أن ينجح في كسر المعادلة في الأقصى".
بدورها، حذّرت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" من أن استمرار استهداف مدينة القدس والمسجد الأقصى "سيؤدي إلى تداعياتٍ خطيرة جدّاً على الكيان الإسرائيلي، نظراً إلى كون ذلك يأتي بدعم وضوء أخضر من حكومة الاحتلال التي تسعى إلى تحويل الصراع إلى معركة دينية من خلال مخطّطات الاستيلاء التدريجي على باحات المسجد الأقصى عبر تكريس مخطّط التقسيم الزماني والمكاني". أمّا حركة "الجهاد"، فحذّرت على لسان عضو مكتبها السياسي، أحمد المدلل، من أن "خيارات الردّ على الاقتحامات والاعتداءات المتصاعدة خلال ما يسمّى الأعياد اليهودية، ضدّ المسجد الأقصى المبارك والمصلّين والمقدسيين، مفتوحة"، مؤكدةً أن الأقصى يُعدّ "صاعق التفجير"، موضحةً أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه في الأقصى والقدس، هو "إعلان حرب على الفلسطينيين خاصة، والمسلمين جميعاً". وعلى هذا المنوال، أدانت "لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية"، الدعوات الإسرائيلية المتطرّفة إلى اقتحام المسجد الأقصى لمناسبة "رأس السنة العبرية"، ومحاولات فرْض الطقوس التلمودية العلنية في إطار التقسيم الزماني والمكاني، مستنكرةً أيضاً دعوة قائد شرطة الاحتلال في القدس، للمستوطنين، بحمل السلاح، لأن في ذلك "نيّة حقيقية مبيّتة لقتل الفلسطينيين". وحذّرت اللجنة من "تداعيات هذه الاستفزازات التي لن تنتهي إلّا بإشعال حرب دينية واسعة"، داعيةً إلى شدّ الرحال إلى الأقصى والرباط فيه والدفاع عنه بكل الطرق والوسائل.