رام الله | فيما كان آلاف الفلسطينيين يشيّعون، في مدينة طولكرم، الشهيدَين أسيد فرحان وعبد الرحمن أبو دغش، اللذَين استشهدا، فجر يوم أمس، خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيّم نور شمس، كان مقاومون ينفّذون، في ساعة واحدة، عدّة عمليات إطلاق نار ضدّ الاحتلال ومستوطنيه في مناطق شمال الضفة الغربية المحتلّة. وهكذا، تعرّضت دورية للجيش الإسرائيلي لإطلاق نار قرب طولكرم، بعد مهاجمة دورية حراسة قرب مستوطنة «ايفني خيفتس» في محيط المدينة، فضلاً عن هجوم ناري عنيف شنّه المقاومون مستهدفين مستوطنة «حيننيت» قرب جنين، تضرّرت على إثره منازل في المستوطنة، إضافةً إلى تعرُّض موقع عسكري للعدو قرب مستوطنة «شاكيد»، لإطلاق نار.وجاءت عمليات إطلاق النار المذكورة في أعقاب اقتحام مخيّم نور شمس، والذي تخلّلته اشتباكات وُصفت بـ»الأعنف» من جانب قوات الاحتلال والمقاومين الذين نجحوا، من جهتهم، في تفجير العديد من العبوات الناسفة، وإيقاع الجنود في «كمائن نارية»، أُصيب بفعلها جندي وأُعطبت آلية، فيما أكد شهود عيان وجود سيارات إسعاف إسرائيلية في المكان.
وعلى جري عادته، أقدم الجيش الإسرائيلي على تدمير البنية التحتية في المخيم، وجرّف شوارعه، كما دمّر شبكة الكهرباء، في محاولة للضغط على المقاومة وتأليب الأهالي عليها، على غرار ما فعله خلال العملية الواسعة في مخيم جنين قبل شهرين، وتلك التي شنّها في نور شمس قبل 20 يوماً. وشهد حيّ المنشية في المخيم، المواجهات الأكثر شراسةً بين المقاومة وقوات الاحتلال، استطاعت الأولى خلالها تكبيد الأخيرة خسائر وإصابات، وفق شهود عيان، قالوا إنهم شاهدوا سيارة إسعاف إسرائيلية في الحيّ، وهو ما أكدته أيضاً «كتيبة طولكرم» التي تحدّت، في بيان، جيش العدو بالكشف عن عدد القتلى والجرحى، وما حصل مع جنوده في الحيّ وفي محاور أخرى. واستطاعت الكتيبة، وفق البيان الصادر عنها، إفشال مخطّط الاقتحام الأخير، مبيّنةً أن «هذه المعركة البطولية التي سطّرها مقاتلونا الأبطال ضدّ العدو، هي وفاء منّا لأبناء شعبنا ولأهلنا الأوفياء في مخيّم نور شمس الذين يقدّمون الغالي والنفيس دفاعاً عن المقاومة». وجاء في البيان: «نفّذت الكتيبة العديد من الضربات النوعية والبطولية والتي افتتحتها بكمينٍ مُحكَم وحقل كثيف من النيران والعبوات الناسفة في حارة المنشية بتفجيرِ حقلٍ من الألغام المُعدّة مسبقاً في عدد من آليات الاحتلال التي تمركزت في الحيّ، ما أدّى إلى إعطابِ عدد منها وإلحاق أضرار جسيمة فيها وتحقيق إصابات مباشرة ومؤكَّدة في صفوف العدو بينها إصابات خطيرة، وواصل مجاهدونا الأبطال المعركة على مدى أكثر من 5 ساعات من القتال والتصدّي، استطاعت خلالها الكتيبة المظفرة تفجيرَ عدد كبير من العبوات الناسفة ونصب الكمائن لجنود العدو وتدفيع الاحتلال ثمن عدوانه، كما تمكّن مجاهدونا من إفشال عدد من محاولات إنقاذ نفّذها جيش الاحتلال لقواته التي حاصرها مجاهدونا في المنشية وأمطروها بصليات كثيفة من الرصاص والعبوات المتفجرة»، مشيرةً إلى «فشل عملية العدو التي كانت تهدف إلى قتل وأسر عدد من مجاهدينا الذين كانوا على رأس عملهم في خوض هذه المعركة البطولية».
وشهدت الضفة الغربية، فجر أمس، حملةَ مداهمات وتفتيشات، تخلّلتها اعتقالات ومواجهات في بعض المناطق، كان أبرزها اقتحام حرم جامعة بيرزيت قرب رام الله، واعتقال 8 من أعضاء مجلس الطلبة ونشطاء في الكتلة الإسلامية، من بينهم رئيس مجلس «اتحاد الطلبة»، وتخريب ممتلكات الطلبة ومقتنياتهم. ووفق زعم الاحتلال، فإن طلبة في جامعة بيرزيت كانوا يخطّطون لتنفيذ عمليات ضدّ قواته ومستوطنيه بتوجيه من حركة «حماس» خلال الفترة المقبلة.
تعيش إسرائيل حالة استنفار قصوى وتأهُّب في صفوف قواتها من شمال فلسطين المحتلّة إلى جنوبها، مع بدء «عيد الغفران»


في هذا الوقت، تزداد جبهة غزة سخونة يوماً بعد آخر، مع ارتفاع حدّة المواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال عند السياج الشائك، وهو ما دفع جيش الاحتلال إلى تعزيز «فرقة غزة» بكتيبة إضافية، بحسب بيان قال فيه إن قراره جاء «بناءً على تقييم الوضع (الأمني)»، وتزامناً أيضاً مع تقارير إسرائيلية تحدّثت عن اشتعال حرائق في المناطق المحاذية لغزة، بفعل بالونات حارقة أُطلقت من القطاع. وكان لافتاً وقوع عدّة عمليات إطلاق نار، عصر السبت، على دوريات الاحتلال بالقرب من الحدود، بينما أُعلن أمس عن سقوط منطاد استخباري للجيش في مستوطنات «غلاف غزة». ودفع الوضع المتفجّر على حدود القطاع، وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى زيارة «غلاف غزة» صباح أمس، لإجراء تقييم مع رئيس الأركان ورئيس شعبة الاستخبارات ورئيس شعبة العمليات، بعدما وُجّهت إليه انتقادات شديدة من قِبَل المعارضين والصحافيين والمحلّلين، بفعل التزامه الصمت خلال الأيام الماضية، على رغم انتشار الحرائق في مستوطنات الغلاف. وفي هذا الإطار، هاجم وزير الأمن الأسبق، أفيغدور ليبرمان، حكومة نتنياهو بسبب عودة الحرائق، قائلاً إنه «لا عجب عندما تكون هناك حكومة مهرّجين، ويعود إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة»، فيما قال عضو «الكنيست»، ألموغ كوهين، من «عوتسما يهوديت»: «لن أقبل بوضعٍ تصبح فيه أراضي غلاف غزة والنقب منطقة نيران محروقة، وفناء خلفياً لدولة إسرائيل - حكم الغلاف كحكم تل أبيب».
وتعيش إسرائيل حالة استنفار قصوى وتأهُّب في صفوف قواتها من شمال فلسطين المحتلّة إلى جنوبها، مع بدء «عيد الغفران» أمس، والذي يستمرّ حتى مساء اليوم؛ إذ قرّرت إغلاق مجالها الجوّي إلى حين انتهاء العيد، في ظلّ ارتفاع إنذارات تنفيذ عمليات فدائية. ووفق «القناة 13» العبرية، فإن هناك توتّراً في كل الساحات واستنفاراً في «عيد الغفران»، خاصّة بعد القصف الأخير على غزة، والمواجهة في شمال فلسطين بعد اجتياز معدّات هندسية الخطّ الأزرق، مشيرةً إلى أن «عناصر الشرطة يحرسون الكُنس في القدس وكل المدن». وشهدت مدينة القدس، أمس، استنفاراً عسكريّاً غير مسبوق مع بدء «عيد الغفران»، تخلّله اقتحام مئات المستوطنين باحات الأقصى بحماية من قوات الاحتلال التي شدّدت من إجراءاتها العسكرية في محيط المسجد وفي القدس القديمة، وأعاقت دخول الفلسطينيين إلى ساحات الحرم.