تشهد قواعد الجيش الإسرائيلي، وأماكن التجمّعات التي وصل إليها جنود الاحتياط لنقلهم إلى جبهات القتال، فوضى عارمة ونقصاً في معدّات قتالية أساسية، ووسائل الحماية، ومستلزمات النظافة الشخصية، فضلاً عن نقص الطعام والمواد الخام لتحضيره، فيما لم تنجح إلى الآن مبادرات المتطوّعين الإسرائيليين وأهالي الجنود في سدّ الثغرات القائمة، والتغلّب على عراقيل الإمداد اللوجستي. وبحسب موقع «واللا»، فإن النقص الفعلي قائم في الجبهة الشمالية، التي توترّت أيضاً الأوضاع فيها خلال الأيام الماضية. وبناءً على الشهادات التي وصلت إلى الموقع، فإنه في قاعدة «محفيه ألون» على سبيل المثال، «أَبلغ الجنود عن نقص حادّ في الدروع والستر الواقية»، وتحدّثوا عن أن «هناك من حصلوا على سترات ولكنها بالية، ويبدو أنها تعود إلى أيام حرب التحرير (في إشارة إلى النكبة)».وفي السياق نفسه، قالت أفيف، وهي شقيقة أحد المجنّدين العائدين من رحلة استجمام في تايلاند، إن «شقيقها أخذ معه واقيات الرُكب والسيقان الخاصة بالدراجة الناريّة خاصته، وإنها وصلت حتى حيفا وهي تبحث عن درع لأخيها، ليُبلغها أصحاب محلّات بيع الدروع كافة بأن ثمن الدرع الواحد يبلغ 2000 شيكل»، متسائلةً: «لماذا عليّ دفع هذا المبلغ لأحمي أخي الذي سيُحارب في غزة؟». وأضافت أفيف أن «العديد من المتطوّعين طلبوا التبرّع بالمال، وهذا يُظهر فقط مدى تعبئة الشعب الإسرائيلي للوقوف إلى جانب الجيش»، مستدركةً بأن «المعدّات نفدت من رفوف المتاجر، ولذلك ليس لدينا ما نفعله بالأموال المتبرَّع بها». وختمت بأنه «إذا كان الجيش يحتاج إلى مساعدة في نقل المعدّات من قاعدة إلى قاعدة لتجهيز الجنود، فسوف آخذ سيارتي الخاصة، وأساعد الجيش الإسرائيلي. الجيش في حالة من الفوضى، لكن عزائي هو أن لدينا جنوداً جيدين».
وكان وصل جنود الاحتياط، على وجه السرعة، إلى قواعدهم من مختلف أنحاء الكيان، وذلك بناءً على الأمر العسكري، مجرّدين من أيّ معدّات شخصية. وأفاد هؤلاء بوجود نقص في الجوارب ومعدّات النظافة وزجاجات المياه، واصفين هذه الأخيرة بأنها «على الرغم من أنها ليست معدّات قتالية، إلّا أنها معدّات مهمة. آلاف الجنود في الميدان في ظروف صعبة للغاية، لم يكن لدينا وقت لتناول الطعام ونحن نفتقر إلى لوازم كثيرة مثل فراشي الأسنان ومزيلات العرق». وفي مقابلة مع صحيفة «معاريف»، قال أحد الجنود المتواجدين في «غلاف غزة» إن «الوضع فظيع جدّاً. هناك نقص حادّ في المعدّات القتالية الأساسية. لا توجد لأيّ أحد دروع وخوذ وسترات واقية. ببساطة، لا توجد وسائل نحمي بها أنفسنا في خلال القتال. لقد سلّمونا سترات بالية، ولستُ متأكداً من أنها ستحمينا. أمّا بالنسبة إلى البنادق التي نحملها فلا يوجد عليها مناظير، وهناك نقص في أدوات قتالية أساسية». وأضاف «لقد وصلنا فوراً بعد أمر الاستدعاء، ومباشرةً أدخلونا إلى العمليات، وذلك بالرغم من إعطائنا أسلحة مختلفة عن تلك التي تدرّبنا عليها. الوضع في الميدان صعب جداً، لا يزال هناك مخرّبون في الشوارع، نحن نقاتل بكلّ قوة ممكنة». ولفت إلى أن «الوحدات من حولنا تعمل على جمع التبرّعات. إنه وضع مثير للسخرية. نحن لسنا بحاجة إلى المال، نحن بحاجة إلى سترات واقية. ليس من المنطقي أن الجيش ليست لديه سترات كافية لتوفير الحماية لمقاتليه. وبالرغم من روحنا القتالية العالية، فإن نقص المعدّات يقلقنا كثيراً. نريد العودة بسلام، ولكن يبدو أنه سيكون من الصعب علينا حماية أنفسنا».
وفي الإطار نفسه، كتب أحد المبادرين إلى حملة تبرّعات لمساعدة الجنود، على وسائل التواصل الاجتماعي، أن «هناك نقصاً في المعدّات اللازمة والعتاد القتالي، وهذا النقص قائم حتى قبل نشوب الحرب. أَرسل هذه الرسالة إلى كلّ شخص تعرفه». وبعد انتشار الرسالة على نطاق واسع في صفوف الجمهور الإسرائيلي، تطوّع عشرات الآلاف من الإسرائيليين في جميع أنحاء فلسطين المحتلّة لتجميع مؤن ومستلزمات ومواد غذائية وتبرّعات لصالح الجنود. أمّا صاحب شركة «كيتيرنغ»، الطاهي تال دارليخمان، فظهر في مقطع مصوَّر غاضباً، وهو يقول: «اتّصلوا بي وسألوني هل بإمكاني تحضير الطعام للكتيبة... لماذا عليّ أن اقلق على جنود الاحتياط إن كانوا سيتناولون وجبة ساخنة أم لا؟ أجابوا بأن المطبخ غير جاهز ولا توجد مواد لتحضير الطعام! ولماذا يوجد نقص في المؤن؟ لماذا الاستجابة اللوجستية صفر؟ لماذا يوجد شعور بأنه لا شيء يتحرّك أو يعمل هنا؟ إنه شعور لا يوصف. هناك خيبة أمل كبيرة، ولحسن الحظ أن الناس ما زالوا يتطوّعون». وأفادت إحدى المتطوّعات في مركز حيفا اللوجستي، والذي أُنشئ لتوفير المواد الغذائية ووسائل النظافة الشخصية والملابس للجنود ومستوطني الجنوب، من جهتها، بـ«أنهم يتوجّهون إلينا من قواعد عسكرية عديدة من جميع أنحاء البلاد، ويقولون لنا نحن بلا طعام، بلا شيء تقريباً. ولذلك تجنّدنا من أجل توفير كلّ المستلزمات لهم».