هل ينخرِط حزب الله في معركة «طوفان الأقصى»؟ هو السؤال الأكثر تداولاً على الساحتين المحلية والدولية. الإجابة الواضحة على كل التساؤلات سيحددها مسار المعركة في غزة، إلا أن الاستنفار على الحدود اللبنانية – الفلسطينية ورسائل النار التي أُطلقت من جنوب لبنان وتسارع الأحداث، كلّ ذلك يؤكّد أن الجبهة الشمالية قد تخرج في أي وقت من دائرة التوتر المضبوط، في التوقيت الذي تقرّره المقاومة.وبعدما بقيت التطورات جنوباً، في اليومين الأوليْن من «طوفان الأقصى»، «مدوزنة» بما يكفي لإرباك العدو وإشغاله بعمليات انحصرت بإطلاق صواريخ وقذائف ومحاولات تسلّل، شهد يوم أمس تطورات دراماتيكية انتهت بإعلان المقاومة الإسلامية، ليلاً، مهاجمة ثكنة برانيت وهي مركز قيادة فرقة الجليل، وثكنة أفيفيم وهي مركز قيادة ‏كتيبة تابعة للواء الغربي، بصواريخ موجّهة وقذائف هاون ‏أصابتها إصابات مباشرة، وذلك في «ردٍّ أوّلي بعد استشهاد ثلاثة من الإخوة المجاهدين نتيجة للاعتداءات الإسرائيلية ‏على البلدات والقرى اللبنانية». والشهداء الثلاثة الذين نعتهم المقاومة هم علي حسن حدرج (فداء) وعلي رائف فتوني (حيدر) وحسام محمد إبراهيم (حسام عيترون).

الشهيد علي حدرج

واستشهد المقاومون الثلاثة في قصف إسرائيلي استهدف محيط تلة الراهب وخلة وردة عقب اختراق مجموعة من المقاومين، عصر أمس، الشريط الشائك باتجاه فلسطين المحتلة، حيث وقع اشتباك مع جنود العدو في عملية أعلنت «سرايا القدس» لاحقاً مسؤوليتها عنها، وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن المتسلّلين اشتبكوا مع جنوده، ما أدّى إلى وقوع عدد من الإصابات في صفوفهم واستشهاد اثنين من المقاومين الأربعة (رياض قبلاوي من مخيم عين الحلوة وحمزة موسى من مخيم البرج الشمالي) وجرح ثالث فيما لم يُعرف مصير الرابع. في وقت أفادت مصادر بأن المقاومين تمكّنوا من تدمير آليتين للعدو وقتل أحد جنوده. وأعلن جيش العدو مقتل المقدم عليم سعد من اللواء 300 «خلال مواجهة مع الإرهابيين على الحدود اللبنانية». وعقب العملية ردّ العدو بغارات وقصف مدفعي عنيف لخراج بلدات الضهيرة ويارين والبستان ومروحين وعيتا الشعب، وطلبت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية من المستوطنين في منطقة الجليل الغربي دخول الملاجئ والبقاء فيها حتى إشعار آخر.

الشهيد علي فتوني

وأعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش، تعرّض مناطق حدودية في الجنوب للقصف من قبل العدو الإسرائيلي. وقد سقط عدد من قذائف الهاون في باحة مركز للجيش اللبناني في خراج بلدة رميش، ما أدّى إلى إصابة ضابط بجروح طفيفة. ودعت قيادة الجيش المواطنين إلى اتخاذ أقصى تدابير الحيطة والحذر وعدم التوجه إلى المناطق المحاذية للحدود حفاظاً على سلامتهم. وقال الناطق الرسمي باسم قوات «اليونيفل» أندريا تيننتي في بيان إن «رئيس بعثة اليونيفل اللواء أرولدو لاثارو، هو على اتصال بالأطراف المعنيين، ويحثّهم على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واستخدام آليات الارتباط والتنسيق التي تضطلع بها اليونيفل» لمنع المزيد من التصعيد ووقوع الخسائر في الأرواح».

الشهيد حسام إبراهيم

وأعلن رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران تعليق الدروس والأعمال الإدارية في فروع وشُعب الجامعة في النبطية وصور وبنت جبيل اليوم، كما أعلن وزير التربية عباس الحلبي تعليق الدروس في المدارس الرسمية والخاصة في الجنوب بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.
وتواصلت أمس التحذيرات الدولية من دخول حزب الله على خط الحرب الدائرة في غزة. وعلمت «الأخبار» أن السفيرة الأميركية دوروثي شيا (الموجودة خارج البلاد) تواصلت مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وشدّدت على ضرورة «ضبط الوضع في الجنوب وعدم التورط»، كما تواصل الأميركيون مع المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري لنقل الرسالة ذاتها، وقد أبلغها إلى من يعنيهم الأمر. كذلك تواصلت الاتصالات من قبل الألمان والفرنسيين والإسبان «للتشديد على ضرورة تحييد لبنان»، فضلاً عن رسائل أخرى نُقلت عبر مصر ودول عربية أخرى إلى حزب الله لمطالبته بعدم التدخل، إلا أن الرد كان حاسماً بأن الحزب «يتابع مسار المعركة وسيبني على الشيء مقتضاه». وطلبت السفارة الأميركية من مواطنيها في بيروت «توخّي الحذر، لأن الوضع في إسرائيل لا يزال غير قابل للتنبّؤ».
في المواقف الداخلية، دعا النائب السابق وليد جنبلاط حزب الله إلى «ضبط الجنوب أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً من بعض التنظيمات التي قد تتسلّل إلى الأراضي المحتلة». وقال: «سأتواصل مع الحزب، وكلام النائب محمد رعد عن أنه آن الأوان لزوال إسرائيل غير مفيد».