القاهرة | على الرغم من أن قنوات الاتصال بين القاهرة وواشنطن لم تنقطع منذ صباح يوم السبت الماضي في محاولة لتهدئة الأوضاع والتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، إلّا أن الاتصالات الجدّية في هذا الشأن بدأت تتبلور، ابتداءً من يوم أمس، وفق ما أفادت به مصادر «الأخبار»، وذلك سعياً لتجنب تصعيد عسكري أكبر، وسط إشارات إلى بدء العمل بالفعل على حلحلة بعض المسائل، وفي مقدّمها مسألة الأسرى الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية. وفيما لا يزال الاتفاق على أسس «التهدئة» المنشودة وتفاصيلها بعيداً، أشارت المصادر إلى وجود «رغبة مشتركة لدى كلّ من القاهرة وواشنطن بمنْع تل أبيب من تنفيذ عمليّة اجتياح برّي في غزة، أو الاستمرار في عمليّات القصف العشوائي ضدّ المدنيين، من دون إنذارات تمنح هؤلاء وقتاً كافياً لإخلاء المباني».وتطالب القاهرة، بحسب مصادر «الأخبار»، بـ«ضمانات واضحة تُفرَض على طرفَي الصراع، لضمان تفاوض يثمر نتائجَ وليس حلولاً مؤقّتة»، فيما يجري الاشتغال على «إقناع أطراف أوروبية بإعادة النظر في تقييم موقفها، والضغط في سبيل التهدئة وليس التصعيد». وتسعى مصر، في هذا الجانب، لتسريع الوصول إلى مفاوضات لوقف إطلاق النار، بالتنسيق مع أطراف عربية، ولا سيما السعودية والإمارات، فيما دعت الأخيرة، وفق أحد المصادر، إلى «ممارسة ضغوط واضحة على الحكومة الإسرائيلية للعدول عن خطّتها لتوسيع ردّ الفعل العسكري»، وتلك نقطة ستجري مناقشتها خلال اجتماع وفد استخباري إماراتي مع مسؤولين مصريين في القاهرة.
في هذا الوقت، لا تزال القاهرة ترفض «بصورة قاطعة فتْح معبر رفح كممرّ آمن للسكّان الراغبين في الخروج من القطاع»، وفق مصادر مصرية، دافعت بأن إجراءً كهذا سيُنتج «عواقب وخيمة على الأمن القومي المصري». كما ترفض مصر أيضاً إنشاء مخيّمات للفلسطينيين على الحدود بين البلدَين، في ما يُعدّ «أمراً محسوماً ولا نقاش فيه» بالنسبة إليها. وفي الوقت ذاته، لا يمانع المصريون عبور المساعدات الإنسانية، أو استقبال الحالات التي تستلزم الخضوع لعمليّات جراحية أو تلقّي العلاج في المستشفيات المصرية، بحسب المصادر التي أفادت بأن «هناك حالة استنفار في القطاع الطبّي في المستشفيات الموجودة بالقرب من الحدود، ولا سيما في العريش والشيخ زويد».
وتبدي القاهرة استعدادها، كذلك، لإرسال آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والإنسانية وإدخالها من طريق معبر رفح الذي تعرّض الجانب الفلسطيني منه للقصف الإسرائيلي عدّة مرّات في اليومَين الماضيَين، بحسب المصادر التي أوضحت أن ما سيُنقل هو «مساعدات إنسانية وضرورية»، تعبيراً عن رفض المشاركة في عملية «التجويع» المفروضة على سكّان القطاع. وفي هذا السياق، تعمل مصر على تنسيق المواقف مع المنظّمات الدولية، سواء «منظّمة الصحة العالمية»التي زار مديرها القاهرة، أو الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أجل التعامل مع الوضع الإنساني، وسط تزايد التحذيرات من نفاد وتلف الأطعمة الموجودة في القطاع نتيجة انقطاع الكهرباء، فضلاً عن استهداف المستشفيات، والطواقم الطبية.