ما زال الموقف السعودي ممّا يحدث في غزة متأرجحاً، وسط حديث عن وقف محادثات التطبيع مع العدو في المرحلة الراهنة، لا سيما وسط رفض شعبي خليجي واضح له، بلغ حدّ طلب أحد النواب الكويتيين السابقين، من علماء المسلمين، إعلان النفير العام لنصرة الأقصى في حال تدخّلت القوات الأميركية في الحرب ضد غزة. وحدهم «عيال زايد» خرجوا عن السرب الرسمي والشعبي، وأعلنوا تأييدهم إسرائيل في هذه الحرب، رغم ظهور تململ بين بعض المقرّبين من الحكم.وذكر المعارض السعودي، عبد الله العودة، أن أحد المفاوضين الأميركيين في المحادثات الثلاثية للتطبيع بين السعودية وإسرائيل، والتي تشمل التوصل إلى اتفاق أمني سعودي - أميركي، تحدّث عن أن الحكومة السعودية حالياً تمارس دور «انتظر وراقب»، مضيفاً أن «إجراءات التطبيع حالياً متوقفة من الجانب السعودي، كما يبدو»، ومعتبراً أن «الإيقاف خيار جيّد وأتمنى أن يكون موقفاً دائماً من التطبيع، لأن ‎التطبيع خيانة».
من جهته، شارك أحد الحسابات الموالية للحكم في المملكة على منصة «X»، والذي يحمل اسم «ملفّات كريستوف»، تقريراً مصوراً وصف ما يحدث بأنه «حماقة من جانب إسرائيل تبشّر بانهيار أحد أهم مشاريعها»، مضيفاً أن «إسرائيل تسعى إلى عمل مناورة خطيرة لتغيير قواعد الصراع في المشهد الفلسطيني، ولكن كلّما حقّقت مكاسب عسكرية في غزة، كلما تكبّدت خسائر إستراتيجية خارجها».
ورأى الأكاديمي السعودي، خالد الدخيل، بدوره، أن «الحرب الحالية وجّهت ضربة قاتلة لمخطّط نتنياهو. كان يرى نفسه منقذ إسرائيل. هدفه ضم الضفة والتطبيع مع الدول العربية كلها، لعزل الفلسطينيين وإرغامهم على قبول خيار الدولة الواحدة. داخلياً كان يريد إضعاف القضاء وتعزيز سلطاته التنفيذية. ذلك كله بات في مهب الريح، وتحالفه مع المتطرفين في مأزق».
وعن مستقبل التطبيع مع السعودية، قال إن «تداعيات الحرب على نتنياهو وحكومته عزّزت أوراق المفاوض السعودي، وكشفت أن موقفه (نتنياهو) أضعف كثيراً ممّا كان يبدو عليه. وأثبتت الحرب للمرة المليون أنه لا مخرج من الأزمة من دون دولة فلسطينية مستقلة كان السعودي يطالب بها. الآن لن يقبل اتفاقاً من دونها».
ورغم تغطية الإعلام السعودي المنحازة لمصلحة العدو، حيث تصف قناة «العربية»، مثلاً، مقاتلي المقاومة بـ«المسلحين»، ولكنّ الذباب الإلكتروني للمملكة حاول تسويق فكرة أن ولي العهد، محمد بن سلمان، يساند الحق الفلسطيني. لكن الاتصالات التي أجرتها المملكة، سواء من ولي العهد نفسه، أو وزير الخارجية، فيصل بن فرحان، تفيد بأن المملكة لا تلعب أي دور عملياً في محاولة وقف العدوان الإسرائيلي، ولا تمارس أي ضغط على الولايات المتحدة لتخفيف انحيازها المطلق إلى العدو، علماً أن الرياض أثبتت في السنوات القليلة الماضية أنها تملك أوراق ضغط فعالة على واشنطن، ولا سيما النفط، الذي استخدمت التلاعب بإنتاجه بكفاءة عالية داخل «أوبك بلس»، وأجبرت الولايات المتحدة على التفاوض معها عبره.
وفي المقابل، أضاء المعارض السعودي، خالد الجبري، على دور قطر، قائلاً إنها «في كل أزمة إقليمية ودولية، تتصدّر المشهد كوسيط موثوق وسمسار نزيه يستطيع التأثير في أطراف النزاع جميعها ونزع فتائل الصراع، وتثبت أن العمل الديبلوماسي أكبر بكثير من مجرد استضافة قمم استعراضية وإصدار بيانات خاوية».
نائب كويتي سابق: إذا تدخّلت القوات الأميركية، فعلى علماء الإسلام إعلان النفير العام


وفي ما يتعلّق بالإمارات، أعلن زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، أنه أجرى محادثات هاتفية مع وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، عبّر فيها الأخير عن دعمه إسرائيل. وكتب على منصة «X»: «تحدّثت قبل قليل مع الوزير عبد الله بن زايد. وأعرب عن تضامنه مع إسرائيل، وشكرته على دعمه». ومع ذلك، شكّلت الوحشية الإسرائيلية في غزة، إحراجاً للمطبعين يُتوقّع أن يزداد مع ارتكاب مزيد من المجازر بحق المدنيين. وكتب الأكاديمي الإماراتي، عبد الخالق عبدالله، وهو مستشار للرئيس، محمد بن زايد، على منصة «X»، أن «الوحش الإسرائيلي يزداد توحّشاً بدعم وتشجيع من واشنطن والعواصم الأوروبية».
أما حيث توجد مساحات للتعبير في الخليج، في دول كالكويت، فكانت المواقف مختلفة تماماً، ما فرض أن يكون الموقف الرسمي الكويتي نفسه متمايزاً لناحية إدانة العدو. وكتب النائب الكويتي السابق، ناصر الدويلة، على «X»، أنه «إذا تدخّلت القوات الأميركية في الحرب ضد غزة، تحت أي ذريعة، فإن على علماء الإسلام في كل مكان إعلان النفير العام لنصرة الأقصى. وأي قوة تقف ضد وصول المتطوعين إلى الأراضي المحتلة هي قوة موالية للعدوان، وفقاً لأحكام الإسلام، بكل ما تعني هذه الحالة من أبعاد خطيرة تهدّد دول المنطقة، وتحدث فوضى في كل مكان. وعلى حكماء العالم وقف تدهور الأمور إلى ما لا تُحمد عقباه». وينتشر آلاف الجنود الأميركيين في الكويت في قواعد تخدم القوات الأميركية في المنطقة ككل، منذ تحرير البلاد من قوات صدام حسين عام 1991.