لا يمتلك أحد إحاطة كاملة بمستوى تجهيز المقاومة للحرب البرّية
على أن هذا السيناريو - الحلم بالنسبة إلى الإسرائيليين، دونه عقبتان، الأولى هي معنويات الجنود المحطّمة على تخوم غزة، حيث أذلّ المقاومون بالصوت والصورة، ليس فقط جنود وحدات «غفعاتي» و«غولاني»، وإنما أيضاً قادة وجنرالات جيش الاحتلال، الذين اقتيدوا إلى مأسرهم بالملابس الداخلية. أما العقبة الثانية، فهي استمرار تدفّق المقاومين إلى داخل المواقع المحاذية للحدود، حيث يخوضون يومياً اشتباكات ملحمية، وينفّذون عمليات هجوم مظلية. هذه الحالة من عدم اليقين، تجبر أي جيش نظامي، يمتلك أدنى مستويات المعرفة العسكرية، على الإحجام عن التقدّم بالقوات بينما ظهْرُه متروك للمفاجآت، إذ من الممكن ببساطة، أن تقع قوات الجيش البرية بين فكَّي كماشة المقاومين، عوضاً عن أن تضع هي المقاومين بين فكَّي كماشتها بين غرب القطاع وشرقه.
حتى اللحظة، لا يمتلك أحد إحاطة بمستوى تجهيز المقاومة لهذا السيناريو، إذ إن ذلك التجهيز لن يظهر إلا عند التجريب، أو المحكّ الفعلي. لكن ما أُعدّ للدخول والعمل في داخل مستوطنات العمق، بكل ما حمل من احترافية ودقة، وقدرة على تحصيل مستوى عالٍ لجهة إيقاع الخسائر البشرية، يعطي إشارة إلى أن ما جُهّز في داخل حواضن المقاومة، وبيئاتها، والمحاور التي تدرّبت للعمل فيها طوال سنوات، لن يكون أقل ممّا ظهر في مستوطنات «غلاف غزة». لكنّ البعض يميل إلى سيناريو أكثر خطورة، يثير موجة من التشاؤم، هو أن تتدخّل الوحدات الخاصة الإسرائيلية بالشراكة المباشرة مع وحدات تحرير الرهائن الأميركية، من خلال استخدام الغواصات الأميركية وسفن الإنزال الكبرى، لاختراق عمق القطاع، والانطلاق منه للعمل على تطهير الأطراف. وفي المقابل، ثمّة متفائلون يتوقّعون حضوراً من الجبهات الخارجية الرديفة للمقاومة، وتحديداً من لبنان وسوريا وإيران واليمن والعراق، لن يسمح للمشهد الميداني بالتدحرج إلى الحدّ الذي تبدأ فيه الحرب البرية أصلاً.