رام الله | تستغلّ سلطات الاحتلال العدوان على قطاع غزة، للاستفراد بالأسرى الفلسطينيين والتنكيل بهم، وحرمانهم من الحقوق التي انتزعوها عبر نضالات طويلة. في هذا الإطار، أَبلغت إدارة سجون العدوّ بعض السجون نيّتها الاستيلاء على الملابس والأغطية والممتلكات كافة التي تبقّت في حوزة المعتقَلين، على أن يحتفظ كلّ منهم بـ»غيارين» فقط. ويبدو أن وزير «الأمن القومي» المتطرّف، إيتمار بن غفير، المسؤول عن السجون، وجد فرصته للانقضاض على الأسرى، بالتعاون مع إدارة السجون، بما يشمل تفاصيل حياتهم اليومية كافة، وسط تحذير المؤسّسات المعنية من تحويل هذه الأخيرة إلى جحيم حقيقي.وطالبت «هيئة شؤون الأسرى»، «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، بالتحرّك الفوري لزيارة السجون، وتكثيف طواقمها العاملة، «لوضع حدّ لهذا الجنون المخالف لكل المواثيق والأعراف، ومبادئ القانون الدولي الإنساني والاتفاقات الدولية». وقالت الهيئة إن «إدارة سجون الاحتلال فرضت أخيراً جملةً من الإجراءات في حقّ المعتقلين، وهي: إغلاق الأقسام في كلّ السجون؛ سحب محطّات التلفاز المتاحة للمعتقلين؛ زيادة أجهزة التشويش؛ إيقاف زيارات عائلات المعتقلين؛ إبلاغ المحامين بإلغاء الزيارات التي كانت مقرَّرة هذا الأسبوع؛ تعمُّد قطع الكهرباء والمياه عن أقسام المعتقلين بين الحين والآخر؛ سحب المواد الغذائية من الأقسام؛ حرمان المعتقلين من الخروج إلى ساحة السجن (الفورة)؛ حرمان المرضى منهم من نقلهم إلى العيادات؛ عمليات اقتحام نفّذتها قوات القمع المدجّجة بالسلاح، في سجون من بينها (الدامون) الذي تُحتجز فيه معظم المعتقلات، و(النقب، وعوفر، ومجدو)؛ توثيق عمليات عزل لعدد من المعتقلين من خلال نقلهم إلى الزنازين، من بينهم ممثلة المعتقلات، مرح باكير؛ عمليات نقل جماعية طالت معتقلي غزة في سجن (النقب)، حيث جرى نقلهم إلى سجن (نفحة)، إلى جانب عملية نقل تمّت داخل السجن الواحد، كما جرى في حقّ المعتقلين القابعين في قسم الخيام في سجن (النقب)، حيث جرى نقلهم وتوزيعهم على بقية الأقسام؛ زيادة مدّة توقيف المعتقلين من 96 ساعة، إلى 8 أيام، ومنع لقاء المحامين في الأيام الأربعة الأولى من الاعتقال».
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، يؤآف غالانت، في ضوء عمليّة «طوفان الأقصى»، قد أصدر قراراً، في 8 تشرين الأول 2023، اعتبر فيه المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة كمقاتلين غير شرعيين بناءً على «قانون المقاتل غير الشرعي» الصادر عام 2002. وينصّ الأمر 3 (أ - ب) على احتجاز المعتقلين من القطاع في معسكر «سديت يمان» التابع للجيش بالقرب من بئر السبع، على أن يسري هذا الأمر لمدّة 10 أسابيع من تاريخه. وتُخالف هذه الخطوة القانون الدولي الإنساني الذي ينصّ على أن المقاتلين المعتقلين هم أسرى حرب.
ارتقى، منذ بدء العدوان على غزة، 56 شهيداً في الضفة الغربية


في هذا الوقت، واصلت قوات الاحتلال في الضفة الغربية المحتلّة، حملات الاعتقال الواسعة، والتي تُعدّ الأعلى منذ سنوات، حيث اعتقلت، فجر الأحد، 65 فلسطينياً، من بينهم قيادات من حركة «حماس». ووصل عدد حالات الاعتقال، منذ السابع من تشرين الأول الجاري، إلى نحو 470، شملت الفئات كافة، إلى جانب المعتقلين من العمّال وغزة، والذين لم تُعرف أعدادهم بشكل دقيق حتى اليوم، فيما تركّزت العمليّات في محافظة الخليل التي سُجّلت فيها أعلى نسبة. كذلك، وثّقت المؤسّسات المعنية بالأسرى مستوى غير مسبوق من الوحشية التي تستخدمها قوات الاحتلال خلال عمليات الاعتقال في حقّ المعتقلين وعائلاتهم، والمتمثّلة في التهديد بالقتل، والاعتداء بالضرب المبرح الذي طال معظم المعتقلين، وعمليات التخريب والتدمير الواسعة للمنازل.
ميدانياً، شهدت مدن وبلدات الضفة، مساء السبت وفجر الأحد، مواجهات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال، أسفرت عن وقوع إصابات. وفجر أمس، اشتبكت المقاومة مع قوات الاحتلال في عدّة مناطق في شمال الضفة، من بينها بلدة قطنة شمال غرب القدس المحتلّة، ومخيم الأمعري جنوب رام الله، وبلدة يعبد جنوب غرب جنين. كما أصيب ثلاثة شبان خلال اشتباك مسلح في مدينة طوباس إلى الشمال الشرقي من الضفة، أحدهم حالته خطيرة. ونفّذت مجموعات المقاومة في الضفة 246 عمليّة إطلاق نار تجاه أهداف الاحتلال والمستوطنات، منذ بداية معركة «طوفان الأقصى». وقال «مركز معلومات فلسطين» (معطى) إن جنين تصدّرت قائمة عمليّات إطلاق النار بــ 67 عملية، ثم نابلس بـ 43، وطولكرم بـ 30. كما نفذت المقاومة 26 عمليّة إطلاق نار في الخليل، و22 في مناطق القدس المحتلة، و18 في رام الله، و14 في أريحا، و8 في قلقيلية، و5 في طوباس، و3 في سلفيت. وارتقى، منذ بدء العدوان على غزة، 56 شهيداً في الضفة، آخرهم من بلدة بيتا قرب نابلس ظهر الأحد، خلال التصدّي لاقتحام المستوطنين جبل العرمة في البلدة، بينما استمرت التظاهرات الجماهيرية في مختلف قرى الضفة وبلداتها ومدنها، ليلاً ونهاراً، حيث يتّجه الكثير منها إلى نقاط التماس والحواجز العسكرية.
وعلى الصعيد السياسي، لا تزال السلطة الفلسطينية تحافظ على قدر كبير من الصمت إزاء العدوان على غزة، متنكّرة في الوقت نفسه لتصريحات عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عباس زكي، لقناة» الميادين»، والتي مدح فيها المقاومة في غزة، وتحديداً «كتائب القسام» و»سرايا القدس»، إذ قال مصدر مسؤول، لوكالة «وفا»، إن التصريحات التي أدلى بها زكي «لا تمثّل إلّا نفسه، ولا تعبّر عن موقف حركة «فتح» أو سياسة منظّمة التحرير الفلسطينية».وفي ظل الضوء الأخضر الأميركي لإسرائيل لارتكاب مجازر حرب، وتزويدها بكلّ أنواع الذخائر والقنابل التي تقصف بها غزة، وهرولة جميع المسؤولين الأميركيين لزيارة دولة الاحتلال وتقديم الدعم والإسناد لها، أجرى عباس اتصالاً هاتفيّاً بالرئيس الأميركي، جو بايدن، شكره فيه على جهود إدارته في السعي من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، مبدياً استعداد الجانب الفلسطيني للانخراط في «تحقيق السلام العادل والشامل في منطقتنا في أسرع وقت ممكن»، مؤكداً أن «الأمن والسلام يتحقّقان من خلال إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة كاملة». كما شدّد على «ضرورة الذهاب إلى الحلّ السياسي، وتنفيذ حلّ الدولتين المبنيّ على الشرعية الدولية والحرية والاستقلال لشعبنا في دولته المستقلّة على حدود عام 1967».