رام الله | على وقع تكشّف الخراب الهائل الذي خلّفه جيش الاحتلال في مخيم نور شمس قرب طولكرم، بعد عملية عسكرية استمرّت لأكثر من 24 ساعة، شيّع آلاف الفلسطينيين 13 شهيداً، بينهم 5 أطفال، اغتالهم العدو في المخيم، وسط التأكيد أن ممارسات الاحتلال تلك لن تثني المقاومة عن مواصلة القتال. وقد أكّد مقاومون تمكّنهم من تكبيد العدو خسائر بعد إيقاع قواته في كمائن قاتلة، وتحديداً في حارة المنشية، ما دفع جيشه إلى الاستعانة بالطائرات لتنفيذ عمليات قتل واغتيال. وقال أحد قادة «كتيبة نور شمس»، في مقطع مصوّر، إن «جيش الاحتلال فاشل ومهزوم، فبعد ساعات من محاولته اقتحام المخيم وفشله في ذلك وتكبيده خسائر، استخدم طائرات الأباتشي ضدنا»، ساخراً من نيّة جيش العدو الدخول إلى غزة بقوله: «إذا إحنا مخيم صغير كيلو بكيلو وما قدر يدخل عليه الجيش، بدو يقتحم غزة»، وأكّد أن المقاومة مستمرة و«الكتيبة» بخير.وخلال 30 ساعة من عملية اقتحام مخيم نور شمس، لجأ جيش الاحتلال إلى استخدام الطائرات المروحية، والمسيّرات الانتحارية التي اغتال بها العدد الأكبر من الشهداء، إضافة إلى قصف المنازل بصواريخ «الإنيرغا»، وتجريف الشوارع والطرقات وتدمير البنية التحتية والمركبات، الأمر الذي تسبّب بانقطاع الكهرباء وشبكة الإنترنت عن المخيم. في المقابل، أقرّ العدو بمقتل ضابط من وحدة المستعربين وإصابة 9 آخرين بجروح جراء انفجار عبوة ناسفة بهم. على أن العدوان المستمر على الضفة، لم يقتصر على «نور شمس»، إذ اقتحمت أكثر من 25 آلية عسكرية، قرية عوريف جنوبي مدينة نابلس، وحاصرت منزل عائلة الشهيد خالد صباح، منفذ «عملية عيلي» التي قُتل فيها 4 مستوطنين، وأجبرت العائلة على الخروج من المنزل، وهدمته بواسطة مواد متفجّرة. وترافق ذلك مع اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال التي أطلقت الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز، ما أدى إلى إصابة شاب بالرصاص الحي في الفخذ.
كذلك، شملت الاقتحامات الإسرائيلية العديد من القرى والمدن في الضفة، وتخلّلتها حملة اعتقالات واسعة، وسط اشتباكات مع الفلسطينيين. وبلغ عدد المعتقلين فجر الجمعة 80 على الأقلّ، بينهم نواب من المجلس التشريعي، وأسرى سابقون، وصحافيان. وتركّزت معظم عمليات الاعتقال في محافظتَي الخليل وبيت لحم، فيما توزعت البقية على محافظات رام الله ونابلس وطولكرم، ليرتفع عدد الحالات منذ السابع من تشرين الأول الجاري إلى أكثر من 930. أما الحدث اللافت فسجّلته مدينة جنين، حيث ذكرت مصادر عبرية أن مقاومين حاولوا، مساء الخميس، إطلاق صاروخ من المدينة في اتجاه مستوطنة «ميراف» شرقي جنين، لكنه سقط قبل السياج الفاصل بين الضفة الغربية والداخل المحتل.
لبّت مدن الضفة نداء المقاومة لمواصلة النفير العام، بمسيرات حاشدة تنديداً بالمجازر في قطاع غزة


في هذا الوقت، لبّت مدن الضفة، أمس، نداء المقاومة لمواصلة النفير العام؛ إذ عمّتها مسيرات حاشدة تنديداً بالمجازر في قطاع غزة وإسناداً للمقاومة، سرعان ما تحوّلت إلى مواجهات عنيفة بعد انتقالها إلى الحواجز العسكرية ونقاط التماس، حيث سُجّلت اشتباكات على مدخل بيت فجار جنوبي بيت لحم، ومفرق بلدة يتما جنوبي شرق نابلس، وشارع روجيب وكفر قليل ومدخل البيرة الشمالي وحوّارة، خلّفت عشرات الإصابات بالرصاص الحي، في عشرات المواقع. وبحسب «الهلال الأحمر الفلسطيني»، فقد بلغ إجمالي الإصابات التي تعاملت معها طواقمه أمس، 86 إصابة، 43 منها بالرصاص الحيّ، الذي أصاب، مِن بين مَن أصاب، الطفل صهيب الصوص (15 عاماً) في بيتونيا قرب رام الله، ليستشهد الأخير متأثراً بجروحه، والفتى عدي منصور (17 عاماً) الذي سقط شهيداً في بلدة حوارة. وفي سياق متّصل، وفي إطار محاولتها منع خروج أيّ تظاهرات جديدة في الداخل المحتلّ تنديداً بالعدوان على غزة، مدّدت «محكمة الصلح» في حيفا، أمس، اعتقال 11 شخصاً، من بينهم المحامي أحمد خليفة، إثر مشاركتهم في مسيرة احتجاجية في مدينة أمّ الفحم، الخميس الماضي، وذلك بتهمة «الإخلال بالنظام العام»، فيما أطلقت سراح الصحافي أنس موسى الذي كان اعتُقل رغم إبرازه بطاقته الصحافية لعناصر الشرطة.
أما القدس، فقد تحوّلت، في الجمعة الثانية من العدوان المتواصل، إلى ثكنة عسكرية بكلّ ما للكلمة من معنى، مع نشر الاحتلال مئات من عناصره في مناطق متفرّقة من البلدة القديمة وعلى أبواب المسجد الأقصى، وفرضِ قيود مشدّدة على الحواجز العسكرية المحيطة بالمدينة ومداخلها. وأعاقت قوات الاحتلال وصول المصلّين إلى المسجد الأقصى، ليقتصر عددهم على 5 آلاف فقط، بعدما كان يتجاوز 50 ألف مصلٍّ. كما قمعت حركة المصلّين في وادي الجوز بالمياه العادمة وقنابل الغاز المسيّل للدموع لمنعهم من الوجود في المكان، واعتدت على المصلّين في مقبرة اليوسفية وأبعدتهم عن محيط باب الأسباط قبيل صلاة الجمعة، ليؤدي العشرات من هؤلاء الصلاة في باب الأسباط ووادي الجوز ومحيط المسجد الأقصى، بعد منعهم من أداء الصلاة في المسجد. وبالتوازي مع ذلك، واصل المستوطنون، أمس، عشرات الهجمات على الفلسطينيين، وتحديداً المزارعين الذين شرعوا منذ أيام في موسم قطف الزيتون، وتحديداً في المناطق القريبة من المستوطنات أو جدار الفصل العنصري، حيث اعتدوا عليهم تحت حماية قوات الاحتلال، ومنعوهم من الوصول إلى مزارعهم، كما عمدوا إلى سرقة محاصيلهم.
يُذكر أنّ عدد الشهداء في الضفة ارتفع، منذ بدء العدوان، إلى 85، إضافة إلى أكثر من 1500 جريح، فيما تواصلت أعمال المقاومة والمواجهات في أنحاء الأراضي المحتلة كافة، حيث سُجّل 1120 عملاً مقاوماً، منها 324 عملية إطلاق نار، و42 عملية نوعية، وأكثر من 752 مواجهة واشتباكات، وعمليتا إطلاق صواريخ، أسفرت عن سقوط قتيلَين في صفوف الاحتلال وأكثر من 33 إصابة.