القاهرة | بينما تدخل الشاحنات المحمّلة بالمساعدات، ببطء، إلى قطاع غزة، عبر معبر «رفح» البري، منذ الجمعة الماضي، تضغط مصر لإدخال المزيد منها خلال الأيام المقبلة، بما يوفّر مستلزمات الحياة الأساسية لسكّان القطاع، فضلاً عن تأمين طرق لإيصال المعونات إلى قلب غزة وليس إلى الشريط الحدودي فقط. ويُعدّ مجموع ما وصل حتى الآن ضئيلاً جداً مقارنةً باحتياجات القطاع، والتي تزداد عمليات إدخالها تعقيداً بسبب القيود على المواد المسموح بنفاذها، و«العقبات اللوجستية» التي تطيل الوقت المستغرق في عملية تفريغ الشاحنات ونقل محتوياتها.وعلى الرغم من رفض الولايات المتحدة دعوة مصر إلى إيصال المساعدات إلى أنحاء غزة كافّة، وعدم الاكتفاء بإرسالها إلى المنطقة التي يعتبرها كيان الاحتلال الإسرائيلي «آمنة» للمدنيين، إلا أن مصر لا تزال تجري محادثات في هذا المجال مع أطراف أوروبيين، من بينهم فرنسا التي سيصل رئيسها، إيمانويل ماكرون، إلى القاهرة للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك خلال جولته في المنطقة، والتي تشمل إسرائيل أيضاً. وبحسب المعلومات، فإن ماكرون سينقل رسائل ما بين القاهرة وتل أبيب، في ظلّ التوتّر الذي يخيّم على علاقتهما منذ بدء العدوان على غزة.
وتحاول القاهرة، بحسب مصادر مطّلعة، التعجيل في إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وذلك عبر محاولة إقناع أطراف أوروبيين بإيكال هذه المهمّة إلى «الأونروا» حصراً، على أن تكون الأخيرة «ضامناً حقيقياً لمنع وصول المساعدات إلى حركة حماس» بما يكفل تسكيت المخاوف الإسرائيلية المزعومة في هذا الإطار. لكن في المقابل، لا تزال الإدارة الأميركية ترفض إيصال مستلزمات الإغاثة والإعاشة إلى مختلف أنحاء القطاع، ولو عن طريق «الأونروا»، وذلك على خلفية تبنّيها السردية الإسرائيلية التي تدّعي أن هذه المستلزمات ستقع في أيدي حركة «حماس»، وبالتالي تعيق تحقيق الهدف المعلَن من العدوان، والمتمثّل في «القضاء» على الحركة. وعلى رغم ما تَقدّم، فإن إعلان البيت الأبيض، مساء أمس، «أننا لم نرَ مؤشّرات حتى الآن إلى تحويل أيّ من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى حماس»، وحديث الخارجية الأميركية عن أن «مبعوثنا بحث احتمال تحويل الوقود إلى غزة»، ربّما يؤشّران إلى ليونة أميركية متوقّعة، توازياً مع بدء ظهور تغيير في لهجة الأطراف الأوروبيين الذين بدأوا يتحدّثون، للمرّة الأولى، عن إمكانية إرساء هدنة إنسانية.
وفيما يواصل كيان الاحتلال حصاره غير المسبوق على القطاع، بدعم غربي، وصولاً حتى إلى منع تدفّق الوقود، بما بات يهدّد المنظومة الصحية التي تواجه وضعاً كارثياً نتيجة الحصار، تعمل القاهرة حالياً على محاولة إدخال كميات من هذه المادة، لتوفير احتياجات المستشفيات اليومية بعدما بدأ مخزونها الإستراتيجي بالنفاد، علماً أن ثمّة كمّيات من الوقود ستصل قريباً من قطر إلى مصر لهذا الغرض. ويأتي تكثيف الضغوط المصرية في ظلّ عرقلة إدخال العدد المستهدف من الشاحنات خلال اليومين الماضيين، على الرغم من أن مصر جهّزت «رفح» بما يسمح بعبور نحو 500 شاحنة دفعة واحدة، بالإضافة إلى استمرار القصف الإسرائيلي للمناطق المتاخمة للمعبر، والغارات الجوية التي تجعل عملية تفريغ الشاحنات بالغة الصعوبة.