رام الله | رفضاً لزيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لرام الله، للقاء رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، تظاهر عشرات الفلسطينيين، مساء أمس، وسط المدينة، مندّدين بالانحياز الفاضح لباريس لمصلحة الاحتلال وجرائمه في غزة، فيما قاموا بحرق صورة ماكرون، مطالبين عباس بعدم استقباله، لأنه «غير مرحَّب به في فلسطين». لكن، مع هذا، استقبل «أبو مازن»، ماكرون وسط استنفار أمني وعسكري في رام الله، التي وصلها الأخير بعد توقّفه في تل أبيب، حيث التقى الزعماء الإسرائيليين، وجدّد أمامهم «تضامن» بلاده الكامل مع العدو، وتأييدها العدوان المستمرّ على غزة، في موازاة اقتراحه تشكيل «تحالف إقليمي - دولي» من أجل مواجهة حركة «حماس» وحلفائها، أو ما سمّاه الرئيس الفرنسي «الإرهاب».

وجاءت الدعوات إلى النزول إلى الشوارع والميادين، مساء أمس، أيضاً، مع انكشاف نيات الاحتلال بإعدام الأسرى، وذلك بعد الإعلان عن استشهاد أسير ثانٍ، في أقلّ من 24 ساعة، ما حدا بالحراكات الشبابية والأهلية إلى الدعوة إلى تصعيد التحرّكات الميدانية ردّاً على ما يتعرّض له الأسرى وغزة والقدس، فضلاً عمّا يشهده الميدان «الضفّاوي» نفسه من سخونة، مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في مدن الضفة وبلداتها، وتنوّعها ما بين الاقتحامات، والاعتقالات، والقتل، واقتحام المنازل وتدميرها، ومصادرة الأراضي، والتجريف، والبناء الاستيطاني، واعتداءات المستوطنين.
وعلى رغم ما يعيشه فلسطينيّو الضفة من حالة استنزاف متواصلة، على إثر اعتداءات الاحتلال وتطبيقه خطّة فصل المدن والبلدات بعضها عن بعض، من خلال الحواجز والبوابات العسكرية، وإغلاق مداخل البلدات بالسواتر الترابية، لا يتوقّف هؤلاء عن المقاومة بكلّ ما تملك أيديهم من أدوات، من الحجر إلى الرصاص إلى العبوات الناسفة، وهو ما يتجسّد يوماً بيوم في أنحاء الضفة، على غرار الكمين المحكم الذي نصبه مقاومون، فجر أمس، لقوات إسرائيلية قرب قرية برقة إلى الشمال الغربي من نابلس، والذي اعترف جيش الاحتلال بإصابة أحد جنوده فيه. وفي التفاصيل، ذكرت مصادر في القرية أن عبوة ناسفة أُلقيت على قوات الاحتلال، قبل أن يُصار إلى فتح النار عيها من قِبَل مقاومين تمكّنوا على إثر ذلك من الانسحاب بسلام، ليقتحم جنود العدو أحياء في البلدة، ويشنّوا حملة اعتقالات واسعة طاولت أكثر من 50 فلسطينياً، جلّهم من كوادر وقيادات «حماس»، وسط مواجهات واشتباكات سُجّلت أبرزها في بلدة جبع في محافظة جنين.
لا يتوقّف أهالي الضفة عن مقاومة الاحتلال بكلّ ما تملك أيديهم من أدوات


وتُضاف إلى اعتداءات الاحتلال، هجمات مستوطنيه في مناطق متفرّقة في الضفة، كان من بينها هجوم عشرات المستوطنين على بلدة بيت أكسا شمال غرب القدس المحتلة، حيث اعتدوا على ممتلكات المواطنين وأعطبوا مركباتهم، علماً أن بيت أكسا تُعدّ سجناً كبيراً يمارس العدو فيه عقاباً جماعياً في حقّ نحو 2500 من مواطني البلدة، ولا سيما أنه يقيم على مدخلها الوحيد حاجزاً عسكرياً، ما يمنع الأهالي من الدخول والخروج، بفعل التنكيل الذي يتعرّضون له هناك بصورة مستمرّة. كذلك، شنّ مستوطنون مسلّحون، فجراً، هجوماً على مساكن المواطنين في تجمّع عرب المليحات شمال غرب مدينة أريحا، ورشقوهم بالحجارة، لكن السكان تصدّوا لهم، علماً أن هذه المنطقة مستهدَفة بصورة دائمة من قِبَل المستوطنين، وتشهد وجوداً دائماً لهم، بهدف الضغط على الأهالي لترحيلهم.
أمّا في جنين، فقد استولت قوات الاحتلال على منزل في قرية فقوعة شمال شرق المدينة، بعد طرد أصحابه منه (8 أفراد)، وحوّلته إلى نقطة عسكرية. كما استولت على منزل مكوّن من طبقتَين في قرية جلبون شرق المدينة، وحوّلته إلى نقطة مراقبة عسكرية، بعد طرد أهله منه. وفي محيط مدينة أريحا أيضاً، واصلت قوات الاحتلال فرض إجراءات عسكرية مشدّدة، حيث أقدمت على إغلاق جميع مداخل المدينة بالحواجز العسكرية، ومنها المدخلان الشرقي (البوابة الصفراء) والجنوبي (شارع القدس)، والمدخلان الشماليان، وتفتيش المركبات بشكل عشوائي في الاتّجاهَين.
في هذا الوقت، شهدت مدينة القدس المحتلّة تصعيداً خطيراً تمثّل في إغلاق قوات الاحتلال، ظهر أمس، المسجد الأقصى بشكل مفاجئ، ومنعها دخول أيّ شخص لأداء الصلاة فيه، لتصبح هذه المرّة الأولى التي يُقدم فيها العدو على خطوة من هذا النوع، منذ أشهر. كذلك، هدمت قوات الاحتلال محلاً تجارياً في بلدة صور باهر جنوب القدس، بعد اقتحامها إياها، فيما هدمت منزلاً يقطنه سبعة أشخاص في بلدة جبل المكبر جنوب القدس أيضاً، وفرضت غرامة باهظة على صاحبه، بقيمة خمسة وثلاثين ألف شيكل (8800 دولار)، بحجّة البناء من دون ترخيص.
في المقابل، سُجّلت منذ بدء العدوان، حتى مساء أمس، في الضفة الغربية، نحو 1297 عملية مقاومة، منها 370 عملية إطلاق نار، وعمليتا إطلاق صواريخ من مدينة جنين نحو المستوطنات، و54 عملية نوعية، وأكثر من 870 مواجهة، خلّفت قتيلين و33 إصابة في صفوف الاحتلال، بينما بلغ عدد الشهداء قرابة 100، يضاف إليهم الشهيدان الأسيران عمر حمزة دراغمة وياسر حمدان اللذان قضيا في سجون الاحتلال.