القاهرة | تواصل مصر ممارسة ضغوط على الإسرائيليين والأميركيين، من أجل تسهيل عملية إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ولا سيما الوقود الذي بات نفاده يهدّد المنظومة الصحّية. وكشفت مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن اجتماعاً عُقد بين مسؤولين مصريين وإسرائيليين وأميركيين، رفضت خلاله القاهرة الرواية الإسرائيلية التي تشير إلى «وجود كمّيات كبيرة من الوقود في القطاع تكفي الاحتياجات، لكنّ حركة حماس تمنع استخدامها»، فيما طلبت واشنطن التأكّد من الأمر عبر «الأونروا». ومع ذلك، تأمل القاهرة، بحسب المصادر، تسهيل دخول المساعدات في الأيام المقبلة، في موازاة حلحلة ملفات أخرى، من بينها الإفراج عن بعض الأسرى المدنيين لدى حركة «حماس»، من دون مقابل، ولـ«دواعٍ إنسانية، كما في حالات كبار السن، أو أصحاب الأمراض المزمنة». كما تدافع مصر بأن «الوضع الحالي لن يؤثر على أهالي غزة فقط، بل سيحول دون توفير أساسيات الحياة لعشرات الأسرى في أيدي المقاومة، إلى جانب آلاف الأجانب الذين لم يتمكّنوا من الخروج من القطاع».إلّا أن مطالب القاهرة لا تزال تُقابَل باعتراضات إسرائيلية شديدة، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أن تل أبيب لا تنكر اعتبارها أن السبيل الوحيد «للقضاء على حماس»، يتمثّل في «الضغط على المدنيين في غزة، بما يساعد جيش الاحتلال على الوصول إلى الأنفاق ومواقع اختباء قادة الحركة وكذلك أماكن إخفاء السلاح وتجمُّع المقاتلين». ودخل عبر معبر رفح، إلى الآن، نحو 30 طنّاً من المساعدات، بوتيرة أبطأ بكثير من المتوقّع، وذلك على رغم الجهود المصرية للسماح بمرور الشاحنات إلى «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) وفق الطاقة القصوى المعتادة يوميّاً. ويرجع هذا البطء إلى أن التدقيق المشدّد الذي فُرض على عملية التفريغ ومراجعة الكميات التي دخلت إلى القطاع خلال الأيام الماضية، تطلّب وقتاً أطول لوصول الشاحنات، فيما لا يزال العديد منها ينتظر التعبئة والتجهيز.
وفي طريق سعيها إلى إزاحة تلك العقبات، تُواصل مصر مناقشاتها اليومية مع الولايات المتحدة، والتي تركّز، في الوقت الحالي، على التعامل مع الوضع الإنساني، وضمان استمرار الوساطة المصرية - القطرية للحفاظ على سلامة الرهائن المحتجزين. لكنّ المصادر تحذّر من أن هذه المناقشات قد تصل إلى طريق مسدود «خلال الساعات المقبلة إذا ما استمرّ الحصار ونفاد المواد الأساسية اللازمة للحياة في القطاع»، مؤكدةً أن مصر لن تسمح بتحويل العدوان الجاري إلى «حرب إبادة على الشعب الفلسطيني بأيّ ثمن». وبينما تُمارَس ضغوط اقتصادية على القاهرة من أطراف أوروبية وإقليمية، تبدي مصر استعدادها لتحمّل تبعات الموقف الحالي، وفق المصادر، التي تضيف أنه «لا يهمّ المصريين الطرفُ المنتصر في النهاية، ولكن ما يشغلهم دعم مسار إقامة الدولتين، وإحلال السلام في المنطقة».