القاهرة | رسائل في الحرب والسلم بعث بها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي من القاهرة، أمس، خلال حضوره تدريبات عسكرية للفرقة الرابعة المدرّعة في الجيش الثالث الميداني في السويس، وإجراءات رفع كفاءتها القتالية وتطويرها لتمكينها من القيام بمهامها القتالية وحماية الحدود المصرية، في رسالة تأكيد لجاهزية الجيش للحرب في حال دُفع إليها. وخلال التدريبات، استعرض الجيش مشاركته في الدفاع عن قناة السويس، ودوره في حرب السادس من تشرين الأول عام 1973، في فيديو تحت عنوان «طريق النصر»، اختُتم بكلمة سابقة للسيسي يتساءل فيها «(لماذا) محدّش يقدر يعتدي على مصر بشكل مباشر؟» ليجاوب: «لأسباب كثيرة، منها أن مصر لديها جيش هو الأقوى في المنطقة، جيش وطني شريف صلب». واعتبر السيسي، في كلمته بالمناسبة، أن مستوى التدريبات الذي شاهده، وبُثّ على شاشات التلفزيون مباشرة، يدلّ على الجاهزية التامة للقوات المسلحة، مضيفاً أن إحدى أهمّ سمات الجيش المصري الذي يدافع عن حدوده ويحميها «قوته الرشيدة في البناء والحماية وعدم الاعتداء»، موجّهاً حديثه إلى المواطنين والقوات المسلّحة بالقول: «علينا الانتباه من أن أوهام القوة قد تدفع إلى اتخاذ قرار أو إجراء غير مدروس بدعوى أنه كان ناتجاً من غضب أو حماسة زائدة عن اللازم» في إشارة إلى المطالبات بالتدخل العسكري لفكّ الحصار عن قطاع غزة. وتابع: «مصر لم تكن أبداً تتجاوز حدودها وأهدافها، وتحافظ دوماً على أرضها وترابها». كذلك، شدّد السيسي على أهمية التعامل مع الأزمات بـ«عقل وصبر»، من أجل تحقيق «كل الأشياء الممكنة من غير وقوع في أي تجاوزات في استخدام القوة أو القدرات»، مؤكداً بذل كل الجهود الممكنة من أجل وقف نزيف الدم واحتواء التصعيد في قطاع غزة، ومساندة المدنيين، وتوفير المساعدات الإنسانية التي يحتاجون إليها بشكل يومي.وفي السياق، ذكرت مصادر مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «عرض التدريبات في الإعلام له أهداف عدّة، في مقدمتها إظهار جاهزية الجيش للتعامل مع أيّ طارئ في ظلّ حالة الاستنفار الموجودة راهناً، بالإضافة إلى الرد على الانتقادات التي تصف الموقف المصري بالضعيف في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية». وأكّدت المصادر أن خيار التلويح بالحرب «مستبعد» لدى القاهرة، رغم تردّي العلاقات مع تل أبيب، لكنها جاهزة له في حال اضطرارها. وحول اللقاء الذي جمع السيسي مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس، أوضحت المصادر أن السيسي اقترح عليه عدّة صيغ لتسريع وتيرة عبور المساعدات إلى غزة، من بينها «إيجاد فريق أوروبي يقوم بمراجعة الشاحنات خلال تجهيزها قبل العبور بما يختصر الفترة الزمنية التي تسبق وصولها إلى القطاع»، وهو ما سيتمّ بحثه في الأيام المقبلة. وبحسب المصادر، طلب السيسي من ماكرون أيضاً «الضغط لدعم هدنة ولو قصيرة الأجل لأغراض إنسانية يجري فيها السماح بخروج المرضى والجرحى لتلقّي العلاج وإدخال المساعدات»، وهي خطوة يعتبر أن من شأنها «تسهيل أيضاً عملية خروج الأجانب الموجودين في غزة»، فيما تلقّى وعداً من ماكرون بمناقشتها مع الولايات المتحدة وأطراف أوروبية أخرى في الأيام المقبلة. وعلى الرغم من أن الرئيس الفرنسي أبدى للسيسي تفهّمه للوضع الإنساني الصعب وضرورة الإسراع في إدخال المساعدات، إلا أنهما خاضا نقاشاً مستفيضاً حول «حماس»، التي تعتبرها فرنسا «جماعة إرهابية متطرفة»، وهو ما ردّ عليه السيسي بطلب البحث عن حلّ جذري للقضية الفلسطينية أولاً، ومن ثمّ سيجري التعامل بشكل تلقائي مع موقف «حماس». مع ذلك، اتّفق الجانبان على أن «استمرار الأوضاع الحالية يهدد ليس فقط الأمن المصري ولكن أيضاً الأمن الإسرائيلي». وبحسب المصادر، فقد حذّر السيسي ماكرون مع أن وضع أكثر من مليونَي شخص في مساحة لا تتعدّى عشرات الكيلومترات لن يؤدي فقط إلى ظهور بؤرة لجيل مِن مَن سمّاهم «المتطرفين»، بل سيولّد تهديداً يطاول أيضاً كيان الاحتلال نفسه، كما قال.