بدأ دوام القصف الإسرائيلي على خراج عيتا الشعب أمس باكراً. عند الظهر، أطلقت مدفعية العدو في مواقع الراهب وراميا وبرانيت قذائف فسفورية على التلال الحرجية الواقعة في سفحها. في ساحة البلدة القديمة، وعلى وقع دويّ القذائف وارتفاع سحب الدخان الأبيض من خلف البيوت، كان شبان يزيّنون الساحة لاستقبال موكب تشييع الشهيد حسين علي باجوق.ما إن صدح نشيد «على طريق القدس»، وأطلّ النعش الذي لُفَّ بالعلم الأصفر من أحد الأزقّة، حتى تدفّق المئات إلى ساحة البلدة التي يسودها التوتر منذ بدء العدوان الإسرائيلي على الحدود الجنوبية. عجائز ونساء وأطفال أطلّوا من الشرفات والأسطح ومداخل البيوت التي أعيد بناء معظمها بعد عدوان تموز 2006. بعض من اضطروا للنزوح إلى مناطق أكثر أمناً خشية تدهور الأوضاع يتبادلون التحيات مع من بقوا رغم تهديدات العدو.
«أم ساجد» باجوق لم تترك منزلها المقابل لموقع الراهب كما فعلت في عدوان تموز. في الأيام الأخيرة للعدوان عام 2006، طلب منها شباب المقاومة المغادرة بعد اشتداد المواجهات مع العدو وتضرّر منزلها بالقصف وإصابة زوجها بقذيفة حارقة أقعدته ثلاثة أشهر في مستشفى الجعيتاوي. تشير إلى الساحة التي شهدت مواجهات عنيفة في عدوان 2006، ورُفعت فيها لافتة لـ«أول شهيد لعيتا على طريق القدس»، وتؤكد أن «الإسرائيليين إذا فكّروا بالدخول سينالون درساً أقسى من طوفان الأقصى». جارتها، «أم جواد» سرور، تقول: «عايشت فترة سعد حداد (مؤسس جيش العملاء) واجتياح الـ 78 وسنوات الاحتلال. أنجبت أولادي الخمسة على روزنامة إسرائيل من اجتياح 1982 حتى عناقيد الغضب عام 1996. وفي النتيجة، ها هم جميعاً عسكر يتقدمون التشييع». فيما تشرح «أم محمد، بـ«اللهجة العيتاوية»، الفارق بين عدوان تموز وطوفان الأقصى: «قبل 17 عاماً، لم يكن لديّ أحفاد. الآن، لديّ 18 حفيداً، سائرون على خط آبائهم ومتحمّسون لتكرار بطولاتهم».
على جنبات موكب التشييع، تنقّلت آية صالح لتستظل بالشجر والجدران من حر الشمس ومن شظايا القذائف التي تتطاير فوق الجموع. تخبّئ في عباءتها السوداء طفلها ذا الأيام الستة. ابنة الواحد والعشرين عاماً، كانت في الرابعة من عمرها أثناء عدوان تموز. «الطفولة والمراهقة والشباب في عيتا الشعب مختلفة. قبل 17 عاماً، دُمّر بيت أهلي. بعد انتهاء العدوان، عدنا إلى عيتا وارتضينا بأن نقيم في غرفة واحدة في المدرسة الرسمية لعامين حتى أعدنا إعمار البيت».
إلى ذلك، شيّع حزب الله، أمس أيضاً، الشهيد كميل حسين سويدان في بلدة حانين في الجنوب، وأعلن استشهاد حسين محمد علي حريري (النبطية) وعلي إبراهيم جواد (لبّايا - البقاع الغربي) وطه حسين طه (النبطية).
وفي إطار المواجهات المستمرة بين العدو والمقاومة، أقرّت وسائل إعلام صهيونية بتحطّم طائرة من دون طيّار تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في الشمال الثلاثاء، مشيرة إلى أن سقوطها على شُرفة منزل أدّى إلى إصابة 7 أشخاص.