يقوم هذا الخيار على فكرة بقاء غالبية السكان في غزة. على أن يكون هناك حكم عسكري إسرائيلي؛ كحلّ موقت. بالتزامن مع بناء قيادة سياسية عربية محلية، غير إسلامية، لإدارة الجوانب المدنية في إطار يشبه إطار شكل الحكم القائم في الإمارات العربية المتحدة. ولا يمكن في الأفق المنظور رؤية حلٍّ دائم في إطار هذا الخيار. مع الأخذ في الحسبان أنه بعد انتهاء الحرب، ستكون المسؤولية الإنسانية ملقاةً بالكامل على إسرائيل.وتنفيذ هذا الخيار يتطلّب القتال في منطقة كثيفة السكان، ويترتب عليه أيضاً المخاطرة بحياة الجنود، ويحتاج وقتاً طويلاً. وفي هذا الخيار أيضاً، فإنّ إطالة أمد القتال، يفاقم خطر فتح جبهة ثانية في الشمال. كما أنّ حماس ستستغل الأمر لمصلحتها، إذ ستنشر صوراً تمثّل «قتل إسرائيل السكان المدنيين».
أما من ناحية فرض تغيير أيديولوجي، فإنه في ظلّ غياب لحركات محلية تعارض «حماس»، يصعب إيجاد من يمكن تنصيبه حاكماً على القطاع. وحتى لو قامت زعامة محليّة على الطراز الإماراتي، فإنّ هذه القيادة ستظلّ من أنصار «حماس».
كما أن وضعاً كهذا سوف يُعقّد، إمكانية فرض التغيير الأيديولوجي المطلوب، واجتثاث شرعية «حماس». وللمقارنة، فإن السلطة الحاكمة بعد احتلال ألمانيا، استندت عملية نزع النازية منها، إلى زعماء عارضوا النازيين. أما في ظلّ عدم وجود حركة محلية واسعة التأييد ملتزمة باجتثاث «حماس»، سيكون صعباً فرض التغيير الأيديولوجي المطلوب.
أما لناحية التداعيات الإستراتيجية، فإنه على المدى القصير، سيشكل إسقاط «حماس» وإعادة احتلال القطاع خطوتين مهمّتين لاستعادة قدرة الردع الإسرائيلية، وتغيير الواقع. لكن، يبدو أن التأثير الرادع لن يكون كافياً وملائماً، إذا ما قورن بخطورة الهجمة المفاجئة. كما أنّ الرسالة التي ستصل إلى كلٍّ من حزب الله وإيران لن تكون صارمة بما يكفي. سيظل القطاع أرضاً خصبة لمحاولات استنبات منظمات إرهابية جديدة، وفرض نفوذها على القطاع.
ومن المرجّح أن تحظى هذه الخطوة بدعم الدول الخليجية، بسبب الضربة القاسية التي ستتعرض لها حركة الإخوان المسلمين، إلّا أن عدد القتلى في أوساط أبناء غزة، وهو أمر سيكون ضرورياً في هذه الخطوة، سيصعّب الأمر. وعلى المدى الطويل، ستكون هناك ضغوط إسرائيلية داخلية ودولية لاستبدال الحكم العسكري الإسرائيلي بحكم عربيّ محلي، وما من ضمانة أن القيادة الجديدة ستكون معارضة لتوجّهات «حماس».
وبالتالي، فإنّ أيّ حكم عربي محلي سيلاقي صعوبات في تحقيق التغيير في السردية الأيديولوجية المطلوبة، ذلك لأن هنالك جيلاً كاملاً من البشر في غزة، تربّى في حضن أيديولوجيا «حماس»، وسيعيش الآن أيضاً تجربة الاحتلال. وعليه، فإنّ السيناريو المحتمل لن يشمل حدوث تغيير في التصوّر الأيديولوجي، بل سيؤدي إلى قيام حركات إسلامويّة جديدة يُحتمل أن تكون أكثر تطرّفاً. وفي الخلاصة أيضاً، فإنّ هذا الخيار لا يؤمّن لإسرائيل عوائد إستراتيجية طويلة الأمد. بل قد يتحوّل إلى عبء إستراتيجي في سنواتٍ قليلة.