القاهرة | رفضت مصر رفضاً قاطعاً مقترحاً أميركياً - إسرائيلياً بإسناد مهمّة إدارة قطاع غزة إليها بعد الحرب، مقابل حصولها على مساعدات مالية مباشرة تضمن توفير احتياجات سكان القطاع، وإخلاء هذا الأخير من السلاح بشكل كامل، وهو ما أبلغت القاهرة، بالتنسيق مع عمّان، واشنطن وتل أبيب، استحالة تنفيذه، فضلاً عمّا سيسبّبه من ضرر للقضية الفلسطينية وإرجاء جديد لـ«حلّ الدولتين». ووفق مصادر مصرية مطّلعة، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن اتصالات ديبلوماسية مكثّفة جرت على أعلى المستويات خلال الأيام الماضية، وتناولت مستقبل الحكم في القطاع. وأشارت المصادر إلى أن مصر استغربت التعجّل في هذا الطرح، بينما الحرب لم تنتهِ بعد، مشددةً على أن الأهمّ في الوقت الحالي معالجة الوضع الإنساني الحرج في غزة.في هذا الوقت، سُجّل توتّر على خطّ العلاقة بين مصر و«حماس» في الساعات الماضية، في ظلّ مطالبة القاهرة بإشراك السلطة الفلسطينية في التحرّكات الديبلوماسية الجارية، الأمر الذي لم يلقَ تجاوباً، ودفع السلطات المصرية إلى إعادة التلويح بمهاجمة الحركة، وهو ما بدأت تَظهر بعض بوادره بالفعل على ألسنة سياسيين محسوبين على النظام المصري، إنما بنبرة هادئة حتى الآن. وتبرّر مصر هذا الطرح بضرورة وجود موقف فلسطيني موحّد «تحت مظلّة السلطة الفلسطينية المعترف بها»، التي سعت مصر لديها أيضاً من أجل تقديم تنازلات تفيد الطرح المذكور، الأمر الذي لقي دفعاً من السعودية كذلك. وتتمسّك القاهرة برؤيتها أن أيّ حلّ لأزمة غزة «يجب أن يكون في إطار الدولة الفلسطينية»، معتبرةً أن أيّ حلّ آخر ستكون له تداعيات كارثية ليس على مصر فقط، وإنما أيضاً على كيان الاحتلال «الذي يسعى إلى القضاء على حركة حماس بشكل يدمّر القطاع وساكنيه»، وهو ما ستجدّد إبلاغ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، به، خلال جولته في المنطقة.
على خطّ موازٍ، اقتربت المفاوضات المصرية - الإسرائيلية - الأميركية من التوصّل إلى اتفاق بشأن إدخال الوقود إلى قطاع غزة خلال الأيام المقبلة، وإتاحته حصراً للمستشفيات داخل القطاع، بما يسمح لها بمواصلة العمل. لكن ما يعيق الاتفاق، إلى الآن، تمسّك كيان الاحتلال بادّعائه أن «حماس» ستقوم باستخدام وقود المستشفيات لمصلحة مقاتليها، وهو ما تحاول مصر تجاوزه بتقديم ضمانات بتحديد الكميات وفق احتياجات المستشفيات، مع التحذير من أن خروج ما تبقّى من مرافق طبية عن الخدمة ستكون له تداعيات كارثية. وبينما لا يزال التفاوض مستمرّاً من أجل تسهيل إجراءات إدخال الشاحنات وزيادة الكميات التي تدخل إلى القطاع يومياً، انتظم لليوم الثاني العمل في معبر رفح البري، حيث جرى إخراج دفعة جديدة من الأجانب ومزدوجي الجنسية الذين علقوا في غزة مع اندلاع الأحداث، في وقت يُفترض فيه أن تستمرّ هذه العملية ما بين أسبوع و10 أيام. وتجري مصر، بالتنسيق مع دولة الاحتلال، عملية مراجعة لجميع الأسماء الخارجة من القطاع، بما فيها أسماء المصابين وذويهم، مع التشديد على السماح للمغادرين من أجل تلقّي العلاج، بالعودة فور تماثلهم إلى الشفاء. وتأمل القاهرة إخراج عدد أكبر من المصابين خلال الأيام المقبلة، ولا سيما في ظلّ رفض تل أبيب السماح بإدخال كوادر طبية عبر المعبر لدعم الأطباء في القطاع.