بعدما منعت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بثّ خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، قام عدد من القنوات الإسرائيلية، وخاصة قناة «كان» و«قناة 13»، ببث مقتطفات من الخطاب، نقلاً عن قناة «الميادين» مع التحريف بالترجمة العبرية للخطاب، كي لا يحدثوا ضرراً بالجبهة الداخلية الإسرائيلية. كما طلب قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من المعلّقين الإسرائيليين الذين تناولوا تحليل الخطاب عدمَ التذرّع بالموضوعية وتكرار بعض ما قاله السيد نصر الله في خطابه، بل التركيز على التخفيف من آثاره، وخاصة أن الخطاب تضمّن مواقف ومعلومات متعدّدة، إضافة إلى توصيفه لحالة نتنياهو وغالانت وهاليفي، الذين كانوا نياماً وفي حالة سكر حين حصول عملية «طوفان الأقصى».ورغم أن الخطاب مخصّص في جزء أساسي منه للإضاءة على العدوان على غزة وأحقّية قضية فلسطين ومظلومية شعبها وحكاية مقاومته وصموده في الذاكرة والعقل والقلب والوعي والإرادة والأمل والوجدان والتطلع إلى المستقبل، بعيداً عن مسار القتل والتدمير والإحباط الذي يحاول الإحتلال الإسرائيلي وداعموه فرضه بالمجازر والتهويل والخذلان، إلا أن معركة «طوفان الأقصى» والمواجهات التي تخوضها المقاومة في غزة وجنوب لبنان حضرت في كلام فيه حبّ وتقدير تجاه الشعب الفلسطيني. عبارات حملت مسار الروح الواحدة والمقاومة الواحدة وتحديد العدو الواحد الذي لن ينال جراء عدوانه سوى الهزيمة أمام صلابة الفلسطينيين وصمودهم وصبرهم وتحمّلهم، وصولاً إلى إعلان النصر الغزاوي والفلسطيني الكبير في هذه المعركة الفاصلة.
وقد استقبل الشعب الفلسطيني، الذي لا يُقهر، خطاب السيد نصر الله بمشاعر الأمل والاعتزاز بقائد واثق بأن الزمن القادم سوف نتنشّق فيه رائحة فلسطين وزيتونها وبرتقالها في قلبها وفي داخلها، وهذا واقعي جداً وأمل لا شفاء منه. وبهذا الأمل تابع الشعب الفلسطيني داخل مناطق الـ 48 والضفة الغربية والشتات وغزة، رغم صعوبة المتابعة بسبب فقدان الكهرباء وأوقاتها الحالكة، خطاب السيد نصر الله، باعتباره الرمز المشعّ الذي يؤكد دائماً على محبته ونصرته للشعب الفلسطيني الذي ينهض من تحت الدمار مقاوماً واثقاً بالنصر بعد الكثير من التضحيات بشجاعة وحب وصبر يكسر كل مستحيل.
وقد شعر الفلسطينيون بالفرح الكبير عندما تحدّث السيد نصر الله عن صبرهم وصمودهم وإبداعهم، وتحديده لهدفين أساسيين يتعلّقان بوقف الحرب والعدوان وانتصار المقاومة، وتحديداً «حماس» التي تحرّكت ومعها كل فصائل المقاومة الفلسطينية دفاعاً عن الأسرى والأقصى ووقف الحصار ومشاريع الاستيطان وما أحدثه هذا التحرك من زلزال ستكون له تداعيات استراتيجية على حاضر الكيان ومستقبله المرتبط بالزوال في المدى القريب أو البعيد. تبقى الإشارة إلى دهشة نتنياهو وخيبته بعد انتهاء الخطاب حين هتف شباب في غزة: يا الله يا الله، احفظ لنا نصر الله!
* كاتب فلسطيني