القاهرة | شهدت الاجتماعات التنسيقية بين مصر ودولة الاحتلال والولايات المتحدة، إلى جانب الأردن، خلال اليومَين الماضيَين، حالةً من التوتّر، سواء على مستوى اللقاءات الجماعية، أو الاتصالات الثنائية، في ظلّ تحذيرات واضحة لا تفتأ القاهرة تُطلِقها من خطورة استمرار الوضع في غزة على ما هو عليه، وتأكيدها أن من شأن ذلك أن يتسبّب بتداعيات كارثية ستطاول مختلف دول العالم، ولا سيما أنه قد يمهّد لفتح الجبهتَين السورية واللبنانية. وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن القاهرة أخبرت كلّاً من واشنطن وباريس وبرلين، في اتصالات جرت بين هذه العواصم على مستوى رفيع، أن «استمرار الوضع في غزة بصورته الراهنة سيهدّد تدفّق الغاز إلى أوروبا، فضلاً عن تداعياته على آلية التعاون مع إسرائيل في المنطقة، بعد تدمير كلّ النتائج الإيجابية التي تحقّقت بفعل اتفاقات أبراهام». وكشفت المصادر أن موقف البحرين والأردن الأخير جاء في إطار تصعيد منسّق بين الدول العربية، ربّما تتبعه مواقف أكثر حدّة.كذلك أكدت أن القاهرة تعمل ديبلوماسياً على «كشْف التخبّط الإسرائيلي في إدارة الأزمة، في ظلّ غياب القدرة على التعامل مع الوضع عسكريّاً، وخاصّة أن تل أبيب لم تضع هدفاً قابلاً للتحقّق على الأرض». وفي هذا الجانب، تقرّ عواصم أوروبية بأن مسألة القضاء على «حماس»، «أمر لا يمكن تحقيقه، لكن يمكن تقويض قوّة الحركة العسكرية عبر الحصار واستنزاف مواردها، وهو ما تحاول إسرائيل التشديد عليه في رؤيتها». وتضمّنت الرسائل المصرية إلى الأوروبيين، أيضاً، تأكيداً أن «الأزمة السياسية في كيان الاحتلال، والمفاجأة التي أحدثتها حماس مع انطلاق معركة طوفان الأقصى، أدت إلى صدمة كبيرة، وأثّرت على متّخذي القرار الذين يحاولون الدفاع عن وجودهم ونفي مسؤوليتهم عن الأخطاء التي حدثت أمنيّاً من جانبهم في البداية». كما شدّدت على أنه «لا يجب أن تكون نتيجة هذا الأمر تضرُّر سكان قطاع غزة فقط، ولكن أيضاً المصالح الاقتصادية والسياسية للأوروبيين في المنطقة».
وفي مقابل التعهدات المصرية بتأمين المنطقة الحدودية مع قطاع غزة حال وقف إطلاق النار، و»منع عمليات التهريب»، بما لا يسمح بإدخال أيّ أسلحة إلى القطاع، تعرض القاهرة هدنة إنسانية يمكن تمديدها لأطول وقت ممكن من أجل إدخال المساعدات، مجدّدةً رفضها تهجير أهالي القطاع، وهي رسائل قد تتّضح مفاعيلها على أرض الواقع خلال الساعات المقبلة، وخاصّة في ظلّ التواصل المكثّف بين القاهرة وواشنطن.
وإلى الآن، يبدو أن الاتصالات التنسيقية التي تستهدف الضغط على الولايات المتحدة وعدم انتظار قرار منفرد منها في ظلّ التخبّط الذي يسم مواقفها والتباين في ما بينها وبين إسرائيل، أسفرت عمّا تَعتبره مصر «تقدُّماً ملحوظاً»، وخصوصاً من جانب فرنسا التي وعدت بإرسال مساعدات إلى الغزّيين، فضلاً عن اتصالات يقوم بها رئيسها، إيمانويل ماكرون، وفريقه، من أجل التهدئة، وتجنّب تصعيدٍ قد يشمل الجبهة اللبنانية. وعلى رغم «تحفّظات» الدوائر الرسمية المصرية على بعضٍ ممّا ورد في كلمة الأمين العام لـ»حزب الله»، السيد حسن نصر الله، إلّا أن القاهرة تقدّر مواقف الحزب، والضغوط التي يمارسها على دولة الاحتلال، في وقت ترى فيه أن غياب التنسيق المعلَن مع بعض الأطراف في الوقت الحالي، أفضل عمليّاً، من أجل إتاحة الفرصة لكلّ طرف للقيام بدور أكثر تأثيراً لوقف الحرب.